الوقت- قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية على لسان الكاتب "باتريك كوكبورن" إن أعمال محمد بن سلمان هذا العام لم تكن دائما تعمل لمصلحة السعودية وقد اضعفت موقف هذا البلد في العالم.
حيث تابع الكاتب بالقول: إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من المملكة العربية السعودية هو رجل الشرق الأوسط الذي لا شك فيه هذا العام، ولكن تأثيره الكبير ينبع من إخفاقاته أكثر من نجاحاته، حيث اتهم بأنه "ماكيافيلي" في طريقه بالوصول إلى العرش من خلال القضاء على المعارضين داخل العائلة المالكة وخارجها، ولكن عندما يتعلق الأمر بموقف المملكة العربية السعودية في العالم، فإن أخطاءه القاتلة تذكر أقل من المناورات الماكرة من "ماكيافيلي" والمفتش كلوسو.
واستطرد الكاتب بالقول: مرارا وتكرارا، شرع الأمير المتهور الزئبقي في المشاريع في الخارج التي تحقق عكس ما كان ينوي عندما أصبح والده ملكا في أوائل عام 2015، قدم الدعم لهجوم المتمردين في سوريا الأمر الذي حقق بعض النجاح لكنه أثار تدخلا عسكريا روسيا واسع النطاق، ما أدى بدوره إلى انتصار الرئيس بشار الأسد. وفي الوقت نفسه تقريبا، أطلقت الحركة العسكرية السعودية تدخلا مسلحا في الحرب في اليمن من خلال الضربات الجوية، وكان هذا العمل يطلق عليه اسم "عاصفة الحسم"، ولكن بعد عامين ونصف العام من الحرب التي ما زالت مستمرة، قتل 10 آلاف شخص وجلب ما لا يقل عن سبعة ملايين يمني بالقرب من المجاعة.
وتابع الكاتب البريطاني الشهير: يركز ولي العهد في السياسة الخارجية السعودية على المعارضة العدوانية لإيران وحلفائها الإقليميين، وأدت سياسته ايضاً إلى هذا الخلاف مع قطر، التي تلعب فيها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة دورا رائدا، إلى فرض حصار من قبل خمسة أشهر لا يزال قائما.
واضاف الكاتب البريطاني بالقول: ومن جانبه، يكتشف البيت الأبيض حدود القوة السعودية، ولم يتم التمكن من الحصول على موافقة الزعيم الفلسطيني محمود عباس على خطة سلام ترعاها الولايات المتحدة من شأنها أن تعطي إسرائيل كثيرا والفلسطينيين قليلا جدا. قد تبدو فكرة التحالف السعودي الإسرائيلي السري ضد إيران جذابة لبعض مراكز التفكير في واشنطن، ولكن لا معنى لها على أرض الواقع. إن الافتراض بأن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، والوعد بتحريك السفارة الأمريكية هناك، لن يكون له أي آثار طويلة الأجل على المواقف في الشرق الأوسط التي بدأت تبدو مهتزة.
إن السعودية - وليس منافسيها - أصبحت معزولة. وقد تغير توازن القوى السياسية في المنطقة إلى وضع غير مناسب على مدى العامين الماضيين. بعض من هذا يسبق ارتفاع مؤشر "مبس" الذي اكد انه وبحلول عام 2015 أصبح واضحا أن مجموعة من الدول السنية بقيادة السعودية وقطر وتركيا فشلوا في تنفيذ تغيير النظام في دمشق. وقد تفرقت هذه المجموعة القوية مع اقتراب تركيا وقطر من المحور الذي تقوده إيران بقيادة روسيا، وهي القوة المهيمنة في الطبقة الشمالية من الشرق الأوسط بين أفغانستان والبحر الأبيض المتوسط.
إذا أرادت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن تفعل أي شيء حول هذه المحاذاة الجديدة، فإنها اليوم في وقت متأخر جدا. وهناك دول أخرى في الشرق الأوسط تدرك أن هناك فائزين وخاسرين، ولا يرغبون في أن يكونوا على الجانب الخاسر. عندما دعا الرئيس رجب طيب أردوغان إلى عقد اجتماع في اسطنبول هذا الأسبوع في منظمة التعاون الإسلامي، تنتمي إليه 57 دولة مسلمة، لرفض وإدانة القرار الأمريكي بشأن القدس، لم ترسل المملكة العربية السعودية سوى ممثل صغير لهذه المنظمة المعتادة. لكن قادة دول آخرين مثل الرئيس الايراني حسن روحاني والملك عبد الله الاردني وامير الكويت وقطر من بين دول اخرى كثيرة. واعترفوا بالقدس الشرقية عاصمة فلسطينية وطالبوا الولايات المتحدة عكس قرارها.
وكثيرا ما تفسر الأخطاء التي يقوم بها القادة الأقوياء على أن تستكمل بإسداء النصح والمشورة المضللة من كبار مساعديهم. وغالبا ما تكون الخطوات الأولى في التدخل الأجنبي مغرية لأن القائد يمكن أن يقدم نفسه كحامل معيار وطني، مبررا احتكار السلطة في الداخل. مثل هذا الموقف الوطني هو اختصار للشعبية، ولكن هناك دائما مشروع قانون سياسي لدفع المواجهات والحروب التي تنتهي بالإحباط والهزيمة.