الوقت- بعد شبه قطيعة دامت لأكثر من خمس سنوات أثمرت جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري عن بدء تشكيل جلسات الحوار بين حزب الله من جهة وتيار المستقبل من جهة اخرى. الجلسة الاولى عقدت في أواخر كانون الاول من العام 2014 في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بحضور الرئيس بري شخصيا ومعاونه السياسي الوزير علي حسن خليل، ومثل تيار المستقبل نادر الحريري مدير مكتب الرئيس الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، اما عن حزب الله فحضر الحاج حسين الخليل المعاون السياسي للسيد نصرالله والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله. وبالرغم من الخلافات الكبيرة في وجهات النظر بين المستقبل وحزب الله على أكثر من صعيد خاصة فيما يتعلق بالنزاعات الدائرة في المنطقة عامة وفي سوريا خاصة فقد اجمع الفريقان على مبدأ استمرارية الحوار ايمانا منهم بأن تخفيف الاحتقان المذهبي صار ضرورة في بلد مثل لبنان تحيط به الحروب وتتعدد فيه المذاهب.
جدول
اعمال الحوار يتمحور حول خمس مواضيع اساسية، وهي تخفيف الاحتقان المذهبي
السائد في لبنان والعمل على معالجة اسبابه، مواجهة الارهاب الذي يتهدد
لبنان، قانون الانتخابات النيابية، تفعيل العمل الحكومي، واخيرا الاستحقاق
الرئاسي حيث يعاني لبنان من فراغ رئاسي تخطى عتبة السنة. وقد اتفق طرفا
الحوار على عدم النقاش بالنقاط الخلافية الاساسية كقتال حزب الله في سوريا
او سلاح حزب الله، منعا من الوصول الى حائط مسدود يهدد بتطيير الحوار،
الأمر الذي يتجنبه الطرفان منعا لجر البلد الى مزيد من التأزيم.
ويرى البعض أن لا جدوى من الحوار الدائر وانه مضيعة للوقت ليس الا وقد حكموا بفشل الحوار قبل انطلاقه، حتى من داخل تيار المستقبل الذي انقسم بين مؤيد ومعارض للحوار قبل ان يرضخ المعارضون لقرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي أكد على ضرورة قيام الحوار واستمراره، عاكسا رغبة سعودية، كما يتحدث مقربون منه، بتخفيف الاحتقان للمحافظة على الاستقرار الداخلي اللبناني لما فيه مصلحة لكل الأطراف الداخلية والخارجية. ولا يخفى على احد التاثير الايجابي لجهة تخفيف الاحتقان الذي خيم على لبنان مع بدء انعقاد جلسات الحوار، حيث يرى مطلعون انه بمجرد جلوس مسؤولين من الطرفين الأكثر اختلافا في السياسة على طاولة واحدة من شأنه حلحلة بعض المشاكل وقطع الطريق على دعاة الفتنة والتحريض المذهبي.
هذا ويكمن الخلاف بين "حزب الله" و"المستقبل" على أكثر من صعيد كالموقف من الحرب الدائرة في سوريا والعراق والعدوان السعودي على اليمن اضافة الى الخلافات الداخلية المتعددة بدءاً من مسألة السلاح في الداخل وصولا الى مسألة انتخاب رئيس للجمهورية والمسؤولية عن الفراغ في منصب الرئاسة والتعيينات في المؤسسة العسكرية والعديد من الملفات الأخرى، الا أن الفريقين اتفقا على ضرورة تحييد لبنان والسعي الى تحصين ساحته الداخلية لمنع انفجار الوضع وتفاقم الأزمة. بالاضافة الى ما سبق يسعى الطرفان الى تعزيز اداء حكومة الرئيس تمام سلام، وعدم اضعاف التعاون والتضامن داخلها نظرا الى الشغور في كرسي الرئاسة وغياب الحوار الوطني وعدم التشريع في المجلس النيابي، فتبقى الحكومة هي الضمانة الوحيدة في هذه الظروف. وفيما يتعلق بالملف الرئاسي يرى المتحاورون ضرورة التوصل لاتفاق وملء الفراغ في قصر بعبدا، الا انه حتى الان لم يتطرق الطرفان الى التداول بالاسماء.
وبعد مرور ثمانية اشهر على انطلاقة الحوار وعلى امتداد اربعة عشر جلسة، لا يزال الطرفان متفقين على ضرورة السعي قدما في تقريب وجهات النظر، ورغم التقدم البطيء وعدم تسجيل نقاط تلاقٍ تذكر، الا أن ما يؤكده الفريق المتحاور انه مجرد الجلوس على طاولة الحوار له قيمة كبيرة انعكست على شارع كلا الفريقين بعد أن كادت الأحداث الاقليمية تنزلق بالبلد الى المجهول، فالفريقان أي حزب الله وتيار المستقبل وبعد كل جلسة يجددون التزامهم باستمرار هذا المسار، ويؤكدون على أهمية اتخاذ الاجراءات اللازمة من خلال الدولة لتثبيت الأمن والاستقرار وحماية السلم الداخلي.
واخيرا يجدر بالذكر ان الحوار الدائر بين حزب الله والمستقبل اسس لعدة حوارات بين الاطياف اللبنانية كافة، وخاصة على الصعيد المسيحي- المسيحي، وعلى اصعدة اخرى ورغم الاختلاف الشاسع بينهم يدرك اللبنانيون انه لا بديل عن الحوار مهما عظمت الازمات وطالت القطيعة.