الوقت - البترول هو الشريان النابض لحياة الاقتصاد العراقي، فتشكل الثروة النفطية احد المرتكزات الاساسية للعراق والمغذي الرئيس لمجمل مفاصل الدولة الحيوية المعاصرة. ولا يختلف حال اقليم كردستان العراق.
الجدل المالي ما بين بغداد وأربيل على رأس قائمة الخلافات وما يزال، وما بينهما يقف الموظف الكردي دون راتبٍ منذ أشهر!
بينما مستحقات الموظف في بغداد وعموم العراق تتسلم بموعدها. المشكلة هذه هي احد أبرز أسباب مطالبات الاقليم بالانفصال.
تقول القيادة الكردية ان سبب الازمة المالية يعود لعدم تسديد رواتب موظفيها من قبل بغداد، يرد رئيس الوزراء العراقي متسائلا "أين تذهب عائدات النفط، وهم (المسؤولون الاكراد) استولوا على ما يقارب 900 الف برميل يوميا أي ما يعادل ربع النفط العراقي، لماذا لم يدفعوا رواتب الموظفين ونحن في المركز لم نخفض الرواتب ولم نوقفها".
تسائلٌ يدعو الى اجراء مقارنة رقمية بسيطة ما بين الاقليم وبغداد.
-حسب الارقام الرسمية يصدر العراق نحو 3.250 مليون برميل يوميا. بينما يصدر الاقليم حسب أرقام شبه رسمية ما يقارب 600 الف برميل يوميا.
-اذن يصدر العراق 97.5 مليون، بينما يصدر الاقليم 18 مليون برميل شهريا.
-اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار نسبة سكان العراق من دون كردستان التي تبلغ 28 مليونا، وعدد سكان الاقليم البالغ 5.5 مليونا، نستنتج ان حصة الفرد العراقي في عموم البلاد مساوية للفرد في الاقليم. وهي تقارب "3 برميل" للفرد شهريا، وهذا وفق ما اعتمدناه "الرقم الكردي" لمعدل صادرات الاقليم، أما اذا ما اعتمدنا رواية حيدر العبادي التي تقول ان صادرات الاقليم تبلغ "900" الف برميل، فيصبح حال الفرد في الاقليم أفضل بنسبة خمسين بالمائة من نظيره في بغداد وعموم البلاد.
أين يكمن الخلل اذن؟!
تبدو مشكلة الرواتب وركود الاقتصاد في كردستان عصية، لسببين لا ثالث لهما:
١- كون قيادة الاقليم فتية في تدبير أمورها، فانها تدعي ان عدد موظفيها يبلغ 1.4 مليون شخص، اي ما يقارب الاربعين بالمائة من عدد مواطنيها بين 18-60 عاما، حسب الخبراء الاقتصاديين!
٢- غياب الشفافية، والادارة السيئة لرئاسة الاقليم والتفرد والاستغلال وانتشار الفساد والاستحواذ على اموال عائدات النفط من قبل مافيات على رأسها عائلة مسعود البرزاني برأي المخالفين لسياساته.
لقد اثبتت القيادة في أربيل انها تجيد اللعب باحاسيس الشارع الكردستاني على وتر الانفصال جيدا، فكلما زاد الفقر في الاقليم كلما عملت على النزعة الانفصالية وبالتالي تزيد من غضب الشارع الكردي على بغداد الرافضة دفع رواتبهم!
معادلة برزانية يتجلى منها دهاء الرجل، وتجسد معاناة مواطن كردي ضاع بين سحر لعبة القومية ودولة الاحلام وشظف العيش!