الوقت- أكد محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني أن طهران دعت منذ البداية للحل السلمي للأزمة في اليمن ومازالت تدعو لذلك إلا أن السعودية رفضت جميع الدعوات للحوار من أجل إيجاد مخرج للأزمة المتفاقمة.
وقال الوزير الإيراني في مقابلة مع برنامج "بلا قيود" الذي تبثه قناة "بي بي سي"، إن إيران دعت للحوار مع السعودية منذ بداية الازمة لكن الأخيرة رفضت ودعت إيران لما وصفته بعدم التدخل في الشأن العربي، وعزا سبب الرفض إلى توقعات سعودية بتحقيق نصر سريع.
بي بي سي: هل ترى أن الاتفاق النووي يمكن أن يصمد إذا اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بالتحلُّل منه؟
ظريف: الاتفاق النووي اتفاق دولي متعدد الأطراف والولايات المتحدة طرف فيه، وهي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن رعت القرار الذي صدر بالصفقة النووية وتم تبنّيه بالإجماع من طرف مجلس الأمن. هو إذاً اتفاق دولي ساري المفعول، لكن أن يكون اتفاقاً دولياً ساري المفعول لا يعني بالضرورة أن كل أطرافه ستلتزم به، وللولايات المتحدة سجل قياسي في حالات عدم الالتزام باتفاقاتها الدولية، انظر مثلاً لرفضها اتفاقية باريس حول التغيرات المناخية، وعليه فما يحدث هو أن الولايات المتحدة إذا انساقت وراء رغبة الرئيس ترامب، فستقدم الدليل على أنها شريك لا يُعتمد عليه في إبرام اتفاقات دولية. والآن وبينما يبحث الناس عن اتفاقات مماثلة مع دول أخرى، يبدو أن الولايات المتحدة ستوجه رسالة مفادها أن مدّة صلاحية اتفاق ما هي في أحسن الأحول، مدة الولاية الرئاسية.
بي بي سي: في شأن اليمن ثمة اتهامات لإيران بأنها مسؤولة عن قصف الرياض بصواريخ باليستية هُرّبت إلى اليمن؟
ظريف: لقد أوضحنا جليّاً أن إيران لم تزوّد اليمنيين بصواريخ، ومعلوم أن هناك حصاراً مضروباً على اليمن، حصار يمنع حتى دخول الطعام والدواء إلى اليمن، حصار حال دون قيام الأمم المتحدة بمهامها الإنسانية في اليمن، كيف لهذا الحصار الذي يمنع الطعام والدواء والملايين يموتون بالكوليرا في اليمن، إنه لعار. أقول إذا كان ثمة حصار يحول دون دخول الدواء لعلاج الكوليرا والأغذية، والأمين العام للأمم المتحدة أوضح مؤخراً في كلمته في مؤتمر الدعم لليمن أن عدد من عانوا من نقص الغذاء في اليمن العام الماضي كان واحداً وعشرين مليون يمني، هذا العام العدد اثنان وعشرون مليوناً، وإذا كان الحصار فعالاً وناجحاً بحيث يمنع دخول إمدادات الغذاء إلى اليمن فكيف لا يكون فعالاً في منع تهريب صواريخ لليمن.
بي بي سي: إذا تحدثنا ببعض التفصيل عن الوضع في اليمن، هناك حليفٌ لإيران هو حركة أنصار الله، وفي الوقت ذاته يعتقد السعوديون أن الإيرانيين يمارسون نفوذهم في منطقة نفوذ سعودي؟
ظريف: نحنُ نرى منذ البداية أنه لابد من حل سياسي في اليمن وعرضنا على السعودية المساعدة في إيجاد حل سياسي قبل وقت طويل من اندلاع وتفاقم الأزمة اليمنية، أرسلتُ رسالة لوزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل في سبتمبر/أيلول عام 2013 بغية تسهيل حل سياسي بمساعدة السعوديين.
بي بي سي: ماذا كان الجواب؟
ظريف: كان الجواب: العالم العربي ليس من شأنكم، اقترحنا مرة أخرى مباشرة بعد بدء الحرب، فالقصف بدأ منذ ثلاث سنوات بالتمام والكمال، ونحن اليوم دخلنا العام الرابع، وكانوا يظنّون أن بإمكانهم إنهاء المهمة خلال أسبوعيْن، اقترحنا وقفاً فورياً لإطلاق النار، وإمدادات إغاثة إنسانية فورية، واقترحنا حواراً سياسياً بين اليمنيين وتشكيل حكومة تضم كل الأطراف اليمنية، للأسف وكدأبهم دائماً رفضت السعودية وحلفاؤها الحل السياسي آملين في الانتصار في الصراع بالطرق العسكرية، وأنا أرى أنه لم يفُت الأوانُ بعد، طبعاً فات الأوان بالنسبة للأعداد الغفيرة من اليمنيين الذين فقدوا أرواحهم، لكن الوقت لم يفُت تماماً من أجل البحث عن حل سياسي، وإذا كانت المملكة العربية السعودية مهتمة بإيجاد حل سياسي في اليمن فإن إيران ستكون شريكاً جادّاً في تسهيل حل. وأي حل من هذا القبيل يجب أن يكون حلاّ تفاوضياً بين اليمنيين، أما الأطراف الخارجية فبدلاً من الإملاء بإمكانها تيسير وتسهيل الأمور من أجل الوصول إلى حل سياسي، ونحن مستعدون للمساعدة في حل سياسي.
بي بي سي: المشكلة أن كثيراً من الساسة العرب الذين تحدثنا إليهم في عدة مناسبات يقولون إن الإيرانيين يرسلون رسائل متضاربة .
ظريف: هذا ليس صحيحاً، وهذا هو نوع التصريحات التي صدرت عن الإسرائيليين أثناء مفاوضات الاتفاق النووي، كانوا يقولون إن من يتفاوض على الصفقة غيرُ قادر على تنفيذها بسبب - ومرة أخرى نفس الحكاية - ازدواجية الخطاب أو التصريحات الصادرة من طهران. إيران ليست كتلة سياسية جامدة، ماذا عساي أقول؟ ليس لدينا ديكتاتورية كما هو الأمر لديهم، لدينا في إيران أصوات متعدّدة يُسمع صداها ويعبّر أصحابها عن رأيهم، لكننا تمكنّا في نهاية المطاف من تطبيق الاتفاق النووي الذي اعتقد كثيرون أن من كانوا يعارضونه داخل ايران سينتهكونه. والآن تلتزم إيران بالاتفاق بحذافيره، ولسنا نحن من يقولُ ذلك، من يقول ذلك هي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي قالت للمرة الحادية عشرة بأن إيران وفتْ بدقّة بالتزاماتها بموجب الاتفاق.