الوقت - تعتبر "جائزة نوبل للسلام" من أشهر الجوائز التي تمنح سنوياً للأشخاص أو المؤسسات الدولية الناشطة في مجال تعزيز السلام في مختلف أنحاء العالم.
وقد فاز بالجائزة من قبل، عدد من أشهر الشخصيات في العالم مثل "نيلسون مانديلا" و"مارتن لوثر كينغ" و"الأم تيريزا" وغيرهم. وقد تم منح الجائزة 66 مرة، إما لأفراد أو منظمات.
وجائزة "نوبل للسلام" هي واحدة من ضمن 5 جوائز تقدمها الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم في فئات مختلفة هي الكيمياء والأدب والفيزياء والطب، والتي أنشأها المهندس والمخترع السويدي ألفريد نوبل، والذي اخترع الديناميت عام 1867، ومن ثم أوصى بمعظم ثروته التي جناها من هذا الاختراع إلى الجائزة التي تحمل اسمه.
ولكن، وخلافاً للهدف المعلن من وراء منح هذه الجائزة تمكن العديد من المؤسسات والأشخاص غير المؤهلين من نيل هذه الجائزة لوجود دوافع سياسية تقف وراء ذلك.
والأمثلة على ذلك كثيرة منها فوز وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "هنري كيسنجر" بهذه الجائزة عام 1973، رغم دوره المعروف في قتل الآلاف من البشر في مناطق مختلفة من العالم.
والمثل الآخر هو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق "اسحاق شامير"، والرئيس السابق لهذا الكيان "شمعون بيريز "، والرئيس المصري الأسبق أنور السادات الذي وقّع معاهدة "كامب ديفيد" مع الكيان الإسرائيلي عام 1978.
وحصلت "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" المعروفة اختصاراً باسم "إيكان" على جائزة نوبل للسلام لهذا العام (2017) والتي تبلغ قيمتها 1.10 مليون دولار أمريكي.
وقالت رئيسة اللجنة المسؤولة عن ترشيحات جائزة نوبل "بيريت ريس أندرسن" إن الجائزة قُدِّمت اعترافاً بجهود "إيكان" بعد عملها على "لفت الانتباه إلى العواقب الكارثية المترتبة على أي استخدام للأسلحة النووية، بالإضافة إلى جهودها للوصول إلى حظر دولي للأسلحة النووية".
والجدير بالذكر أن "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" هي مجموعة عالمية تعمل على تعزيز الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية.
وأُطلقت الحملة بشكل رسمي في عام 2007 في استراليا ومقرها الآن في سويسرا، وقد ساعدت في إبرام معاهدة حظر الأسلحة النووية، وهي تضم 468 منظمة شريكة في أكثر من 100 بلد في الوقت الحاضر.
فما هي الدوافع التي تقف وراء حصول "إيكان" على جائزة نوبل للسلام لهذا العام؟
قبل الإجابة عن هذا التساؤل لابدّ من الإشارة إلى أن "إيكان" لم تؤدِ دوراً مفيداً في التصدي للترسانة النووية للكيان الإسرائيلي على الرغم من اضطلاعها بدور كبير في مراقبة نشاطات الدول الساعية لحيازة التقنية النووية للأغراض السلمية لاسيّما في الشرق الأوسط مثل إيران ولبنان وباكستان وفلسطين واليمن.
وبعبارة أخرى يمكن القول بأن "إيكان" تحوّلت بمرور الوقت إلى أداة بيد القوى الغربية خصوصاً أمريكا وحليفها الكيان الصهيوني من أجل تحقيق مآرب سياسية على حساب الدول التي تسعى لامتلاك التقنية النووية السلمية.
وهذه المؤسسة وبدلاً من الدفاع عن حقوق البلدان الأعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي تغض الطرف عن الدول التي تمتلك السلاح النووي وفي مقدمتها أمريكا والكيان الصهيوني، وفي الآونة الأخيرة وقفت "إيكان" إلى جانب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في أزمته الحالية مع كوريا الشمالية بذريعة امتلاك الأخيرة للسلاح النووي.
ومن شأن هذه المعطيات أن تفقد جائزة نوبل للسلام قيمتها ورونقها، ما يعني بالتالي أن البشرية ستبقى تعاني من التمييز والتسييس في كافة المجالات، ومنها منح هذه الجائزة، لتحقيق أهداف بعيدة عن الهدف الأصلي الذي وضعت من أجله، ما يشكل خطراً على مفهوم الأمن والسلم والجهات التي تقف خلفهما في مختلف بقاع العالم.
والإشكالية الأخرى في جائزة نوبل للسلام -التي تقدم في النرويج خلافاً لغيرها من جوائز نوبل التي تقدم في السويد- هي أن من تمنح لهم قد يتراجعون ويغيرون من آرائهم ومواقفهم بعد استلامها كما هي حال رئيسة ميانمار "سان سو تشي" التي تضطهد حكومتها مسلمي "الروهينغا" بدعم من البوذيين.