الوقت- العنصرية تجتاح المجتمع الأمريكي وولاياته الخمسين بطريقة غير مسبوقة، وكأن هذا المجتمع أعيد حقنه بجرعات عنصرية عززت هذا النزعة لديه، ولا يمكننا أن نبرئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسياسته من تأزيم العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية وليس من باب المصادفة أن الهجمات والحملات العنصرية تتزايد يوما بعد يوم منذ وصول ترامب إلى سدة الحكم.
نازية جديدة في أمريكا
يتعرض السود والمسلمين على حد سواء إلى حملات عنصرية زادت وتيرتها في ظل الخطاب السياسي المعادي للمسلمين، وموجة الإسلاموفوبيا التي اجتاحت البلاد وما تلقاه من ترويج في بعض وسائل الإعلام الأميركية، وتشير أرقام مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إلى أن الحوادث المناهضة للمسلمين زادت أكثر من 50% من عام 2015 إلى 2016 لأسباب من بينها تركيز الرئيس دونالد ترمب على الجماعات الإسلامية المتشددة وخطابه المناهض للهجرة.
ووفقا لواشنطن بوست، هنالك أكثر من 160 ملف يتعلق بضحايا الممارسات العنصرية الذين قتلوا على أيدي الشرطة الامريكية بين 14 أغسطس 2016 و 14 أغسطس 2017 حيث لم يتم الإعلان عنها أو الموافقة عليها الى الان.
ومنذ عام على الاحتجاج الأول لكوبرنيكوس قتل ما لايقل عن 223 من السود الامريكيين على يد قوات الشرطة، ووصلت العنصرية الأمريكية إلى داخل المدارس، وجميعنا يذكر الفضيحة التي حصلت في مدرسة ابتدائية بمدينة بريدج ووتر في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، حيث انتشرت صورة ظهر فيها اثنان من التلامذة البيض وهما يمسكان بقياد رسن علّق بعنق فتاة ذات بشرة داكنة في أحد الدروس وهي جاثية أمامهما على ركبتيها.
أرقام وحقائق
العداء تجاه المسلمين والسود يتزايد في أمريكا، حتى أن كل المحاولات التي قام بها ناشطون أمريكيون للحد من هذه الظاهرة لم تفلح، ووصلت الأمور إلى حد أصدر فيه خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "إنذارا مبكرا" بشأن الاضطرابات الأخيرة بالولايات المتحدة، وهو إجراء نادر يهدف إلى التحذير من احتمال نشوب نزاع عنصري الطابع بين مختلف المجموعات.
وكان لخطابات ترامب منذ حملته الإنتخابية وحتى اليوم دور كبير ببث روح العنصرية داخل المجتمع الامريكي، حتى وصل الأمر إلى مكان شعر فيه المسلمين بتحيز كبير ضدهم، وبحسب استطلاعات جديدة للرأي قال 75% من المستطلعين أن هناك "الكثير" من التمييز ضد المسلمين في الولايات المتحدة وقال 60% من المسلمين و68% من النساء المسلمات أن التغطية الإعلامية للمسلمين غير عادلة. وعندما سُئل المستطلعون عن أهم المشاكل التي تواجه المسلمين الأميركيين اليوم، كانت الأجوبة الأكثر انتشارا "التمييز والعنصرية والتحيز" والنظر إلى المسلمين "على أنهم إرهابيون" و"مواقف وسياسات ترمب تجاه المسلمين". بشكل عام، فإن الأميركيين المسلمين ليسوا من مُحبِّي الرئيس. وقال ثلاثة أرباع المستطلعين إنَّ ترمب "غير ودّي" تجاه المسلمين في الولايات المتحدة، ويعارض 65% منهم ما يفعله في منصبه.
استراتيجية ترامب
منذ وصوله للسلطة وحتى قبل ذلك اتبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة معادية للمسلمين وللدول ذات الغالبية المسلمة، وكان قد دعا ترامب في احدى خطاباته إلى "حماية الأمّة من الإرهابيين الأجانب" (المعروفة شعبيّاً باسم "حظر المسلمين")، هذا النداء السياسي يدعو إلى التحيّزات العرقيّة والدينيّة لممارسة السلطة القوميّة الإقصائيّة، هذه السياسة سيكون لها تأثير دائم على البنى الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة الأميركيّة.
ولم تتوقف عدوانية ترامب على المسلمين عند هذا الحد فقد تعدت ذلك لتطال جيرانه المكسيكيين، فقد ألقى خطابا في سباق الرئاسة الامريكية كان مشحونا بالعنصرية والكراهية قال فيه : " لقد أصبحت الولايات المتحدة أرضا للتخلص من مشاكل الجميع. إنّها حقيقة.. وعندما ترسل المكسيك شعبها، فإنها لا ترسل أفضل ما لديها.. إنهم يرسلون الأشخاص الذين لديهم الكثير من المشاكل، ويجلبون هذه المشاكل إلينا. إنّهم يجلبون المخدرات. ويأتون بالجريمة. إنّهم المغتصبون. وبعضهم، كما أظنّ، هم أشخاص طيّبون. لكنّي أتحدث إلى حرس الحدود، ويقولون لنا ما نصل إليه. وهذا وحده ما يعطينا تفسيراً. فهم لا يرسلون لنا الأشخاص المناسبين. وذلك يأتي ليس من المكسيك فحسب. إنّه يقدم من جميع أنحاء الجنوب ومن أميركا اللاتينيّة، وربما يأتي -على الأرجح- من الشرق الأوسط. لكننا لا نعرف. لأنّه ليس لدينا أي حماية، وليس لدينا أية كفاءة. نحن لا نعرف ما يحدث".
ختاماً، ما يجري اليوم في الولايات المتحدة الامريكية خاصة من قبل المنظمات العنصرية الأمريكية التي تنادي بسمو العرق الابيض مثل "منظمات كو كلوكس كلان والنازيون الجدد وغيرهم من جماعات الكراهية سيقود المجتمع الامريكي إلى حافة الهاوية، وأصبح ينذر بأن القادم من الأيام سيكون أكثر وحشية نتيجة لتساهل السلطات مع هؤلاء، حتى أنها لا تسميهم إرهابيين على عكس تعاملها مع الجماعات الآخرى، وجميعنا يذكر حادثة لاس فيغاس التي قتل فيها 50 شخص وأصيب حينها أكثر من 400 آخرين خلال مهرجان الموسيقى، ومع ذلك لم تصف الولايات المتحدة والإعلام الغربي المسلح ستيفن بادوك الذي نفذ الهجوم بالإرهابي، واستبدلت هذا بوصفه بأنه "ذئب منفرد" و "جد" و"مقامر" و"محاسب سابق"، لكنه لم يوصف بكلمة "إرهابي"، وعلى اثر ذلك تفجر نقاش حول هذا الموضوع على شبكات التواصل الاجتماعي، وقال كثر إنه لو كان مسلما، فإن مصطلح "إرهابي" كان سيُستخدم على الفور لوصفه، كما كان سيجري ربطه بـ"الإرهاب الإسلامي" حتى من دون وجود أي دليل.