الوقت- انطلقت يوم الاثنين الماضي في مدينة بروكسل الجولة الثانية لمفاوضات البريكست الرسمية التي تفضي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بحضور ديويد ديفيس وزير البريكست وميشال بارنيية كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن تستمر هذه المفاوضات حتى يوم الخميس القادم العشرين من شهر يوليو الجاري وسوف يتم خلال هذه المفاوضات مناقشة اهم القضايا الخلافية والمتمثلة في إطار ثلاثة نقاط رئيسية، الأولى متعلقة بدفع فاتورة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وثاني القضايا العالقة في مفاوضات البريكست مرتبطة بالوضع القانوني والحقوقي الخاص بمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة المتحدة أما ثالث هذه القضايا فهي مسألة الحدود بين أيرلندا الشمالية وأيرلندا التي تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي.
الاتحاد الأوروبي
وفي هذا السياق قدمت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية خطة عمل تفضي إلى حفظ حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا، ولقد واجهت خطة العمل هذه الكثير من الانتقادات من قِبل مواطني الاتحاد الاوروبي ووفقا لخطة العمل هذه فإن المواطنين الأوروبيين الذين عاشوا في بريطانيا منذ أكثر من خمس سنوات فقط، سوف يستطيعون الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية في إطار إقامتهم الجديدة في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية
ومن جهة أُخرى صرح القادة الأوروبيون بأن خطة العمل هذه لا تضمن الحقوق المستقبلية لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا العظمى. ولقد اعلن أنطونيو تاجاني رئيس برلمان الاتحاد الأوروبي بأنه أذا لم تقم بريطانيا بإعطاء نفس الحقوق التي تقدمها لمواطنيها، للمواطنين الأوروبيين الذي يقدر عددهم بنحو ثلاثة ملايين مواطن يعيشون في هذا البلد، فإن البرلمان الأوروبي لن يصوت بالموافقة على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وانطلقت الجولة الثانية من مفاوضات البريكست وذلك من اجل توفير الأرضية القانونية والمالية المناسبة لمساعدة بريطانيا على بدء مغادرة الاتحاد الأوروبي ويجدر الإشارة هنا بأن تيريزا ماي تواجه الكثير من العقبات الصعبة على المستوى الداخلي وعلى مستوى أيضا الاتحاد الأوروبي لإدارة هذه المفاوضات. إن قضية مواطني دول الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا لا تُعد من القضايا المهمة مقارنة مع عشرات القضايا الأخرى التي سيتم مناقشتها حتى شهر مارس من عام 2019. ولكن هذه القضية البسيطة التي تدور حول مستقبل مواطني دول الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون داخل بريطانيا، والتي واجهت الكثير من الرفض، أثبتت بأن بريطانيا سوف تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات خلال مغادرتها لمنظومة الاتحاد الأوروبي وسوف يكون لهذه العمل عواقب وتحديات أُخرى.
ولقد تسببت هذه التحديات في حدوث انقسامات في الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية وذلك عقب انتخابات الثامن من يونيو حول كيفية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ولقد أدت أيضا إلى توقف عملية الانسحاب هذه كليا والعودة إلى عملية تصويت الشعب البريطاني وآخذ آرائهم حول البقاء في هذا الاتحاد أو مغادرته. ولقد تكونت هذه الانقسامات بين أعضاء حزب المحافظين الحاكم المشجعين للخروج من الاتحاد الأوروبي والمعارضين لهذا الخروج.
ومن اهم الأحدث المُختلف عليها في هذا الصدد أيضا، هو مطالبة "فيليب هاموند" وزير المالية البريطاني لتعيين فترة انتقالية بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ولقد أكد وزير المالية البريطاني أن الحكومة يجب أن تنسحب تدريجيا من المؤسسات الأوروبية وذلك من اجل أن لا تتضرر الروابط التجارية بين الشركات البريطانية والشركات المتواجدة في دول الاتحاد الأوروبي. وهذا على الرغم من مطالبة وزير البريكست ووزير التجارة البريطانيين بالخروج السريع من منظومة الاتحاد الأوروبي.
فيليب هاموند وزير المالية البريطاني
ومع بدء جولة المفاوضات الثانية كتبت صحيفة ديلي تلغراف يوم الاثنين نقلا عن ما صرح به عضو في مجلس الوزراء البريطاني بما يخص خطة العمل التي اقترحها فيليب هاموند: إن الأوضاع داخل وزارة المالية ليست جيدة وسوف تؤدي إلى إيجاد مشاكل خلال عملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ولهذا يجب أن نُبقي تيريزا ماي في السلطة حتى نضمن خروج سلس وسريع لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ووفقا لما كتبته هذه الصحيفة التابعة لحزب اليمين البريطاني، فلقد وصفت فيليب هاموند بأنه قرصان، يجلب الدمار لبلاده من اجل تحقيق مصالحه.
من ناحية أخرى، طالب "توني بلير" رئيس الوزراء السابق لبريطانيا بوقف فوري لهذه المفاوضات وأعلن بأن بريطانيا سوف تتحمل الكثير من العواقب التي لا يُحمد عقباها. ونظرا لوجود الكثير الاختلافات في الداخل البريطاني ووجود الكثير من المعارضين لهذا الخروج على مستوى دول الاتحاد الأوروبي، فأنه يكتنف الغموض والإبهام مستقبل هذه المفاوضات فهل سوف تتحقق حقا أم أنها سوف تتوقف.