الوقت- بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات السورية ضد الجماعات الإرهابية بدعم من إيران ومحور المقاومة لاسيّما حزب الله سعى الكيان الإسرائيلي إلى إقناع أمريكا بالتحرك لمواجهة هذه التطورات خوفاً من تداعياتها إلاّ أنه أخفق في ذلك طبقاً للشواهد والقرائن المتوفرة في هذا المجال.
وكانت إسرائيل قد أرسلت مؤخراً وفداً أمنياً إلى واشنطن برئاسة رئيس الموساد "يوسي كوهِن" في إطار محاولاتها لإقناع الإدارة الأمريكية بالتحرك ضد إيران وحزب الله، إلاّ أن الوفد فشل في هذه المهمة لخشية أمريكا من التورط أكثر في المستنقع السوري على غرار ما حصل لها في العراق.
وتجدر الإشارة إلى أن الوفد الإسرائيلي إلى أمريكا شارك فيه كل من رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء "هرتسي هليفي" ورئيس الهيئة السياسية الأمنية في وزارة الأمن "زوهر بلطي" ونائب رئيس مجلس الأمن القومي، "إيتان بن ديفيد". كما شارك في اللقاءات السفير الإسرائيلي لدى واشنطن "رون دريمر". وأجرى الوفد سلسلة لقاءات مع قادة أجهزة الاستخبارات الأمريكية ومجلس الأمن القومي ومبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط.
وبهدف التأثير في الموقف الأمريكي، أكد مسؤولون كبار في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الوفد الإسرائيلي قدّم معلومات استخبارية حساسة بشأن القوات الإيرانية ومحور المقاومة في سوريا.
وفي أعقاب هذا الفشل تحركت إسرائيل باتجاه روسيا لإقناعها بالتأثير على إيران وحزب الله للخروج من سوريا. وذكرت "يديعوت أحرونوت" نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين بأن تل أبيب بصدد إرسال وفد أمني إلى الكرملين للقاء الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لهذا الغرض.
ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" مع بوتين الأربعاء لمناقشة اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا وتداعيات دعم إيران وحزب الله لهذا البلد.
وما يجعل للقاء نتنياهو مع بوتين خصوصية إضافية، أن موسكو باتت بنظر تل أبيب وأطراف إقليمية، مدخلاً إلزامياً لأي ترتيب سياسي - أمني على الساحة السورية.
وتعتقد إسرائيل بأن أمريكا قد غيّرت من سياستها تجاه سوريا في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد اتفاقها مع روسيا بشأن وقف إطلاق النار جنوب سوريا.
وتخشى إسرائيل من تواجد قوات إيرانية وقوات محور المقاومة لاسيّما من حزب الله في سوريا وتحديداً قرب الجولان المحتل، وتعتقد بأن هذا التواجد من شأنه أن يمهد لتعزيز قوة إيران ومحور المقاومة في عموم المنطقة، ويهدد بالتالي الكيان الصهيوني ويشكل عامل ضغط عليه في أي مواجهة عسكرية محتملة خصوصاً بعد أن ترددت تسريبات من داخل هذا الكيان تشير إلى أن سوريا وإيران وحزب الله سيقفون صفاً واحداً في هذه المواجهة في حال اندلاعها.
وأكد معلق الشؤون الأمنية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رونين بيرغمان، على أن إسرائيل تخشى من نشر قوات إيرانية ومن حزب الله في الجولان، بهدف فتح جبهة أخرى مع إسرائيل في حالة اندلاع حرب شاملة. ولفت أيضاً إلى أن الجهات الاستخبارية عثرت على اسم لتلك الحرب، وأطلقوا عليها "الحرب الشمالية الأولى"، وينطلق هذا التقدير من مفهوم مفاده أنه في حال نشوب حرب أخرى في الشمال "ستشمل سوريا ولبنان معاً، بالتعاون مع القوات الإيرانية".
وتطالب إسرائيل الإدارة الأمريكية بتوجيه إمكاناتها العسكرية ضد إيران وحزب الله في سوريا والتحرك لصالح الجماعات الإرهابية لاسيّما "داعش" و"جبهة النصرة" لاعتقادها بأن هزيمة هذه الجماعات بشكل نهائي سيمهد الأرضية لتعزيز قوة إيران ومحور المقاومة في عموم المنطقة.
ونُقل عن أعضاء في الوفد الإسرائيلي الذي ذهب مؤخراً إلى أمريكا قولهم بأن واشنطن لم تعد ترى من مصلحتها بأن تتورط في الأزمة السورية كما حصل في العراق على الرغم من خشيتها من توسع قوة إيران وحزب الله في المنطقة، وهذا الأمر جعل الوفد الإسرائيلي يشعر بالإحباط نتيجة هذا التغير في الموقف الأمريكي إزاء الأزمة السورية.
وما يقلق إسرائيل هو انشغال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وإدارته بالمشاكل الداخلية والأزمة مع كوريا الشمالية والذي أثر بشكل واضح على موقفها ومستوى مشاركتها في الأزمة السورية، وهو ما يعني بالتالي التراجع وترك إسرائيل وحدها في مواجهة إيران وسوريا وحزب الله.
في الختام يمكن التأكيد بأن إسرائيل قد فشلت في انتزاع التزام أمريكي بربط الاتفاق مع موسكو حول وقف النار في سوريا، بشرط انسحاب القوات الإيرانية وحزب الله من هذا البلد، ومع ذلك، تدرك تل أبيب أن ما تطالب به هو في الواقع استدراج أمريكا للغرق في المستنقع السوري، أو التورط في مواجهة واسعة لا تريدها مع إيران وحزب الله وباقي محور المقاومة.