الوقت- تزامناً مع محاولات أمريكا لإبقاء قواتها في العراق، تصاعدت في الأيام الأخيرة دعوات العراقيين للمطالبة بإخراج هذه القوات من بلدهم، وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة هناك ولا سيّما بعد نجاح الجيش والحشد الشعبي باجتثاث تنظيم داعش من مختلف أرجاء البلاد.
للوقوف عند تفاصيل ما يدور كان لموقع الوقت الإخباري حوار مع رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية الدكتور واثق الهاشمي.
في البداية تحدّث الهاشمي عن الاستراتيجية الأمريكية في عصر الرئيس أوباما وبعده ترامب حيث أكد أنهما عملا على "عدم الدخول في حروب مباشرة، وعدم بناء قواعد عسكرية في البلدان حتى لا يعود جنودهم جثثاً إلى أمريكا، وقد نجحوا عبر هذا الأمر إلى حد كبير بكسب الشارع الأمريكي."
وحول ما حدث في العام2014 قال الهاشمي: "إحتل تنظيم داعش الإرهابي ثلاث محافظات عراقية وكان متجهاً نحو بغداد. حينها ناشد العراق الكثير من الدول من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدته حسب الاتفاقية المعقودة بين الطرفين، لكن لم تحرك أي دولة ساكناً باستثناء الجمهورية الإسلامية التي ساعدت العراق في الستة أشهر الأولى."
وتابع الهاشمي: "بعد الاستشعار بخطر داعش تشكّل التحالف الدولي وكانت هناك قوات أتت بطلب من الحكومة العراقية وهي عبارة عن مدربين ومستشارين، لم تكن هناك أي قوات بريّة في العراق، فالتحالف السياسي الهش الموجود في هذا البلد يمنع ذلك، ولذلك لم نشاهد أي قوات رغم ما يشاع. أنا أمتلك معلومات مؤكّدة في هذا الاتجاه، فالقوات الأمريكية وتحديدا المدفعية الثقيلة الساندة التي كانت في الخارج، انسحبت وفق اتفاق مبرم مع الحكومة العراقية، وقبل ثلاثة أشهر بدأت عملية الانسحاب. لقد وضعت الحكومة العراقية جدولاً زمنياً مع الأمريكيين لسحب المدربين والمستشارين وتقليل عددهم وفق ما تراه الجهات العراقية."
كما رأى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية أن "هناك تصعيدات على أبواب الانتخابات ضد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق من أجل تقليل عدد المدربين والمستشارين الأمريكيين، وهناك إجراء عراقي بتقليلهم، لأن بقاء القوات الأمريكية في العراق سيسقط الجهة السياسية التي تدعمهم، باعتبار أن الكثير من الأطراف السياسية بل الشعبية في العراق لا تقبل بالوجود الأجنبي وخاصة الوجود الأمريكي."
وأضاف: "دعني أخبرك، الشارع العراقي بأكمله كان يرفض الوجود الأمريكي، فكلنا لا نقبل بقوات احتلال على الأراضي العراقية، والقوات الأمريكية انسحبت بالكامل في 2011."
وحول التجربة الأمريكية الفاشلة في تدريب الجيش العراقي قال الهاشمي: "كان هناك مشاكل وضعف في التدريب ومشكلات إدارية وأمور أخرى وحصل ما حصل، لكن العراق طالب بوجود مدربين على عجل لإعادة تدريب القوات العراقية المنكسرة، كان هناك من إيران والولايات المتحدة ومن ماليزيا وبلجيكا وهولندا ودول أخرى، وبالإمكانات المتاحة استعادت القوات العراقية عافيتها خلال سنتين، الجيوش المنكسرة تحتاج إلى 10 سنوات حتى تعيد قواتها، لكن الجيش العراقي والحشد الشعبي خلال سنتين تمكنا من النهوض، لذلك قام الشعب العراقي بشكر كل الدول وأولها الجمهورية الإسلامية الإيرانية على تقديم المساعدات للعراق، كذلك شكر التحالف الدولي لكنه لا يرغب ببقائه، حتى رئيس الوزراء العراقي تحدث حول ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقد منذ أكثر من 21 يوماً، حيث قال إن هناك جدولاً زمنياً لانسحاب المدربين والمستشارين حسب حاجة العراق، فالعراق هو الذي يقرر. بالمناسبة، حتى الطائرات التي كانت تقوم بعمليات جوية، لا تخرج إلا بتوقيع من القائد العام للقوات المسلحة، وغرفة العمليات المشتركة."
وحول القوات الأمريكية التي قيل إنها تتوجه إلى المناطق المتنازع عليها أكد الهاشمي: "أنا مستقل، لكنني مقرب من أغلب الوجوه الموجودة في الساحة العراقية، هذا الأمر لم يكن ولن يكون. هناك أصوات داخل الشارع السني في العراق تطالب ببقاء قوات أمريكية، أو بالأحرى سياسيون سنّى وليسوا من المستوى الشعبي، هذا الأمر موجود، فنحن لسنا دولة أفلاطون المتفقة فيما بينها، هناك تعارض في الآراء، هناك قوى سنّية تعتقد أن بقاء القوات الأمريكية هو بقاء لضمانها وحمايتها، والدليل هو توافدهم على واشنطن، أنا أوافق على هذا الأمر، لكن واقع الحال إن الشارع العراقي، حتى الشارع السني في ظل الانتصار الذي تحقق، وفي ظل ما قدمه الحشد الشعبي من إنجازات وتعامل إنساني مع الناس، لن يقبل بقاء القوات الأمريكية، لكن هناك أسباب انتخابية، فالقيادات السنية تشعر أنها فقدت جمهورها الانتخابي في ظل سوء الأداء الذي قدمته، فقد تركوا جمهورهم عرضة لداعش، بالتالي يعتقدون أن بقاء القوات الأمريكية هو ضمان لبقائهم في المشهد السياسي."
وأشار الهاشمي: "لن يكون هناك ازدياد في عدد المدربيين والمستشارين الأمريكيين، وستثبت الأيام صحة ما أقول، فأي مسؤول عراقي يتورّط بعقد اتفاق مع الأمريكيين سيسقط، لأن الشارع العراقي منقسم، وحتى لو قلنا قوات إيرانية لن يقبل أحد بذلك."
وصرح عن "معلومة مهمة" قائلا: "في الحرب على داعش، كل الدول كانت تستشعر الخطر، فالأردن التي كان لديها مواقف مضادة للعراق، اتصل ملكها بالعبادي وقال له خذوا الطائرات الأردنية وضعوا عليها العلم العراقي ودعوها تقاتل معكم، العبادي قال له شكرا إذا احتجنا سنطلبها منكم. فموضوع التعامل مع قوات أجنبية في العراق فيه خطر كبير."
وحول بقاء القوات الأمريكية في العراق: "ترامب رجل تجارة وليس رجل سياسة، منذ انتخابه قلت إننا نشاهد غورباتشوف بنسخة أمريكية، هذا الرجل لن يستمر أربع سنوات في ظل سياسته الحالية، ترامب لن يتورط بهذا الأمر لأنه سيكلفه مبالغ كبيرة، وهو يعتمد على حرب الإنابة، عبر أطرف أخرى."
وفي الختام أكد رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية: "أمريكا تريد الانتخابات بقوة، كل الدول تريد ذلك، فالمشهد العراقي ضعيف، يتأثر بالخارج، الأمريكيون يريدون إرجاع بيوتات معيّنة، والسعودية وقطر يريدون إرجاع البيت السني، ولأول مرة في العراق سيكون هناك بيتان سنيّان، في ظل الصراع القطري السعودي."