الوقت- ميناء "تشابهار" على المحيط الهندي تحول إلى مركز لوجستي وربما حياتي بالنسبة لأفغانستان، حيث يربط هذا الميناء أفغانستان وآسيا الوسطى بالمياه الدولية على المحيط الهندي وذلك في أقصر مسافة مع ما يمتلكه الميناء من الهياكل اللوجستية وخدمات الموانئ، وبالإضافة إلى ذلك، فإن منطقة التجارة الحرة في "تشابهار" ولما يمتلكه الميناء من بنية تحتية قوية تتلائم مع الأنشطة الاقتصادية والتجارية، كما أنّه مستعد لجذب الاستثمارات والمستثمرين الأجانب.
الميناء الإيراني الواقع شرق إيران وعلى شواطئ المُحيط الهندي؛ أُدخلت عليه تغييرات هامة بوصفه منطقة اقتصادية نشطة، حيث أدّى تعاون الهند مع إيران لتطوير البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية في تشابهار، ليتبعه التوصل مع أفغانستان إلى توقيع اتفاق ثلاثي بين إيران والهند وأفغانستان الأمر الذي مهّد الطريق لمستقبل واضح للتعاون الثلاثي.
البداية من أفغانستان
شمال غرب أفغانستان وكما يقول الخبراء يوجد معادن ثمينة، غير أنّه لا يمكن استخراجها واستغلالها محلياً في الوضع الراهن، حيث تحتاج الحكومة الأفغانية إلى عائدات أجنبية لإعادة بناء البلاد، وتقدر قيمة المعادن الافغانية بمليارات الدولارات، وبناءً على ما سبق فإنّ المعادن الأفغانية ذات الحجم والقيمة؛ ومن أجل تصدير هذه المعادن فإنها تحتاج إلى بناء السكك الحديدية.
الهند التي تُعد المشتري الأبرز للمعادن الأفغانية لتأمين حاجاتها الأولية منها الخاصة بصناعاتها، باتت إيران تلعب دوراً رئيسياً في هذه القضية، من خلال السكك الحديدية الإيرانية والتي هي الآن قيد الإنشاء واتي ستربط تشابهار بمدينة زرنج عاصمة ولاية نيمروز جنوب غربي أفغانستان بالقرب من الحدود إيران، باستثمار وشراكة هندية، ومن ناحية أخرى، سيتم الانتهاء قريبا من خط سكة حديد "الخواف" الذي سيربط محافظة خراسان الإيرانية بمدينة هيرات الأفغانية في المستقبل القريب؛ كما أنّ خط سكة حديد مزار شريف هيرات مدرج على جدول الأعمال وأصبح جاهزاً للاستثمار، وبحسب خبراء فإنّ جميع هذه السكك والطرق المستقبلية ستحقق تطوراً كبيراً في المنطقة.
عشرات الدول ومئات الشركات
يؤكد المسؤولون الإيرانيون عن منطقة تشابهار الحرة أنّ مستثمرين من 47 دولة حول العالم أسسوا 354 شركة موجودة في المنطقة الحرة هناك، حيث يعملون في قطاعات مختلفة منها التجارية والصناعية والخدمية والسياحية، حيث وصل حجم الاستثمارات الاجنبية منذ عام 2003 في منطقة تشابهار الحرة إلى 770 مليون دولار، حيث تمّ تنفيذ مشاريع بقيمة إجمالية وصلت إلى 53 مليون دولار.
وبشكل عام يؤكد المسؤولون الإيرانيون أنّ عدد الشركات الأجنبية والمحلية المسجلة في المنطقة الحرة في تشابهار 3168 شركة، ووفرت هذه الشركات 13600 فرصة عمل، حيث يمكن تسجيل أي شركة في المنطقة الحرّة إلكترونياً وبمدّة لا تتجاوز اليومين، كما وصل حجم استثمار 2814 شركة إيرانية إلى 160 تريليون ريال منذ عام 2002، حيث تمّ تنفيذ مشاريع بقيمة إجمالية وصلت إلى 11 تريليون ريال.
