الوقت- عبد الملك بدر الدين الحوثي الزعيم الحالي لحركة أنصار الله، كيف استطاعت هذه الشخصية في مقتبل العمر أن تواجه غطرسة دول ذات هيمنة في المنطقة كالسعودية؟ هذا الشاب الذي تولى قيادة حركة أنصار الله في عمر لم يتجاوز خمسة وعشرين عاماً، وارثا الحكمة والفصاحة من والده المرجع الديني المعروف بدر الدين الحوثي والقيادة والشجاعة من أخيه حسين. كيف استطاعت شخصية هذا الزعيم البروز إعلاميا ومنافسة الزعماء؟ وكيف جعلت منه كابوساً يؤرق نوم الاسرة الحاكمة في السعودية بعد أن كان وضع اليمن كالخاتم بالإصبع؟ وكيف رفض الهيمنة الخارجية وكان له ولحركته سياسة العزة والكرامة؟
نشأة أبو جبريل وقيادته
- أبو جبريل اللقب المعروف لعبد الملك الحوثي، لم يدرس في المدارس الحكومية وإنما تتلمذ وتعلم على يد والده، الذي كان ينتقل من قرية الى قرية في الارياف الشمالية لليمن، من أجل تدريس العلوم الفقهية وحل النزاعات والخلافات بين القبائل بسبب مكانته المشهود لها بين القبائل. فقد خصص له والده منهجا درسيا وهو في عمر الثالثة عشر، وهذا ما يدل على مقدار الفصاحة والتكلم الذي يتمتع به أبو جبريل. بساطة حياة عبد الملك في صغره انتقلت معه الى موقع القيادة، فهو ذلك القائد حقا ولكن بنفس الوقت لا يعيش حياة الزعماء من بزخ وترف، وإنما عيشة بين الجبال والوديان. هذه البساطة والزهد الذي ورثه عن والده جعل منه القائد المحبوب من قبل انصاره، لما يشاركهم من صعوبة الحياة وهمومها.
- انتقل عبد الملك من حياة الريف الى حياة المدينة عندما توجه الى صنعاء ليساند أخيه الأكبر حسين بدر الدين الحوثي مؤسس حركة أنصار الله. وهناك بدأ بالتأثر بأخيه واكتسب منه الحنكة السياسية بالاضافة الى الشجاعة في عدم الخضوع والسير وراء الإملاءات الخارجية. وقبل استشهاد الأخ الاكبر استلم عبد الملك رسالة مكتوبة من أخيه، تحتوي على توجيهات وخطط للمواجهات مع الحكومة. وفي عمر خمسة وعشرين تولى عبد الملك قيادة حركة أنصار الله، وقاد معاركه ضد الحكومة آنذاك.
- ومع الثورة في اليمن كان للرجل كلمة، إذ ساند وأيد الحراك اليمني وكان لحركة أنصار الله الدور في الاطاحة بحكم علي عبدالله صالح. لم يكن للزعيم عبد الملك أي طموح سلطوي أو سيادي فلم يكن له وزراء تمثل الحركة في أثناء انعقاد المبادرة الخليجية، وإنما كانت مسيرة الحركة عدم السكوت عن الظلم ومساندة المستضعفين. وساندت حركة أنصار الله حراك الجنوبيين، ورفضوا قرارات المؤتمر الوطني للحوار في تقسيم اليمن الى دولة اتحادية بست أقاليم. سياسة عبد الملك الحوثي كانت واضحة للعالم، مساندة للشعب اليمني بكل أطيافه، ورافضة للتدخل الخارجي عبر النفوذ السعودي في إدارة الحكم في اليمن.
الحرب السعودية وهزيمة آل سعود
- عندما كانت حكومة عبد ربه منصور هادي، المنبثقة عن المبادرة الخليجية، غير قادرة على تحقيق مطالب الشعب اليمني بالثورة في الاصلاح والتغيير، وبعد سلسلة من القرارات المجحفة بحق المواطن، تحركت أنصار الله للوقوف في وجه الظلم وإعادة الثورة الى مسارها الحقيقي. فقام الشعب اليمني بالاحتجاج على قرارات الحكومة ورفض الفساد الاداري والمالي، وبعد هذا الاحتجاج أرسل عبد ربه منصور وفدا للتفاوض مع الزعيم عبد الملك الحوثي، وبعد تقديم عروض من قبل الوفد "لبيع الشعب"، كان الرد من حركة أنصار الله، أنهم ليسوا طلاب سلطة ويريدون حكومة تكنوقراط لا يتحكم فيها نافذون. وبعد توجه الشعب اليمني الى الاعتصام في دوائر الدولة، هرب عبد ربه منصور هادي الى السعودية مستنجدا بحكام آل سعود، فاستلم الحراك الشعبي بقيادة حركة أنصار الله زمام الامور في اليمن.
- بعد استعانة عبد ربه بسلطة الرياض ضد الحراك الشعبي، قامت السعودية وبتحالف مع قوى أخرى بشن حربها على اليمن بحجة إعادة شرعية عبد ربه منصور وإنهاء التمرد الشعبي ضده. ولكن الزعيم عبد الملك الذي قاد معركة الوقوف في وجه الحرب السعودية، وقف صامدا وشجاعا، وأدار هذه المعركة بكل حنكة وهدوء. فقد تحدث في خطاباته في الايام الاولى للحرب بكل سياسة ودعا الرياض إلى إعادة حساباتها قائلاً إن حركة الشعب اليمني لن تتراجع أو تنسحب، وستستمر في مطالبها رغم كل التحديات حتى النصر. قاد زعيم أنصار الله المعركة بالصبر على وقع الهجمات الجوية للتحالف، ومن ثم بالرد عبر هجمات برية استطاعت النيل من هيبة السلطة في الرياض، وبعدها أتى الحديث عبر استخدام اللجان الشعبية لصواريخ سكود في استهداف مقرات عسكرية جوية في جنوب السعودية.
- هذه السياسة الذكية والشجاعة التي اتبعها عبدالملك الحوثي أقلقت السعودية جدا مما جعلتها تتخبط وتنشر أكاذيب وأخباراً غير صحيحة عبر حرب إعلامية لتثبيط الهجمة المعاكسة للحرب على اليمن، وقد برز دور الزعيم على الساحة الإعلامية العالمية بشكل قوي، فقد أصبحت خطابات عبدالملك الحوثي تنقل عبر المحطات الفضائية للعالم أجمع، ونتيجة دوره الهام في الحركة السياسية في اليمن، عمل الإعلام السعودي عبر الصحف ومراكز الاعلام منذ العام 2009 والى اليوم على الحديث عن إغتيال عبدالملك الحوثي زعيم أنصار الله.
شخصية الزعيم عبد الملك الحوثي القوية والشجاعة والتي تتسم بالبساطة في الوقت نفسه، استطاعت الصمود في وجه الحرب على اليمن وهي في طريقها الى النصر.