الوقت- في تصريحات له تطرّق وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" بشكل علني ومباشر يوم الاثنين الماضي إلى قضية تغيير النظام الحاكم في إيران، حيث تحدّث "بومبيو" في أول خطاب علني له كوزير للخارجية في مؤسسة التراث في واشنطن، حول الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي وحاول "بومبيو" أيضاً في خطابه تأليب المجتمع والشعب الإيراني ضدّ حكومته ودعاه إلى الخروج في مظاهرات مناوئة للنظام الحاكم في إيران.
وتعهد "بومبيو"، في خطابه، بأن "العقوبات على إيران سيتم تشديدها" في حال عدم تغيير النظام الإيراني النهج الذي اختاره في الماضي والذي لا يمكن التغاضي عنه ولفت إلى أن أمريكا ستعمل مع حلفائها للحدّ من طموحات إيران في منطقة الشرق الأوسط وعلى الرغم من أنّ إدارة الرئيس الأمريكي السابق "أوباما" كانت تعتقد بأن قضية إيران النووية يجب أن تعالج بمفردها ويجب عزلها عن باقي القضايا الإقليمية الأخرى، إلا أن "بومبيو" أعرب بأن هاتين القضيتين مرتبطتان مع بعضهما البعض ارتباطاً وثيقاً، حيث قال: "يعتقد القادة الإيرانيون بأن الاتفاق النووي ما هو إلا وسيلة للتوسع وللمضي قدماً في منطقة الشرق الأوسط".
وفي سياق متصل قال "بومبيو" إنه يأمل أن يتمكن من التعامل مع القضايا الكبيرة الأخرى إلى جانب قضية الاتفاق النووي ولكنه بعد الحديث مع الحلفاء الأوروبيين، أدرك أن هذا الأمر مستحيل وتطرّق "بومبيو" في خطابه إلى بعض القضايا الإقليمية والدولية التي جعلت الصورة الكلية أكثر تعقيداً وأشار إلى أن وجود الميليشيات الشيعية في العراق، قد أدّى إلى زعزعة الاستقرار في تلك المناطق، لكنه لم يشر إلى أن تلك المليشيات تحارب تنظيم "داعش" الإرهابي جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية ومن جهة أخرى لفت إلى أن دعم إيران لقوات "أنصار الله" الحوثيين قد تسبب بحدوث الكثير من الإصابات للمدنيين في الحرب الأهلية باليمن، لكنه لم يذكر الخسائر البشرية والمادية التي تسببت بها الغارات الجوية السعودية المدعومة من أمريكا ولم يذكر أيضاً كيف ستتمكن أمريكا من فرض "أشدّ العقوبات قسوة في التاريخ" على إيران من دون تلقي الدعم الكافي من روسيا أو الصين أو حتى الاتحاد الأوروبي وأكد أيضاً بأن اللقاء المنشود بين الرئيس الأمريكي "ترامب" مع الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ - آن"، يُعد دليلاً على التزام الرئيس "ترامب" بالدبلوماسية، لكنه لم يفصح لماذا فرضت الحكومة سقفاً أدنى من القيود على كوريا الشمالية في حين فرضت قيوداً أكثر صرامة على الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه مسبقاً مع إيران وحثّ "بومبيو" الحكومة الإيرانية على إطلاق سراح مواطني أمريكا المحتجزين في السجون الإيرانية.
وتوعّد "بومبيو" بملاحقة العملاء الإيرانيين وأتباعهم من أعضاء "حزب الله" في كل أنحاء العالم بهدف القضاء عليهم وأكد أن إيران لن تكون بعد اليوم مطلقة اليد للسيطرة على الشرق الأوسط وأضاف بأن الذين دعموا الاتفاق النووي، زعموا بأن توقيعه سيجعل منطقة الشرق الأوسط أكثر استقراراً، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل حسب تعبيره ولفت إلى أن إيران زادت من وتيرة عدائها بعد الاتفاق النووي واستغلت ما حصلت عليه من أموال لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط.
وأعلن "بومبيو" أنه يمكن التوصل إلى اتفاق جديد يستند إلى 12 شرطًا، بما في ذلك التوقف التام عن تخصيب اليورانيوم وسحب القوات الإيرانية من سوريا وإنهاء دعم الحكومة الإيرانية لحزب الله والحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق ولعل النقطة اللافتة للنظر هنا هي أنّ أمريكا تريد ممارسة الكثير من الضغوطات على الحكومة الإيرانية لإجبارها على الاستسلام، على الرغم من أنه من غير المرجّح أن يعترف الرئيس "ترامب" بذلك الاستسلام في حال حدوثه وهنا يميز "بومبيو" نفسه عن نظيره السابق، "ريكس تيليرسون" الذي نادراً ما تحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث تحدث إلى الشعب الإيراني قائلاً: "لقد قامت الحكومة الإيرانية بممارسة الكثير من عمليات القمع ضد الشعب الإيراني"، وأشار إلى "أن الاحتجاجات الاقتصادية الأخيرة التي حدثت في إيران تُظهر أن الشعب غاضب من النظام الحالي الذي نشر المعاناة والدمار في منطقة الشرق الأوسط على حساب الإضرار بشعبه" حسب تعبيره.
وفي نهاية خطابة سخر "بومبيو" من أولئك الأشخاص في الغرب الذين يرون بأن الرئيس الإيراني "حسن روحاني" ووزير خارجيته "جواد ظريف"، شخصيتان معتدلتان، وقال للشعب الإيراني: "إن الرئيس "روحاني" ووزير خارجيته "ظريف" هما قيادتكما المنتخبة، فهل هما المسؤولان عن الأوضاع السيئة في إيران؟ وهل هذان الشخصان هما المسؤولان عن إزهاق الأرواح الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط؟