ويجري حالياً بحسب المسؤولين الإيرانيين تحضير تسع مدنٍ صناعية متخصصة، منها صناعة السيارات، تعليب ومعالجة التمور، ومصائد الأسماك، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تعليب وتجهيز الأغذية، الكيماويات، اللوجستيات، الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى مدينة طبيّة من أجل استثمارات القطاع الخاص، كما تمّ تخصيص 1276 هكتارا من الأراضي لإنشاء وبناء المدن الصناعية التسعة، ويقدر حجم استثمارات هذه المدن بنحو 551 مليون دولار.
التسهيلات الإيرانية
"تشابهار" بات يُشار إلى هذا الاسم بـ "بوابة التنمية الشرقية"، وذلك لما يتميّز به من موقع استثماري جيد، بالإضافة إلى الامتيازات الخاصة المُقدمة للمستثمرين في منطقة تشابهار الحرة بهدف تشجيع الاستثمار، حيث يمكن لأي مُستثمر تنفيذ أي فكرة مربحة، ناهيك عن ضمانات الاستثمار على أساس "قانون الحوافز ودعم الاستثمار الأجنبي في إيران" وإمكانية تحويل 100٪ من رأس المال والأرباح من أنشطة المستثمرين الأجانب إلى الخارج.
وتشمل التسهيلات المقدمة للمستثمرين الإعفاء الضريبي بنسبة 100٪ للدخل والأصول لمدة عشرين عاماً قابلة للتمديد، بالإضافة لإعفاء الآلات والمواد الخام التي تحتاجها الشركات من رسوم الجمارك ورسوم الطرقات، بالإضافة إلى التصدير الحر للمنتجات التي تنتجها كل منطقة وإعفائها من الأحكام العامة للتصدير والاستيراد، بالإضافة لإعفاء المنتجات المصنعة من قبل الوحدات الصناعية في المنطقة من الرسوم الجمركية في حال رغبت بتصدير منتجاتها إلى بلدها الأم مع احتساب كمية القيمة المضافة من استخدام المواد الخام المحلية.
كما يُمكن للمستثمرين في المنطقة الحرة في تشابهار استخدام العمالة الأجنبية بنسبة 10٪ من إجمالي القوى العاملة في المنطقة، كما ويسمح للمستثمر أيضاً بالبيع بالتجزئة، ومن بين المزايا الأخرى لهذه المنطقة البيع والآجار طويل الأجل للمستثمرين الأجانب، كما ويُمكن للمستثمرين أن يتملّكون ما نسبته 100٪ من أسهم الشركات.
ويؤكد المسؤولون الإيرانيون وجود قواعد وأنظمة مرنة فيما يتعلق بالقوى العاملة المستخدمة في المنطقة الحرة في تشابهار، الأمر الذي يساعد المستثمرين بالقيام بأعمال النقل والتحميل والعبور، وإعفائهم من الرسوم الجمرکية ورسوم الطرقات، باستثناء تكاليف النقل والمستودعات، كما ويمكنهم الاستفادة من التسهيلات المصرفية لتنفيذ المشاريع الاستثمارية وإمكانية إنشاء بنوك وشركات تأمين داخلية وخارجية أو إنشاء فروع لها في المنطقة الحرة في تشابهار.
تجدر الإشارة إلى أنّ ميناء تشابهار يشكل منطقةً رائدة في بحر العرب والمحيط الهندي، ومن المتوقع أن يكون هذا الميناء سوقاً للسلع وتصدير المنتجات والمعادن والطاقة، ويمكن أن تشمل خدماته أكثر من 100 مليون نسمة يعيشون في إيران وأفغانستان وآسيا الوسطى.
كما أنّ مستقبل تشابهار يَعِدُ بتنمية اقتصادية واعدة، حيث يمكن أن يلعب دوراً تكميلياً أو بديلاً للممر الاقتصادي الباكستاني (CPEC)، كما يُظهر ميناء تشابهار قدرة إيران للتعاون مع مبادرة "التعاون الاقتصادي الإقليمي في آسيا الوسطى" التي ستربط شبكة السكك الحديدية بأسواق الدول المُطلّة على الخليج الفارسي والمحيط الهندي.