الوقت- اعترف الرئيس التنفيذي ومالك شركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، بارتكاب أخطاء كبيرة بعد فضيحة استغلال البيانات الشخصية من أجل التأثير على أصوات الناخبين في أمريكا وأوروبا.
وفي أولى تعليقاته بعد أن كشفت فضيحة الشركة يوم الجمعة الماضي، عن إساءة استخدام بيانات شخصية، قال زوكربيرغ: "ارتكبت الشركة أخطاء، وتوجد أمور كثيرة ينبغي عملها، وعلينا أن نتحرك وننفذها".
فضائح بالجملة:
ويواجه فيسبوك خضّة كبيرة منذ فضيحة جمع "كامبريدج اناليتيكا" بيانات المستخدمين الشخصية (أكثر من 50 مليون مستخدم) واختراق خصوصيتهم من أجل تطوير برامج تتيح التكهن والتأثير على صوت الناخبين بهدف إمالة الكفة إلى حملة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام 2016.
بدأت فضيحة شركة فيسبوك بإصرار الشاب البالغ من العمر 28 عاماً "كريستوفر وايلي"، على كشف الاختراقات، وهو موظف سابق في شركة أناليتيكا، وهذا ما أكدته مصادر عدة فيما بعد، حيث جاء "إدوار سنودن"، التقني المتخصص الذي عمل سابقاً في المخابرات الأمريكية، والذي قام بتسريب عدد من المعلومات الخطيرة الأمريكية السرية للغاية في عام 2013، ليؤكد ما ذكره الشاب.
وكانت شركة "كامبريدج اناليتيكا" قد حصلت على استثمار سابق بقيمة 15 مليون دولار من المانح الجمهوري الثري روبرت ميرسر، بعد أن أقنعت مستشاره السياسي ستيفن بانون الذي أصبح فيما بعد مستشار الرئيس الأمريكي ترامب بإمكانية تطوير أدوات تساعد على تحديد شخصية الناخبين الأمريكيين وتؤثر على سلوكهم، هذا ما دفعها بعد ذلك للحصول على بيانات عن 50 مليون ناخب أمريكي من مستخدمي فيسبوك دون إذنهم، وذلك وفقاً لموظفين سابقين في الشركة، وهو ما يجعله أكبر تسريب للبيانات في تاريخ الشبكة الاجتماعية الأكبر.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية فإن شركة "كامبريدج أناليتيكا" خططت لامتلاك سلاح معلوماتي جديد، بهدف جذب المستثمرين والأثرياء الذين يسعون إلى إعادة تشكيل الحياة السياسية وفقاً لمصالحهم.
وقد تعددت اختراقات شركة فيسبوك من التأثير في الانتخابات الأمريكية إلى توجيه المقترعين في بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي عن طريق رسائل عبر البريد تُمحى خلال "ساعتين" من إرسالها، حيث لا يوجد أي دليل على الجريمة، فهي جريمة كاملة، لكن "فيس بوك" أوقف حساب "وايلي" بعد كشفه هذه المعلومات.
تحرّك أوروبي لمحاسبة الشركة:
وقررت السلطات الأوروبية والبريطانية المكّلفة بحماية المعلومات، الثلاثاء، التحقيق بشأن شركة "كامبريدج اناليتيكا" البريطانية التي تعاقدت معها حملة ترامب الرئاسية عام 2016.
من جهتها، قالت المفوضية الأوروبية إن "السلطات المكلفة بحماية المعلومات في دول الاتحاد الأوروبي ستبحث الموضوع أثناء اجتماع في بروكسل لمجموعة الـ 29 وهي (هيئة التعاون الأوروبية)"، كما أعلنت أن ممثلة للمفوضية في واشنطن ستطلب الثلاثاء "توضيحات" من مؤسسة "فيسبوك".
وأعلن رئيس البرلمان الأوروبي أنتونيو تاجاني من جهته الاثنين أن النواب الأوروبيين "سيحققون بشكل كامل" في هذا "الانتهاك غير المقبول لحقوق سرية البيانات" الذي كانت قد كشفته صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة ذي أوبزيرفر.
وحذّرت مفوضة العدل في الاتحاد الأوروبي فيرا جوروفا من أن فضيحة مستقبلية مماثلة لتلك التي وقع فيها فيسبوك قد تكون "مكلفة" بعد شهر أيار/مايو، عندما تدخل لائحة أوروبية جديدة بشأن حماية البيانات الشخصية حيز التنفيذ، وقالت يوروفا المسؤولة عن حماية المستخدمين والبيانات الشخصية، بعد زيارة لها إلى واشنطن التقت خلالها وزراء ونوابا أمريكيين "إذا أقدمت شركة على فعل هذا في أوروبا بعد أيار/مايو 2018، فمن المرجّح أن يتم فرض عقوبات صارمة بحقها".
وفي بريطانيا طلب مكتب مفوّض الإعلام، الهيئة المستقلة المكلفة بتنظيم القطاع وحماية البيانات الشخصية، الإذن في التحقيق داخل الشركة المعنية حتى يمكنه "تفتيش الخوادم وإجراء عملية تدقيق في البيانات"، وأكد المكتب أنه طلب منذ السابع من آذار/مارس من شركة "كامبريدج أناليتيكا" الوصول إلى ملفاتها ومعطياتها، من دون أن يحصل على جواب "في الآجال المحددة".
كذلك اعتبرت لجنة برلمانية بريطانية الثلاثاء أن فيس بوك "قلل باستمرار من خطورة" حيازة معطيات المستخدمين الشخصية دون موافقتهم وقدّم أجوبة "مضللة"، قررت اللجنة الثلاثاء استدعاء مؤسس فيس بوك مارك زوكربيرغ لتقديم توضيحات أمامها. ومنحته حتى الاثنين للردّ، وكتب رئيس اللجنة الرقمية والثقافية والرياضية في مجلس العموم داميان كولينز رسالة إلى زوكربيرغ طالبه فيها بتوضيح "الفشل الإجرائي الكارثي هذا".
من جهتها قالت شركة فيسبوك إنها أغلقت حساب الشركة البريطانية، وكلفت مكتب مراقبة رقمية بكشف خيوط القضية، ورغم ذلك انخفض سهم الشركة بنسبة 8% وذلك بعد الكشف عن فضيحة تسريب بيانات الناخبين الأمريكيين من مستخدمي الشبكة الاجتماعية، وهو ما قلّص القيمة السوقية للشركة بنحو 43 مليار دولار أمريكي.
ويتهم مراقبون مواقع التواصل الاجتماعي شركات مثل فيسبوك وكذلك تويتر وغوغل ويوتيوب، بخدمة أجهزة استخبارات مختلفة من أجل التأثير على الرأي العام في عدد من الدول ولا سيما منطقة الشرق الأوسط من خلال حذف بعض الصفحات والحسابات والإبقاء على بعضها بناء على اعتبارات سياسية ولخدمة أجندات معينة، كما تُتهم هذه المواقع بانتظام بعدم توفير حماية كافية للمعطيات الشخصية لمستخدميها الذين هم عماد نموذجها الاقتصادي.