الوقت- "اليد الخفية لـ بن سلمان"، هكذا وصف موقع أمريكي بدر العساكر المقرب لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بعد زيارة سرية قام بها للعاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الماضي، في وقت يشهد فيه البلدين علاقة باردة منذ وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السّلطة.
بدر بن محمد العساكر، أحد الجنود المجهولين لـ بن سلمان، والذي لم يظهر على الساحة كثيرا، ويبدو أن تحركاته أيضاً تكون سرية، فلم يتم تداول زيارته الأخيرة لباريس ولقائه ماكرون في وسائل الإعلام، كما لم يُكشف عن هدفها.
وعلى الرغم من أن زيارة العساكر، الذي يتبوّأ منصب الأمين العام لمؤسسة بن سلمان "مسك" الخيرية، للعاصمة الفرنسية، لم تكن مدرجة بصفةٍ رسمية على جدول أعمال ماكرون، إلا أن الأخير استقبله، مما يعكس الدور الهام الذي يلعبه هذا الرجل في العائلة الحاكمة السعودية.
ويُعَد العساكر واحداً من أقرب مساعدي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، على الرغم من أنه ليس أحد أعضاء الحكومة السعودية رسمياً، كما أنه يتمتع بدور هام في منصبه كأمين عام لمؤسسة بن سلمان "مسك"، وفقاً لما ذكره موقع intelligenceonline الأمريكي.
في تموز 2017، صدر مرسوم ملكي من الملك سلمان بن عبد العزيز، بتعيين بدر العساكر، مديرًا لمكتب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمرتبة وزير. القرار الملكي جاء ضمن سلسلة قرارات وزارية استهدفت بشكل أساسي توسيع صلاحيات نجله الأمير الشاب، عبر تعيين رجال محسوبين عليه في مناصب فاعلة.
مؤسسة "مسك"
جاء هذا المنصب لـ"العساكر" في وقت يزداد تأثير مؤسسة "مسك" بشكلٍ ملحوظ في الآونة الأخيرة. ففي أيلول الماضي، تعهَّدت بتمويل أنشطة برنامج الغذاء العالمي، وهي أيضاً الجهة المسؤولة عن معرضٍ للفن السعودي افتُتِح مؤخراً في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).
وتُعَد المؤسسة ،التي لا يقتصر تأثيرها على الخارج فقط؛ بل وداخل السعودية أيضاً، مُوجَّهةً بالأساس تجاه الشراكات مع المؤسسات والكيانات الأمريكية، مثل مجموعة بوسطن الاستشارية وجامعة هارفارد.
وفي شباط من العام الجاري، عقدت مؤسسة "مسك" شراكةً أيضاً مع شركة غوغل لتطوير برامج تدريبية مهنية جديدة في السعودية. وتخطط كلٌ من "مسك" ووكالة بلومبيرغ الأمريكية أيضاً لتدريب الصحفيين السعوديين، في حين تمول المؤسسة، بالاشتراك مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية للصناعات العسكرية، كليةً للدراسات العليا في مجال إدارة الأعمال في الرياض.
وتطوِّر شركة جنرال إلكتريك الأمريكية مشروعاتٍ بالتعاون مع مؤسسة "مسك". وفي أيار الماضي، خصَّصت المؤسسة أموالاً من أجل صندوق استثمارٍ لصالح رائدات الأعمال تدعمه إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتعاونت شركة سيمنز الألمانية أيضاً مع "مسك" في العام الماضي لتنظيم فعالية هاكاثون وإطلاق برامج أخرى داخل المؤسسة السعودية. وفي الوقت الراهن، تُعَد كلية إنسياد لإدارة الأعمال هي الرابط الوحيد بين المؤسسة وفرنسا.
بدر العساكر
لم يكُن "العساكر" اسمًا ذائع الصيت داخل أوساط الحُكم بالقصر الملكي، طيلة السنوات الماضية، أو مؤرخًا، كما تُقدمه بعض الصحف السعودية المحلية، تستعين به الفضائيات السعودية والعربية لتفسير الوقائع التاريخية، بل كان مساره المهني كأغلب شباب المملكة المنحدرين من عائلات ثرية، في إدارة جزء من نشاط عائلته التجاري الذي يتمثل في شركة العساكر، التي يتركز نشاطها التجاري في توزيع وتسويق الأجهزة الكهربائية والإلكترونية عبر 10 محال تجارية تتوزع في العاصمة السعودية الرياض، وذلك بالتعاون مع أخيه الأكبر عبد المجيد، الذي يُباشر نشاط الشركة منذ تأسيسها في 1980.
وبالإضافة لكونه الأمين العام لمؤسسة "مسك"، يشغل بدر بن محمد العساكر أيضاً منصب مدير المكتب الخاص لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، للشؤون الخاصة.
وبهذه الصلاحيات، يُعد "العساكر" الذي تخرَّج في جامعة الملك سعود بالرياض مثل ولي العهد، مسؤولاً عن جدول الأعمال اليومي لمحمد بن سلمان وتوزيع الوقت على عمله السياسي، واستثماراته الشخصية، وأنشطته الترفيهية.
وهو أيضاً الأمين العام لـ"جائزة الملك سلمان لشباب الأعمال"، وعضو مجلس إدارة "مركز الملك سلمان للشباب"، كما يشغل عضوية مجلس الغرف السعودية،
وعضوية لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض. ويشغل عضوية مجلس إدارة مدارس الرياض أيضا، وعمل سابقاً نائباً للرئيس التنفيذي لاتحاد الصالحية للتمور والحلويات.
وبصفته أميناً عاماً لمؤسسة "مسك"، يعمل "العساكر" من كثب مع وزير التعليم السعودي، أحمد العيسى، أحد أفراد قبيلة العيسى ذات النفوذ القوي في المملكة.
أحد الأدوار التي أوكلت لبدر، العام الماضي، هو رسم صورة للأمير الشاب عن انفتاحه على كافة المؤسسات العالمية الدولية، واتّقاد ذهنه بأحدث التكنولوجيات التي يسعى لتزويدها داخل المؤسسات السعودية، وذلك عبر سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي بموقع "تويتر" يتباهى فيها بجهود زميل دراسته في هذا المجال.
امتد هذا الدور أيضًا، إلى تنظيم زيارات لمحمد بن سلمان مع رؤساء هذه الشركات، ومرافقته، كزيارته لمارك زوكربيرج مؤسس موقع فيسبوك، وكذلك لقائه ببل غيتس في الرياض، فضلًا عن تصميم برامج مشتركة مع شركات مايكروسوفت، وماكينزي، وبلومبرج لتدريب العاملين السعوديين بها، ونقل خبراتها للداخل السعودي.