الوقت- تعتبر التشرد ظاهرة تنتشر في المجتمعات وفي كل دول العالم وسط سعي حكومي للسيطرة عليها، أما أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة لدرجة ان ينام المشردون في الازقة والطرقات وبأرقام خيالية هو أمر لا يمكن السكوت عليه وبالذات في بلد مثل امريكا التي لطالما تغنت بمساعدة المشردين بالعالم و ارسال المساعدات لهم، بينما هي نفسها لا يمكنها ان تجد مأوى للمشردين الذين باتوا ينتشرون في كل مكان وهذا طبقا لما كشفه تقرير السكان الجديد التابع للأمم المتحدة.
حيث كشفت دراسة حكومية جديدة أن حوالي 553،742 شخصا كانوا بلا مأوى في ليلة واحدة هذا العام، حيث ارتفع عدد السكان المشردين في أمريكا هذا العام للمرة الأولى منذ الركود الاقتصادي الكبير، متأثراً بأزمة السكن التي أصابت الساحل الغربي لامريكا، وفقا لدراسة فيدرالية جديدة.
ووجدت الدراسة أن 553،742 شخصا كانوا بلا مأوى في ليلة واحدة هذا العام، بزيادة قدرها 0.7 بالمئة عن العام الماضي، حيث يشير التقرير الى انه وبالرغم من وجود سوق مزدهر وازدياد الناتج المحلي الاجمالي الا أن أفقر الامريكيين ما زالوا يكافحون لتلبية احتياجاتهم الاساسية.
وفي هذا السياق قال بيتر لين، رئيس وكالة لوس أنجلوس للتشرد: "إن تحسن الاقتصاد شيء جيد، لكنه يضع ضغوطا على سوق الإيجارات، مما يضغط على الفئة الفقيرة حيث تم تسجيل عدد قياسي لأعداد المتشردين والذي يبلغ 55،000 شخص، واضاف "من الواضح ان التشرد الذي بات ينتشر لدينا بشكل كبير يؤثر بشكل كبير على الصورة الوطنية لامريكا".
أما بن كارسون، سكرتير ادارة الاسكان والتنمية الحضرية، الذي اصدر التقرير اعلاه قال في بيان له "ان هذه ليست مشكلة اتحادية - انها مشكلة الجميع ويجب ان تحل بسرعة".
بدوره قال جون بارفنسكي، رئيس تحالف كولورادو للمشردين: "أنا مندهش لأن الأرقام التي تعاني منها بلادنا ترتفع بشكل أسرع مما كنا نتخيله".
و كشف التقرير عن زيادة بعدد المشردين بنسبة 4.1 في المئة في نيويورك، وفي الغرب، سجلت كل من سياتل وبورتلاند وسان دييغو وسكرامنتو وأوكلاند زيادات كبيرة في نسب أعداد المشردين، ومعظم الزيادة في جميع أنحاء البلاد شملت الناس الذين يعيشون في المداخل والخيام بدلا من أن يمكثوا على الاقل في الملاجئ، وبالطبع فإن الأمريكيين الأفارقة يشكلون أكثر من ثلث العدد.
ويبدو أن انتشار التشرد بات آفة يعاني منها المجتمع الامريكي لأن معدل الفقر الوطني قد انخفض إلى نفس المستوى الذي كان عليه قبل الركود، غير أن التشرد مرتبط بالنمو الاقتصادي، وفي بعض المدن الكبرى يصعب الوصول إلى أصحاب الدخل الأدنى بغية اعطاء ارقام أكثر دقة.
وبينت صحيفة الغاريان البريطانية في تقرير لها أن متوسط الأجور بالساعة في الولايات المتحدة يتفاوت من 16،74 دولارا في عام 1973 إلى 17،86 دولارا في عام 2016، وهذا وفقا لمعهد السياسات الاقتصادية الامر الذي تسبب بتفاقم مشكلة التشرد بشكل كبير.
وتاريخ التشرد في بلاد العم سام ظهر كقضية وطنية في سبعينات القرن التاسع عشر، حيث عاش العديد من المشردين في المدن الحضرية الناشئة، مثل مدينة نيويورك، وفي القرن العشرين، تسبب الكساد العظيم في الثلاثينيات بانتشار الفقرالمدقع والجوع والتشرد، وكان هناك مليونان من المشردين يهاجرون عبر الولايات المتحدة، وفي الستينات، كان إضفاء الطابع المؤسسي على المرضى في مستشفيات الأمراض النفسية التابعة للدولة، عاملا اساسيا بتصنيف السكان الذين لا مأوى لهم.
وتشمل أسباب التشرد في الولايات المتحدة كلا من نقص المساكن بأسعار معقولة، والطلاق، والإخلاء القانوني، والرهن، والحرائق، والكوارث الطبيعية (الإعصار، والزلازل، أو الفيضانات)، والمرض العقلي، والإعاقة الجسدية، أو عدم توفیر الخدمات اللازمة، أو إلغاء المعاشات التقاعدية، أو استحقاقات البطالة، أو عدم كفاية مصادر الدخل (مثل الضمان الاجتماعي، أو أرباح الأسهم، أو المعاش التقاعدي)، والفقر، والقمار، والبطالة، والوظائف منخفضة الأجر.
ويؤثر التشرد في الولايات المتحدة على قطاعات كثيرة من السكان، بما في ذلك الأسر والأطفال وضحايا العنف المنزلي والمدانون السابقون والمحاربون القدماء والمسنون.