الوقت- صدرت تقارير اقتصادية جديدة عن وكالة بلومبرغ الاقتصادية الأميركية، رجحت فيها أن تواجه السعودية عجزاً مالياً، وتباطؤاً غير مسبوق في النمو، مشيرة إلى فشل رؤية المملكة 2030 التي تتمثل بالتحول الاقتصادي السعودي من النفط إلى القطاعات غير الأحفورية مما يؤدي الى عواقب تكلفتها باهظة على المملكة السعودية.
وسط الشجار الحاصل بين العائلة السعودية الحاكمة الذي تفاقم في الفترة الاخيرة ورغم صفقة السلاح الاخيرة التي عقدتها مع امريكا بمليارات الدولارات، تستمر الازمات بالتفاقم شيئا فشيئا. فقد صدرت في الفترة الاخيرة تقارير اقتصادية عن وكالة بلومبرغ الامريكية تشير الى فشل رؤية المملكة 2030 القائمة على التحول الاقتصادي من النفط الى القطاعات غير الأحفورية وستكون تكلفتها باهظة مما يعرض نمو الاقتصاد السعودي للخطر والتدهور نحو الاسوأ.
وكانت "بلومبرغ" قالت في تقرير سابق لها في 3 أكتوبر الجاري إنه من المرجح ألا يولي المسؤولون السعوديون الذين يقودون جهود إعداد المملكة لعصر ما بعد النفط اهتماماً كبيراً للسبب الذي يقف وراء ركود أداء الاقتصاد المحلي لربعين متتالين، ولأول مرة منذ العام 2009.
وبحسب الخبير الاقتصادي لدى "بلومبرغ إنتليجنس" زياد داود فإن هذا المعدل يبقى غير كاف لتعويض تأثير انخفاض إيرادات النفط أو خفض نسب البطالة بالمملكة.
وبحسب تقرير بلومبرغ فقد ظهرت أحدث البيانات التي تشير الى أن الشركات والمستهلكين السعوديين لا يزالون يكافحون من أجل مواجهة تداعيات سياسات التقشف الحكومية، في وقت نما نشاط القطاع الخاص في الربع الثاني من العام بـ0.4%، مقابل 0.9% في الربع السابق. ووصفت الوكالة "رؤية 2030" بأنها كانت مثل "الصبي الطموح"، ما دعا الحكومة السعودية في وقت لاحق إلى الإعلان عن إجراءات من شأنها تعديل هذه الرؤية.
وفي هذا السياق اعلنت السعودية في الفترة السابقة أنها اقترضت 51 مليار ريال (13.6 مليار دولار) من السوق المحلية عبر إصدار صكوك حكومية يتم طرحها لأول مرة بالريال السعودي، وذلك لتغطية عجز الموازنة.
اراء الخبراء
وافق العديد من الخبراء رأي بلومبرغ حيث رأت المتخصصة في شؤون منطقة الخليج الفارسي "يونغ" أن "أزمة الخليج الفارسي الحالية وضعت شكوكا كبيرة حول خطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية ومستقبل مجلس التعاون الخليجي".
وكانت يونغ، التي أصدرت حديثاً كتاباً عن الاقتصاد السياسي للطاقة في منطقة الخليج الفارسي، قد أشارت إلى العقبات التي تواجهها "رؤية 2030"، لافتة إلى أن الحكومة السعودية اعتمدت لعقود طويلة على صرف الثروة النفطية عبر "كتابة الشيكات"، وفشلت في تلبية حاجة المواطن لخلق فرص عمل منتجة ومفيدة للدولة وللمواطن في صناعة الثروة.
وذكرت أنه على الرغم من أن أهداف "رؤية 2030" المعلنة، هي تنمية وخدمة المواطن السعودي العادي، إلا أنها توقعت في النهاية أن تؤدي في النهاية إلى خدمة العائلات التجارية المرتبطة بالدولة ولديها علاقات بالعائلة المالكة، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه توجد دلائل الآن على أن العطاءات تعطى للشركات التي لديها صلات وثيقة بالعائلة المالكة.
كما كشفت بيانات صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي، في أغسطس/ آب الماضي، عن أن المملكة خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، بعد أن تهاوى إلى 617.3 مليار ريال (164.6 مليار دولار) في يوليو/تموز 2017، مقابل 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار) في ديسمبر/كانون الأول 2014.
في هذا السياق أكد خبراء دوليون أن هناك العديد من المؤشرات التي تم رصدها حول تراجع الاقتصاد السعودي ومنها تراجع نسبة النمو الذي انخفض بنحو 1.4% مسجلاً تراجعا كبيرا مقارنة بنسبة نمو بلغت 4.1% في 2015، ومنها أيضا تراجع الاحتياطات الأجنبية، حيث تراجعت الأصول الاحتياطية الأجنبية السعودية نهاية العام الماضي بنسبة 13% إلى 2.011 تريليون ريال (536.4 مليار دولار)، هبوطاً من 2.312 تريليون ريال (616.4 مليار دولار) نهاية 2015، لتفقد 80 مليار دولار خلال العام الماضي كثاني تراجع سنوي بعد 2015.
كما ارتفع معدل أسعار المستهلك (التضخم أو الغلاء) في السعودية على أساس سنوي بنسبة 2.3% خلال الأشهر القليلة الماضية، وجاء ارتفاع معدل التضخم على أساس سنوي نتيجة الارتفاعات التي شهدتها الأقسام الرئيسية المكونة له، وفي مقدمتها التبغ والنقل والسكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى والصحة.
ولعل ما يؤكد تراجع الاقتصاد السعودي بشكل كبير هو تراجع قيمة عقود المشاريع الحكومية حيث بلغت قيمة عقود المشاريع الحكومية التي تم ترسيتها نحو 20 مليار دولار مقارنة مع 35.5 مليار دولار في 2015، كما تراجعت أرباح شركات قطاع الاستثمار والتمويل حيث هبطت الأرباح الصافية لشركات قطاع الاستثمار والتمويل المدرجة أسهمها في سوق المال السعودية نتيجة ارتفاع المصاريف العامة والإدارية والاستهلاكات، وانخفاض مبيعات القطاع الغذائي، وهو ما يؤكد أن الاقتصاد السعودي يسير دون خطة واضحة بل بالعكس يتجه نحو الأسوأ.
ولعل بعض الاسباب الرئيسية التي ادت الى عجز السعودية المالي، دخولها الحرب مع اليمن مما جعلها تزيد من انفاقها العكسري وتراكم الدين العام. وتراكم الازمات المتتالية وضعت السعودية في موقف محرج.