الوقت- خلال العقدين الماضيين لعبت إيران دوراً إيجابياً وحاسماً في كلٍ من أفغانستان والعراق وسوريا واليمن ودول أخرى في المنطقة وبهذا أصبح هذا البلد أهم قوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط وعقب توقيع إيران على الاتفاق النووي مع أمريكا وتشكيلها لتحالف استراتيجي مع روسيا من أجل حل الأزمة السورية، أصبحت من أهم اللاعبين المؤثرين على الساحة الدولية والعالمية.
إزاحة الستار عن عشش "النسور" والرادارات والصواريخ الإيرانية التي تُعد جزءاً من القوات العسكرية لإيران
لقد عكفت العديد من مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار الغربية والشرق أوسطية خلال العقود الماضية على دراسة الخطط والبرامج المثيرة للجمهورية الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط والدور الذي لعبته في التطورات الإقليمية الأخيرة (كما يعتقد الخبراء الغربيون) ولكنهم في نهاية المطاف لم يستطيعوا أن يثبتوا أي شيء من ادعاءاتهم تلك التي وجهوها ضد إيران ولهذا فلقد تخلوا عن موقفهم العدائي تجاه هذا البلد وأيقنوا بأنه يجب عليهم التعاون مع طهران لتحديد مصير التطورات الإقليمية الحالية.
الصواريخ الإيرانية تؤرق مضاجع الكيان الصهيوني
أشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جزء من تقريره، إلى نقاط الضعف الموجودة في الاتفاق النووي من منظور الكيان الصهيوني وإلى تلك التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي "ترامب" بانسحاب واشنطن من هذا الاتفاق النووي ولفت هذا المعهد إلى أن التهديد الإيراني للولايات المتحدة وحلفائها وخاصة الكيان الصهيوني، لا يقتصر فقط على المجال النووي وإنما أيضاً يتضمن برنامج الصواريخ المتطورة التي تمتلكها طهران.
وحول هذا السياق لفت هذا المعهد إلى أن المجتمع الدولي لديه تحفظان على برنامج الصواريخ الإيراني ولا سيما صواريخ كروز "سومار" التي يتراوح مداها بين 2000 و3000 كيلومتر.
أولاً، إن قضية صواريخ كروز الإيرانية (التي يذكر الكاتب بأن طهران فخورة بشدة بامتلاكها)، لم تثار ولم يتم التطرق إليها أو ذكرها في الاتفاق النووي أو قرارات مجلس الأمن، وثانياً، تم تجاهل احتمال إطلاق هذه الصواريخ الإيرانية من مواقع أخرى خارج حدود إيران (على سبيل المثال من سوريا) وأعرب هذا المعهد في نهاية المطاف عن قلقه من قدرة الصواريخ الإيرانية على حمل رؤوس حربية أثقل وزناً وذات دقة عالية.
صواريخ كروز "سومار"
الاتفاق النووي وتغيير موازين القوى بين طهران وواشنطن
انتقد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي كالمعتاد بشدة الاتفاق النووي الإيراني وأعرب هذا المعهد بأن توقيع الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" على هذا الاتفاق النووي، كان أحد أسباب تطور القدرات العسكرية لطهران ولفت قائلاً: "لقد ضعُف موقف الولايات المتحدة كثيراً تجاه إيران خلال الثمانية عشر شهراً التي أعقبت توقيع إدارة "أوباما" على الاتفاق النووي في يوليو / تموز 2015 وخلال ذلك الوقت، قامت الحكومة الإيرانية بعمل الكثير من الأنشطة والاختبارات في مجال الصواريخ وفي الفضاء الإقليمي وقامت بتجاوز كل الخطوط الحمراء لحكومة الولايات المتحدة ".
الصواريخ الإيرانية ومستوى مدى نطاقها حسب ادعاءات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي
إيران – روسيا - سوريا؛ التحالف الذي لا ينكسر بسهولة
أشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جزء آخر من تقريره هذا إلى موضوع التحالف الإيراني - الروسي - السوري، واصفاً إياه بأنه تحالف لا يمكن تفكيكه بسهولة وأعرب كاتب هذا التقرير بأن تحالف طهران ودمشق الذي جاء بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، يُعدّ من أطول التحالفات زمنياً في منطقة الشرق الأوسط وترجع أسباب قيام هذا التحالف، إلى أهمية سوريا بالنسبة لإيران باعتبارها الخط الأمامي لمواجهة العدوان الغربي وكذلك لتعزيز القدرات العسكرية لـ "حزب الله" اللبناني الذي يُعدّ من أهم المنظمات الشيعية في المنطقة ولتقوية نفوذ إيران في لبنان، لمواجهة التهديدات الصهيونية والتصدي لها.
