الوقت- يكثر الكلام في الآونة الأخيرة عن انتهاك السعودية لحقوق الإنسان عموماً، وحقوق الشيعة على وجه الخصوص، إذ تفيد كافّة التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية بإنتهاكات جسيمة في هذا الإطار. لم تقتصر الإنتهاكات في الآونة الأخيرة على قوات النظام السعودي، وإنّما تعدّته إلى الجماعات التكفيرية التي إستهدفت المساجد في القطيف والدمام بسبب التحريض الطائفي الذي يشنه "آل الشيخ" بدعم من "آل سعود".
يناهز أبناء الطائفة الشيعية في السعودية حوالي الـ3 مليون نسمة، يتركّز معظمهم في المنطقة الشرقية في حين يعيش بعضهم في المدينة المنورة ونجران وجيزان، ويرى خبراء أن الشيعة يشكون من أن بعض رجال الدين السنة المتطرفين الذين يتابعهم مئات الألوف عبر الانترنت يهاجمون بانتظام أبناء الطائفة على أنهم مرتدون وروافض، وتشير تقارير أصدرتها منظمات دولية وعربية إلى أن أبناء الأقليات الدينية في السعودية يعانون بشكل عام من سياسات حكومية تقيد حرية التعبير والمعتقد، ناهيك عن القيود المفروضة على التظاهر السلمي والانترنت.
تثير التفجيرات الأخيرة في المساجد السعودية مخاوف البعض من إندلاع حرب طائفية حيث فشلت السعودية في كبح النزعة الطائفية على الصعيد الداخلي، في ظل رغبة تنظيم داعش الإرهابي في خلق مواجهة طائفية كوسيلة للتعجيل بالإطاحة بالأسرة الحاكمة. في هذا السياق توضح وكالة رويترز في تقرير لها نقلاً عن المفكر السعودي توفيق السيف قوله "هناك من يريد شق المجتمع السعودي على أساس طائفي، التفجير وهو ثاني هجوم كبير ضد الشيعة في ستة أشهر يعيد الشعور بالخوف بأننا لسنا أمام حوادث معزولة."
وتعليقاً على هذه التفجيرات، قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، سعيد بومدوحة: ”تعرض الشيعة في السعودية لاعتداءات وحشية أثناء تأدية صلاة الجمعة للأسبوع الثاني على التوالي. ولا يمكن أن يكون هناك مبرر يسوغ الاعتداء على المصلين في المساجد”.
وأضاف بومدوحة قائلاً: “ما لم تتوخَ السلطات السعودية الشفافية في التحقيقات التي تجريها في هذه الفظائع، وتتخذ خطوات جدية وفعالة لوقف التمييز ضد الشيعة والتحريض على كراهيتهم، فسوف تعزز من الفرضيات القائلة بأن السلطات تشيح بوجهها جانباً عندما يتعلق الأمر بتصعيد التوتر والعنف الطائفي الموجه ضد الشيعة “.
المنظمات الحقوقية
تجمع المنظمات الحقوقية على إنتهاك السلطات السعودية لحقوق الإنسان، وترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن التفجيرات التي حدثت في السعودية هي نتيجة لممارسات التكفير والتحريض والكراهية التي تشترك فيها مؤسسات رسمية ووزارات منها “وزارة الداخلية” و“وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد” و“وزارة الثقافة والإعلام” و“هيئة كبار العلماء” و“وزارة العدل”. كما لم يخف بعض أفراد الأسرة الحاكمة مواقف تحمل دلالات طائفية ضد شيعة السعودية.
وأما التقرير السنوي الذي صدر مؤخراً عن منظمة العفو الدولية، فيوضح أن "الأقلية الشيعية، الذين يعيش معظمهم في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، يواجهون التمييز المتأصل الذي حد من وصولهم إلى الخدمات الحكومية وفرص العمل، وأثر عليهم بطرق أخرى عديدة". ويضيف التقرير "ظل أعضاء الطائفة الشيعية في الغالب مستبعدين من شغل المناصب العليا. وواجه قادة الشيعة ونشطاؤهم الاعتقال والسجن عقب محاكمات غير عادلة، وصولاً إلى عقوبة الإعدام، ففي مايو/أيار، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على محمد باقر النمر بالإعدام عقب إدانته بتهم شملت التظاهر. في السياق نفسه تؤكد تقارير دولية عدة على مظلومية الشيعة في السعودية، أبرزها: منظمة بيت الحريات الأمريكية في تقريرها السنوي للعام 2015، وتقرير وزارة الخارجية البريطانية الذي عنون بـ"المملكة العربية السعودية.. المثيرة للقلق".
حلول للأزمة
يجمع الناشطون في حقوق الإنسان على أن الحل يكمن في مشاركة الحكم والسلطة وإعطاء أبناء الطائفة الشيعية وبقية الأقليات في البلاد حقوقها العادلة، حسب قولهم، ووضع آليات وتبني سياسات تعزز روح المواطنة وتشيع الاحترام بين طبقات المجتمع وتمنع تجاوز مواطن على آخر دون عقاب.
ويرى البعض أن مشكلة السعودية هي أن النظام السياسي في البلاد قائم على أساس التمييز ضد الشيعة في كل مؤسسات الدولة، ومن ثم فإنه على النظام السياسي أن يقتنع بضرورة إشراك الشعب في الحكم.
من جانبه يوضح الناشط توفيق السيف أن "الحكومة السعودية غير مهتمة بإجراء إصلاحات، فلو كانت مهتمة لوضعت قرارات تمنع فيها التمييز أو إثارة الكراهية".
إلى ذلك يقول الناشط الحقوقي جعفر الشايب إن المشكلة الأكبر تتعلق بعدم وجود قوانين وتشريعات تحمي من يعتدى عليهم بهذه الطريقة، مستشهدا برفض محكمة في المدينة المنورة دعوى قضائية أقامها مواطنون شيعة ضد رئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة سلطان بن زاحم بعد أن وصف الشيعة بأنهم "أبناء حرام"، حسب قول الشايب.
وتأتي كافة هذه الإنتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السعودية (آل سعود وآل الشيخ) بحق الأقليات في البلاد، رغم انهم مواطنون سعوديون وانتماؤهم العربي واضح جداً.
المصادر:
تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2014/15[1]
https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/saudi-arabia/report-saudi-arabia/
Report - Freedom in the World 2014 - Freedom Ho use
https://freedomhouse.org/report/freedom-world/2015/saudi-arabia#.VZPKqlLUfsq