الوقت- صحيح أن ملف إيران النووي حظي بأهمية بالغة في الأيام الأخيرة، بعد خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن موضوع الخلافات الداخلية العراقية أيضا، المتمثّلة بالخلافات بين بغداد وكركوك، جلبت توجّه المهتمّين بشؤون النفط في المنطقة، فأزمة كهذه باستطاعتها التأثير على أسعار النفط، حسب ما يرى الخبراء.
و حسب وكالة رويترز للأنباء، إن التطورات حول الإتفاق النووي الإيراني، تؤثر على النفط وأسعاره في المنطقة، إلا أن التوترات الداخلية في العراق قد تؤثر بشكل أكبر على أسعار النفط في الفترة الراهنة.
لقد كان من المتوقّع أن يؤدي القضاء على داعش إلى التحام الشعب العراقي، لكن يبدو أن الأوضاع تتّجه إلى مناوشات داخليّة باستطاعتها القضاء على تصدير أكثر من نصف برميل من النفط يوميّا.
وإن حوالي ثلث الإنتاج النفطي في المنطقة يتم عبر شركات عالمية كبرى، وإن الشركتين الروسيّتين غازبروم نفط وروسنفت، وشركة شيفرون الأمريكية تهتمّ جدا بالعمل في إقليم كردستان، وأي خلل في توريد نفط هذه المناطق، بالإضافة إلى الصفعة التي سيوجّهها للشركات الكبرى، سيجعل المصافي الأوروبية تعاني من نقص حاد.
وكما قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها للشهر الجاري: "إن إيقاف العبور سيخلق مشاكل، خاصة لمشتري النفط الأوروبيين من شمال العراق. وتعد إيطاليا أكبرهم بينما تقوم كرواتيا واليونان وإسبانيا أيضا بشراء هذا النفط بشكل منتظم."
وأشارت إلى أنه "ما دامت الصادرات من شمال العراق مستمرة من خلال خط أنابيب حكومة إقليم كردستان التي تربط بين فروع خط أنابيب (كركوك – جيهان) النفطي على الحدود مع تركيا، فإن أي توقيف للعبور سوف يلحق الضرر بأربيل التي تصدر جميع نفطها عبر تركيا، وتحقق بذلك أغلبية الدخل".
وذكرت وكالة الطاقة الدولية أيضا أن "الشركات الأجنبية العاملة على أراضي الإقليم ينبغي أن تكون قلقة إزاء الوضع الحالي". حيث أعلنت شركة "روس نفط" الروسية، قبل استفتاء الإقليم، عن خطط مشتركة مع أربيل في عام 2019 لإطلاق خط أنابيب لتصدير الغاز إلى تركيا وأوروبا. وفي حزيران / يونيو، وقع الطرفان عددا من الاتفاقيات الملزمة بشأن توسيع التعاون في مجال استكشاف وإنتاج المواد الهيدروكربونية والتجارة واللوجستيات.
وعلى هذا الصعيد، إن إنتاج النفط التابع لدولة العراق المركزية في الشمال مهدد أيضا، فكما ذكرت وكالة الطاقة الدولية، تعمل الدولة على تعطيل خط النفط المتّصل مع تركيا، الذي يمرّ من إقليم كردستان. مما يشكل ضررا عليها.
وفي حال تصاعد الأزمة في الشمال العراقي، وبالتالي قطعها للصادرات النفطية من كردستان، سيكون تأثيرها أبعد من حدود المنطقة. فمشكلة كهذه ستدفع بمصافي الشرق الأوسط للبحث عن بديل، مما يشكل أزمة لها، ومن المؤكد أن البدائل ستكون من مناطق أبعد. وإن موضوعا كهذا من دون شك سيؤدي إلى وجود تفاوت بين العرض والطلب، مما يؤدي إلى نقص في المخزون في حال استمرار الأزمة.
الجدير ذكره أن كردستان العراق يصدر يوميا حوالي الـ565 ألف برميل، أي ما يساوي صادرات قطر النفطية.
وبالتالي، وكما يركّز السياسيون اليوم على مسألة إيران وبرنامجها النووي وعلاقتها بالولايات المتحدة، من المتوقّع أن يكون تركيز المهتمّين بالشّأن الإقتصادي على مسألة العراق والأزمة الحاصلة في الداخل بين أربيل وبغداد، ومستقبل العلاقات بين الطرفين.