الوقت- أرجئ الحوار الوطني لليمنيين في جنيف الى موعد غير معلوم للمرة الثانية بطلب من عبد ربه منصور هادي المدعوم من السعودية وذلك بالترافق مع اشتداد تحرك الجماعات المسلحة الموالية للسعودية في المحافظات الجنوبية من اليمن حيث اوردت وكالة رويترز ان الجماعات الموالية للسعودية قد حققت بعض النجاحات في مدينة لحج، فهل ان هذا التصعيد والتراجع عن عقد الحوار في جنيف يأتيان في سياق خطة سعودية لزيادة الضغط العسكري على اليمنيين خلال الفترة المقبلة ؟ وما هي الاهداف من التصعيد ؟
ان طلب هادي لارجاء الحوار في جنيف يثبت ان الحوار في ظل الاوضاع الحالية ليس لصالح حلفاء السعودية باليمن رغم ان شروط طاولة جنيف كانت لصالح هادي وحلفاء السعودية لأن التفاوض يتم على اساس القرار 2216 الذي يقول بشرعية هادي وان ثلثي المشاركين من اصل 40 الى 50 مشارك كانوا من حلفاء السعودية. ان السعودية وهادي لا يعتبران الحوار في جنيف لصالحهما والسبب واضح وهو عدم امتلاكهما أية سيطرة على أراضي اليمن رغم انهما يحظيان بدعم أجنبي ولذلك فان الجماعات الموالية لهادي لا ترغب بالمشاركة في حوار جنيف حتى تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض.
ومن المؤكد ان تأجيل حوار جنيف سيترافق مع تشديد الحرب وقد بدت بوادر هذه الحالة بالظهور خلال الايام الماضية عندما زادت السعودية هجماتها على محافظات صعدة وعمران وصنعاء ظنا منها ان اشتداد الهجوم على المحافظات التي تقطنها غالبية زيدية سينال من عزم مقاتلي حركة انصارالله في القتال الجاري في المحافظات الجنوبية التي تقطنها غالبية من الشافعيين وان انصارالله ستضطر على ترك المحافظات الجنوبية وهذا سيكون بداية تراجع انصارالله، وعلى هذا الاساس يبدو اننا سنشهد خلال الايام القادمة تزايدا في الغارات السعودية واحتمال استخدام اسلحة محرمة بشكل اكبر لارتكاب مجازر كبيرة بالترافق مع اشتداد الحرب في المحافظات الجنوبية حيث نقلت قناة العربية التابعة للسعودية ان الموالين للسعودية قد حققوا نجاحا في لحج وهو نبأ تناقلته ايضا وكالة رويترز كما تناقلت بعض المواقع نبأ سقوط محافظة لحج وهو نبأ عار عن الصحة.
وفي سياق التطورات الميدانية ايضا زادت السعودية من وتيرة الرحلات الجوية والبحرية الى مطار وميناء المكلا عاصمة محافظة حضرموت الكبيرة بالاتفاق مع جماعة انصار الشريعة وهي الفرع اليمني لتنظيم القاعدة والتي تسيطر على حضرموت منذ شهرين تقريبا. وتقول المصادر اليمنية ان انصارالشريعة تلقوا مبالغ مالية من السعودية مقابل ذلك بالاضافة الى قيام السعودية بادخال 2000 عنصر جديد الى داخل اليمن للاستفادة منهم في مأرب وعدن.
وتستشف من التحركات السعودية الجديدة في اليمن ان الرياض بصدد فتح جبهة جديدة في وسط محافظة مأرب (التي تقع بعض اجزائها تحت سيطرة حزب الاصلاح وميليشيات هادي) نحو صنعاء كما يمكن ان تقوم السعودية ايضا بفتح جبهة جديدة في محافظة جوف الشمالية نحو صنعاء ايضا بالاضافة الى فتح جبهة ثالثة في غرب صنعاء لتغيير وجهة الحرب من الجنوب نحو الشمال وتهديد انصارالله في معاقلهم ورفع معنويات حلفاء السعودية في عدن وتعز ومأرب وتنشيط هؤلاء وإجبار انصارالله على اعادة بعض قواتها من الجنوب الى الشمال وترك الاصرار على خوض المعركة في الجنوب.
ورغم ان السعودية وحلفائها يمكن ان يعتبروا ان خطتهم هذه قد حققت بعض النجاح لكن مجريات الأمور في اليمن لها معان أخري عند انصارالله والشعب اليمني، وفي هذا الصدد يمكن القول ان حركة انصارالله لا ترغب كثيرا في حضور طاولة الحوار في جنيف وان تأكيد هذه الحركة على ضرورة عدم حضور ممثلين عن منصور هادي في حوارات جنيف يؤكد حالة عدم الرغبة هذه، وفي نفس الوقت فإن انصارالله لا تريد الاستئثار بالسلطة في الحكومة المقبلة وتؤكد ضرورة قيام حكومة شعبية تضم الجميع ولذلك فإن انصارالله لا تمانع مبدئيا المشاركة في حوار يمني – يمني ولذلك نرى ان هذه الحركة التي لها تجربة المشاركة في الحوار أعدت فريقا للمشاركة في حوارات جنيف.
ميدانيا، نجحت انصارالله حتى الآن في ادارة الأمور طوال فترة الغارات الجوية ومنعت السعودية من تسجيل نجاح وان قيام السعودية بادخال عناصر مسلحة جديدة الى اليمن والتي قيل ان عددها 5000 آلاف لا يغير من المعادلة شيئاً لأن قوة انصارالله اكبر بكثير من قوة معارضيها كما ان الموالين للسعودية لا يمكنهم التحرك نحو صنعاء من مأرب لأن هناك قبائل موالية لأنصارالله في المنطقة الواقعة بين مأرب وصنعاء تقف في وجههم، والحالة نفسها فيما يخص الجوف ايضا كما ان فتح جبهة غربية للتحرك نحو صنعاء يبدو غير ممكنا ايضا لأن انصار محسن الاحمر الذين سعوا الى مثل هذا الامر منذ 9 أشهر قد فشلوا في فك الحصار الذي فرضته القبائل الموالية لانصارالله على صنعاء.
واخيرا يمكن القول ان العدوان السعودي على اليمن قد وصل الى طريق مسدود على عكس ما يدعيه الاعلام الموالي للسعودية كما ان احتمال شن هجوم بري على اليمن قد وصل الى الصفر وان ضخ الدولارات ايضا لم يتسبب في انجاح الحركات المتمردة الموالية للسعودية باليمن ولذلك فإن الفشل السعودي امام انصارالله في جنوب اليمن سيكون مرشحا بقوة للتكرار في شماله.