الوقت- شهد هذا الأسبوع اجتماعاً بين رئيس أمريكا ورئيس كوريا الشمالية في سنغافورة حيث يريد كيم جونغ أون التفاوض على اتفاقية سلام مع دونالد ترامب، ولكن على شروط بيونغ يانغ.
وفي هذا الصدد قالت صحيفة الاندبندنت إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيجتمع والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في قمتهما المرتقبة في سنغافورة، ولكي تكون القمة منتجة، يجب أن تتقارب المفاوضات على أدنى المصالح المشتركة التي يمكن أن يتفق عليها الطرفان، ولقد رأينا ذلك في القمة بين الكوريتين، حيث استقرّ رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-جون وكيم جونغ أون على تدابير بناء الثقة كنقطة انطلاق لمزيد من المفاوضات الجوهرية.
وتابعت الصحيفة إنه وبالنظر إلى عجز الثقة الذي طال أمده بين أمريكا وكوريا الديمقراطية، فليس من الواضح أين قد يجد ترامب وكيم هذا القاسم المشترك الأدنى لفتح مسار لبناء الثقة.
كوريا الشمالية غير ملتزمة بنزع السلاح النووي حيث إن تفسير كوريا الشمالية لبلد خالية من الأسلحة النووية يعني ضمناً التخلي الكامل عن الأسلحة النووية المتزامنة مع جميع القوى النووية، بما في ذلك أمريكا.
وهنا، يمكن لكوريا الشمالية أن تتحدث بلغة نزع السلاح النووي دون الاضطرار إلى الالتزام "بنزع السلاح النووي الكامل، القابل للتحقق منه، والذي لا رجعة فيه"، فتكمن المشكلة في إصرار ترامب في أنه لا توجد نقطة بداية مقبولة بشكل متبادل لإجراء مناقشة مع كوريا الشمالية حول هذه الشروط، ولا توجد نتيجة يتخلى فيها النظام طواعية عن برنامج أسلحته النووية، لأن نظام كيم مستثمر بشدة في الأسلحة النووية كأساس لاستراتيجيته الأمنية، ومسار للتنمية الاقتصادية، والشرعية السياسية الداخلية.
التنازل الحقيقي الوحيد الذي على واشنطن أن تقدمه هو إبرام معاهدة رسمية، ألمح ترامب إلى أن "التوقيع على وثيقة" لإغلاق الأعمال العدائية هو احتمال (على الرغم من أنه لم يصل إلى حد تقديم اتفاقية سلام رسمية).
ما الذي يجب على كوريا الشمالية تقديمه لأمريكا، أي دون نزع السلاح النووي؟ لقد رأينا بوادر حسن النية في الفترة التي تسبق القمة، إن الأنفاق التي هدمتها كوريا الشمالية مؤخراً في موقع التجارب النووية في بونغاي ري هي بمثابة بادرة على حسن نواياها لواشنطن، حيث تقدّم منشأة عفا عليها الزمن الآن، وأفرجت كوريا الشمالية عن ثلاثة مواطنين أمريكيين وسلّمتهم لوزير الخارجية مايك بومبيو في زيارة قام بها مؤخراً إلى بيونغ يانغ، حيث اعتُقل هؤلاء الأمريكيون في كوريا الديمقراطية بتهمة التجسس.
واستطردت الصحيفة بالقول: كلا الطرفين لديه نقاط القوة والضعف في مواقفهم التفاوضية، تمتلك كوريا الشمالية قدرة نووية قابلة للانتشار، ويبدو كيم متحمّساً للتحدث الآن مع الأمريكيين، لأن مع أسلحته النووية تمتلك حكومته النفوذ الاستراتيجي الذي تحتاج إليه، حيث تريد كوريا الشمالية التفاوض على اتفاقية سلام مع أمريكا، ولكن على شروط بيونغ يانغ.
إن طموحات كيم في تطوير الاقتصاد الكوري الشمالي مقيدة من قبل مجلس الأمن الدولي وأنظمة العقوبات الأمريكية الثنائية، وفي حين أظهرت كوريا الشمالية القدرة على المثابرة على الرغم من العقوبات، بل حتى تنمية بعض القطاعات المتخصصة في اقتصادها (مثل قطاع التعدين)، فإن رؤية كيم للتنمية الاقتصادية تتطلب في نهاية المطاف وجود روابط استراتيجية مع شركاء التنمية الدوليين. وبالمثل، هناك قيود على العمل الأمريكي الذي يقيد خياراتها التفاوضية - أبرزها، ضعف سيؤل الاستراتيجي أمام القصف الكوري الشمالي.
كما أن غياب علاقة جوهرية بين أمريكا وكوريا الشمالية يحدّ من قوة واشنطن الاقتصادية والدبلوماسية، فتعاملت أمريكا بنفسها مع التأثير المباشر على كوريا الشمالية من خلال سياساتها المختلفة من العزلة الاستراتيجية والضغط.
وقالت الصحيفة البريطانية أيضاً إنه من المثير للسخرية أن المسؤولين الأمريكيين حثّوا الصين باستمرار على بذل المزيد من الضغط على كوريا الشمالية ودعم نزاهة نظام العقوبات، عندما كانت التفاعلات الاقتصادية بين كوريا الديمقراطية والصين هي التي كان لها الأثر الأكبر على السياسة في بيونغ يانغ، ومع ذلك، فغالباً ما يتم التغاضي عن التفاوت الواضح في القوة بين أمريكا وكوريا الديمقراطية، وباعتبارها الطرف الأقوى ذا التفوق النووي الساحق والقدرة الواضحة لردع أي تهديد نووي كوري شمالي، فإن أمريكا لديها القدرة على إعادة ضبط شروط العلاقة عن طريق تقليل حدّة المفاوضات.
واختتمت بالقول: وفي ظل هذا الغموض حول النتائج المحتملة من القمة، يقوم اللاعبون الإقليميون الآخرون بالضغط بقوة لتمثيل مصالحهم، فوجهت الجهود الدبلوماسية لكوريا الجنوبية في عام 2018 لتوجيه أمريكا إلى موقف أكثر تصالح مع كوريا الشمالية، ومن شأن ذلك أن يجعل من ترامب أكثر أماناً من الناحية السياسية للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق مع بيونغ يانغ.