وفي سياق متصل تناول هذا التقرير التحالف الإيراني الروسي وأشار إلى أن "روسيا منذ عام 1989 أصبحت واحدة من أهم الموردين الرئيسيين للأسلحة إلى إيران" وفي عام 1990، قدمت روسيا الكثير من المساعدات المهمة لإيران فيما يخص برنامجها النووي" ولفت كاتب هذا التقرير إلى أن روسيا بدأت فصلاً جديداً في العلاقات الثنائية مع إيران منذ عام 2012، عندما عُقدت اجتماعات رفيعة المستوى بين البلدين، خلصت إلى تقديم روسيا للكثير من الدعم السياسي لإيران في المحافل الدولية وزيادة التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية وزيادة المساعدات الروسية لإيران في مجال برنامجها النووي وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والثنائية بينهما.
التحالف الإيراني -الروسي -السوري لا يمكن تفكيكه بسهولة
إيران وتأثيرها الاستراتيجي في العراق
خصص معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي جُزءاً مستقلاً من تقريره هذا، ركز على قضية "تعزيز المكانة الإقليمية لإيران" وحول هذا الموضوع، قام هذا المعهد بتسليط الضوء على موضوع توسّع النفوذ الاستراتيجي الإيراني في العراق وأعرب قائلاً:
"منذ بداية الثورة الإسلامية وحتى يومنا هذا، كان العراق لعدة أسباب هو المحور الرئيسي لسياسة إيران الخارجية وكانت إيران تنظر للعراق باعتباره الهدف الأساسي الأول لتصدير ثورتها الإسلامية، لأن العراق كان لديه أغلبية شيعية تعرّضت للتمييز العنصري الشديد والتهميش والظلم منذ عام 1920 من قبل الحكومات السنية التي توالت على حكم العراق".
وحول هذا السياق ذكر هذا التقرير أيضاً، بأن طهران كافحت من أجل تعزيز نفوذها في العراق منذ عام 2003، مع بدء الضربة العسكرية الأمريكية ضده وقامت بالعمل على ثلاثة مستويات لتوسيع نفوذها في هذا البلد.
مستوى العلاقات بين الحكومتين: أقنعت إيران المسؤولين العراقيين بالتوقيع على قائمة طويلة من اتفاقيات التعاون في المجالين الأمني والاقتصادي مع طهران، كما قدّمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكثير من التمويل لمشاريع إعادة الإعمار في المدن العراقية المختلفة وساعدت على بناء محطات الكهرباء والمدارس في البلاد وفي المقابل، دعمت الحكومة العراقية سياسات إيران في لبنان وسوريا وساعدت طهران على تجاوز العقوبات المفروضة عليها.
مستوى الأحزاب والحركات السياسية: قدمت إيران الكثير من المساعدات للمنظمات المعارضة في العراق وذلك عندما كان "صدام حسين" في السلطة وبعد عام 2003، قامت طهران بتوسيع أنشطتها في العراق ودفعت الأحزاب الشيعية المختلفة في البلاد، على الرغم من وجود الكثير من الاختلافات بينها، لتشكيل كتلة شيعية موحدة، بالإضافة إلى ذلك، لم تقتصر جهود إيران على الجماعات الشيعية في العراق، بل إنها تعاونت أيضاً مع الأحزاب والحركات السنية والكردية.
المستوى العسكري والاستراتيجي: لقد كان السفراء الإيرانيون الثلاثة في بغداد منذ عام 2003، من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني وهذا يُعدّ أحد الأمور التي تُظهر مدى أهمية العراق العسكرية الاستراتيجية بالنسبة لإيران.
"أبو مهدي المهندس" قائد الحشد الشعبي في العراق، يعتبر نفسه أحد جنود الحاج "قاسم سليماني" ويفتخر بهذه المكانة.
