الوقت - من المتوقع ان تفرض الخزانة الامريكية عقوبات جديدة على شخصيات روسية من بينها رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، رئيس المكتب الرئاسي الروسي أنطوان فينو، المساعد الأول لرئيس الوزراء الروسي ايغور شوانوف وكذلك جميع الوزراء الروس، بمن فيهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فضلا عن بعض الشخصيات الروسية النافذة والمؤثرة على الصعيدين التجاري والاقتصادي الروسي من بينها الملياردير المعروف علیشیر عثمانوف، واحد من بين أغنى 100 شخص في العالم، والملياردير رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي البريطاني. وتعد هذه العقوبات جزءاً من من قانون العقوبات الذي وقعه دونالد ترامب في أغسطس/اب الماضي اثر اتهام روسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الامريكية في عام 2016. وفي هذا الصدد ادعت وزارة الخزانة ان نشر القائمة لا يتضمن اسماء هؤلاء الافراد في قائمة العقوبات، بيد ان وسائل الاعلام الروسية قالت ان الافراد المدرجين في القائمة قد يتعرضون لعقوبات جديدة في المستقبل.
وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية أبلغت الكونغرس بأنه ليست هناك حاجة لعقوبات أخرى ضد روسيا، فمن الواضح أنه نظرا للمواقف المناهضة لروسيا في الأوساط السياسية الامريكية والهياكل الكبيرة للنظام الأمريكي (الكونغرس)، من المحتمل أن يتم فرض المزيد من العقوبات ضد روسيا في المستقبل. وفي اول رد فعل من روسيا ادانت موسكو التقرير قائلة ان العلاقات بين الكرملين والبيت الأبيض أصابها فشل شبه كامل. وفي المقابل، أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" مايك بومبيو في مقابلة نشرت الاثنين، أن التدخل الروسي لم يتوقف وستحاول روسيا على الأرجح التأثير في الانتخابات التشريعية التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
وتزداد القضايا تعقيدا بين البلدين يوما بعد يوم، حيث أصبح واضحاً للعيان ان الرئيس الذي كان مفضلاً لدى الروس في الانتخابات الرئاسية الامريكية، دونالد ترامب لم ينجح ولم يتمكن من إعادة العلاقات الروسية الامريكية الى الطريق الصحيح، رغم إشاداته المتكررة بالرئيس الروسي فلادمير بوتين خلال الحملة الانتخابية وتصريحاته حول إعادة العلاقات بين أمريكا وروسيا الى سابق عهدها، الا ان المحللين انذاك شككوا في قدرة ترامب على تحقيق ذلك وهذا ما حصل.
ويقول المحللون في هذا الصدد ان العقوبات الامريكية على روسيا تأتي بسبب الخلاف الكبير الحاصل بين الطرفين في القضايا الإقليمية إضافة الى رفض المراكز الرسمية الداخلية في أمريكا كمجلس الشيوخ والكونغرس لتحسين علاقات واشنطن مع موسكو.
في أي حال، لقد مضى حوالي عام منذ وصول ترامب إلى السلطة في امريكا، ولم تتغير العلاقة بين الكرملين والبيت الأبيض، ولا تزال العقوبات ضد روسيا سارية المفعول بل ازدادت، وفي آخر تحول، كما يقول الروس، فإن الولايات المتحدة ستكون قادرة على التدخل في الانتخابات الرئاسية المقبلة في روسيا. وفي هذا السياق يقول "يفغيني فيودوروف" ممثل مجلس الدوما الروسي في مقابلات حصرية مع صحيفة "برافدا" الروسية: "ان الانتخابات الرئاسية الروسية في عام 2018 ذات أهمية كبيرة لأمريكا، لأن مستقبلهم يعتمد على نتائجه". واضاف "في هذه الانتخابات، ان فاز بوتين فستفوز روسيا بخروجها من العالم الأحادي القطب الأمريكي، أو أن الأمريكيين سيفوزون وذلك عبر تدعيمهم لنتائج الحرب الباردة".
وكمثال عن التدخلات الامريكية في الانتخابات الرئاسية الروسية، استنكرت وزارة الخارجية الروسية في 31/12/2017 تصريحات الخارجية الأمريكية بشأن رفض لجنة الانتخابات الروسية تسجيل المعارض أليكسي نافالني مرشحًا لانتخابات الرئاسة. واعتبرت موسكو أن تصريحات الإدارة الأمريكية تدخل مباشر في الانتخابات الروسية. وكتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر حسابها على موقع "فيسبوك" أمس: إن "تصريح أمريكا، والذي لن يكون وحيدا، حسب قناعتي، هو تدخل مباشر في عملية الانتخابات، وشؤوننا الداخلية".
اذاً اصبح من المؤكد ان إضافة التحدي إلى المشاكل القائمة بين البلدين سيؤدي إلى مزيد من التوترات بين موسكو وواشنطن، وبطبيعة الحال، يمكن القول ان استمرار الحديث عن تورط روسي في التدخل في الانتخابات الرئاسية الامريكية يأتي نتيجة للمنافسة الداخلية في الساحة السياسية الأمريكية لاجل وضع حكومة ترامب تحت الضغط. ونتيجة لذلك، فان العلاقات الروسية الامريكية في عصر ترامب تأثرت بشكل سلبي على عكس ما كان مرجواً. ومن الأمثلة على ذلك موقف السيناتور الديمقراطي بن كاردين، الذي انتقد دونالد ترامب، مدعياً أنه لن يتصرف ضد محاولات روسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية السابقة.
خلاصة القول، ما هو واضح الان هو أن التطورات في النظام الدولي تسير قدما نحو ازدياد التباعد بين كل من روسيا وامريكا، إضافة الى ازدياد التباعد في وجهات النظر الامريكية مع الجهات الفاعلة الكبرى الأخرى والجهات الفاعلة في النظام الدولي، مثل الصين وأوروبا بشكل أصبحت غير مواتية في العديد من القضايا، الا ان الروسي سيكون المستفيد الأكبر من هذا التباعد.