الوقت- اعترف مركز الدراسات الامريكي "صوفان غروبس" في مقال له بأن مكانة ايران في الشرق الاوسط ارتفعت بعد التطورات الاخيرة.
وجاء في تحليل من مركز البحوث الأمريكي هذا: إن نجاح حلفاء إيران والمحاولات الفاشلة لأعدائهم قد زاد كثيرا من تأثير ایران في الشرق الأوسط.
وذكر تحليل المرکز: عندما وقعت إيران على الاتفاق النووي المتعدد الأطراف، اعتقد كثيرون أن رفع العقوبات سيتيح لطهران وصول أفضل لمصادر التمويل، الذي من خلاله سيزيد من نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وعلى العكس من ذلك، توقع آخرون أن إيران ستكون محدودة اكثر من السابق.
وتابع التحليل: لكن وتیرة التطورات في المنطقة ذهبت حتى الآن لمصلحة إيران بحيث لم تتحقق ايا من هذه التكهنات، بل ايضا مع تجنب طهران لذلك، كسبت المكانة والتأثير المطلوبين في منطقة الشرق الأوسط، وذلك ليس لغرض الحصول على المزيد من مصادر التمويل، ولكن لأن الصراعات الحالية في المنطقة وفرت لإيران فرصا نادرة للتدخل بسهولة في هذه الصراعات واستغلالها لصالحها.
ويشير مركز الأبحاث الذي يتخذ من نيويورك مقرا له، والذي له فرع في لندن والدوحة وسنغافورة، إلى قوة إيران المتنامية من خلال حلفائها مثل حزب الله اللبناني حيث يقول: ان حزب الله، بوصفه الحليف الإقليمي الرئيسي لإيران، يعمل في المنطقة بطريقة يمكن أن يهدد إسرائيل، العدو الرئيسي لطهران، بسهولة.
ووفقا لهذا التحليل، ان التأثير الاستراتيجي الإيراني في الشرق الأوسط اتسع لدرجة أن إسرائيل، بوصفها العدو الرئيسي لطهران، اضطرت إلى مطالبة روسيا بوقف دعم ايران في سوريا.
ونقرأ في هذا التحليل: ان إيران، بفضل التدخل الروسي في سوريا وبمساعدة شريكها الرئيسي، اي حزب الله اللبناني، نجحت في تحقيق أكبر نجاحات استراتيجية في المنطقة بإنقاذ نظام بشار الأسد ضد المتمردين الذين تدعمهم المملكة العربية السعودية والدول الخليجية.
وأضاف سوفيان غروس، وهو فريق من الدبلوماسيين وكبار ضباط الجيش وقوات الأمن من مختلف البلدان: من جهة، بفضل انجازات ايران وحزب الله في سوريا، تستطيع طهران اليوم بسهولة تهديد امن اسرائيل من خلال المناطق الحدودية في لبنان وسوريا؛ ومن ناحية أخرى، تمكنت ايضا القوات الحليفة لبشار الأسد بمساعدة حزب الله اللبناني اثناء تحركها شرقا الى سوريا، ان يصلوا الى القوات العراقية الشيعية الشبه العسكرية المدعومة من قبل طهران.
واضاف: "لذلك، اليوم ومع تراجع ما يسمى بتنظيم" داعش "في غرب سوريا، تستطيع ايران بسهولة ان تضمن مكانتها في توفير طريق آمن من سوريا الى لبنان".
وجاء في هذا التحليل، تقدم إيران في المنطقة اثار انتباه الحكومة التركية، الطرف الرئيسي الآخر في المنطقة حیث أدى توسع نفوذ إيران في المنطقة إلى قيام الحكومة التركية باستضافة وفد من أعلى مستوى عسكري ايراني، وذلك للمرة الأولى منذ ثورة 1979 التي أدت إلى الإطاحة بنظام الشاه.
وتطرق المحلل في مركز الأبحاث الأمريكي الكائن في نيويورك، في جزء آخر من التحليل الی دور إيران في ادارة أزمات المنطقة قائلا: كانت طهران أيضا الرابح الأكبر في مواقف أخرى؛ فعلى سبيل المثال، خلقت الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها المملكة السعودية وحلفائها في دول الخليجیة، فرصا لإيران مكنتها من أن تزيد من نفوذها الإقليمي، خاصة في اليمن وحتى في منطقة الخليج الفارسی.
وشدد المحلل: "لا ينبغي ان ننسى ان كل هذه النجاحات العسكرية الإيرانية لم ولن تحقق بسبب رفع العقوبات الاقتصادية الغربية عن البلاد، بل ان طهران تدين بكل هذه المواقف الناجحة، للخطوات والإجراءات الغير مدروسة لأعدائها السنة العرب بقيادة المملكة العربية السعودية، لأن هذه الأعمال التي يقوم بها العرب في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران، وايضا السعي لعزل قطر وفرض عقوبات برية وبحرية وجوية من قبل الرياض وحلفاؤها في مجلس التعاون الخليجي، هي على ما يبدو كانت انتصارا لطهران ".
وقال المحلل لإثبات ادعائاته: " ان حرب التحالف بقيادة السعودية في اليمن اثبتت انها لم تتمكن من تحقيق اهدافها العسكرية فحسب، بل في الوقت نفسه كانت حرب غير انسانية، هذا من جهة، ومن جهة اخرى ادت المساعي الهادفة لعزل قطر إلى تقرب الدوحة من طهران، ونتيجة لذلك، انهار مجلس التعاون الخليجي وأوجد فجوة في المجلس.
من جهة أخری أصبحت عمان أقرب إلى إيران بسبب الجمود السياسي الحادث في البحرين، وذلك بسبب دعم السعودية للنظام السني المتطرف والقامع للشيعة في المنامة.
كما تحدث محلل صوفان غروبس عن فشل تحركات التحالف السعودي ضد إيران من زاوية اخرى وقال: "ان الضغط السعودي على قطر ادى الی اتجاه حركة حماس الفلسطينية صوب ايران، في حين كانت هذه الحركة في عام 2012 قد ابتعدت عن طهران ومالت الى قطر بسبب دعم طهران لحكومة بشار الأسد.
ونقرأ أيضا في السياق ذاته: ان هزيمة السعودية خارج منطقة الخليج الفارسي أدت أيضا الى نجاح تركيا في الوصول لأهدافها في المنطقة، وعلى وجه الخصوص لتوسيع نفوذها داخل مجلس التعاون الخليجي.
وخلص صوفان غروبس في النهاية إلى أنه بالنظر إلى التقدم الاستراتيجي الذي حققته إيران وحلفاؤها في المنطقة، والتنامي القوي لهم في ساحات القتال مع أعداء طهران، يبدو من المستبعد أن يحقق أعدائها انتصارات ضدها، نظرا لصراعاتهم المعقدة فيما بينهم.