نقاط الاشتراك والاختلاف في العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا
في تقرير آخر حول موضوع العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا، ذكر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بأن العلاقات بين هذين البلدين هي أيضاً في تذبذبٍ مستمر، فتارة تتحسن العلاقات بينهما وتارة أخرى تضعف تلك العلاقات ولفت هذا المعهد إلى أن هذه العلاقات بين هذين البلدين، على الرغم من المنافسة الشديدة بينهما، لم تصل أبداً إلى نقطة التأزم ومن ناحية أخرى، لم يكونا قادرين على إقامة شراكة استراتيجية وثيقة، عندما كانت هناك مصالح مشتركة بينهما.
وحول هذا السياق لفت كاتب هذا التقرير إلى أن "أنقرة" ترى بأنها ستكون قريبة جداً من طهران خلال السنوات المقبلة وأعرب الكاتب بأن أنقرة وطهران تعاونتا معاً على حل القضية الكردية خلال السنوات الماضية وكان هدفهما المشترك الوقوف جنباً إلى جنب لمنع حركة الاستقلال الكردية.
وفي سياق آخر يرى كاتب هذا المقال بأن قضية "مستقبل العراق"، تُعدّ واحدة من أهم المجالات التي تختلف عليها أنقرة مع طهران، حيث قال:" لقد ازداد قلق أنقرة بشكل كبير منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، نظراً لتزايد نفوذ إيران في بغداد وتقديمها للكثير من المساعدات للمليشيات الشيعية في هذا البلد".
من جهته أعرب كاتب هذا المقال أيضاً بأن موضوع البرنامج النووي الإيراني، يُعدّ أيضاً من أهم المواضيع التي أظهرت جانباً من جوانب التعاون بين إيران وتركيا ولفت إلى أن تركيا والبرازيل قامتا بالتعاون مع إيران منذ عام 2010، لمنع فرض المزيد من العقوبات البنكية على البنوك الإيرانية.
"هيلاري كلينتون" تعترف بأن التعاون والاتفاق الإيراني مع البرازيل وتركيا، كان مربكاً للإدارة الامريكية
أشار كاتب هذا المقال إلى قضية الحرب الأهلية في سوريا ولفت إلى أن هذه القضية كان لها دور في تغيير مسار العلاقات بين إيران وتركيا وذكر أن تركيا طالبت في البداية بالإطاحة بالأسد في سوريا ولهذا فلقد سمحت لقوات تنظيم داعش الإرهابي باستخدام الأراضي التركية لتعزيز قدراتها العسكرية واستخدامها للوصول إلى سوريا ولكن بعدما شن هذا التنظيم الإرهابي عدداً من الهجمات الإرهابية في تركيا، قامت حكومة "أردوغان" بالتخلي عن ذلك التنظيم الإرهابي وتكثيف مراقبة حدودها والانضمام فعلياً إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي.
من جهة أخرى يرى كاتب هذا المقال بأن قضية قطر والدول الخليجية الأخرى، هي أيضاً أحد الأسباب التي أدّت إلى تحسن العلاقات بين إيران وتركيا وأشار الكاتب إلى الأزمة التي حدثت في منتصف عام 2017 في منطقة الخليج والتوتر في العلاقات بين السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر مع قطر، حيث كان له دور في التقارب الإيراني التركي ولفت إلى أن إيران وتركيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان ساعدتا قطر على تتجاوز وضع الحصار الاقتصادي المفروض عليها.
ويعتقد كاتب هذا التقرير، بأن إسرائيل وقضية غزة كانتا أهم قضيتين أدتا إلى تحسن العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا وأعرب الكاتب بأن تصاعد التوترات في علاقات تركيا مع الكيان الصهيوني وخاصة بعد عام 2008 وتبني "أردوغان" موقفاً مناهضاً تجاه سياسة إسرائيل العدوانية ضد قطاع غزة، كان له دور إيجابي في تحسن العلاقات بين تركيا وإيران، خاصة وأن إيران قامت أيضاً بتقديم الكثير من المساعدات لتقوية حركة "حماس" الفلسطينية لتتمكن من مواجهة القوات الإسرائيلية.
وفي النهاية يرى كاتب هذا المقال بأن العلاقات التجارية وتلك المتعلقة بالطاقة هي القضية الأخيرة التي أدّت إلى تحسن العلاقات بين إيران وتركيا وصرح هذا الكاتب بأن التبادلات التجارية بين هاتين الدولتين وصلت في الوقت الحالي الي 10 مليارات دولار ومن المؤكد أن يصل هذا الرقم في المستقبل القريب إلى 30 مليار دولار.