الوقت- نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا جديرا بالتأمل تحدثت فيه عن مسيرة إعادة العلاقات الفرنسية الإيرانية إلى مجراها الطبيعي، وذلك في ظل عودة الغول النفطي الفرنسي (توتال) للاستثمار في حقول نفطية إيرانية.
المقال الذي كتبه الصحفي الفرنسي "غايدز ميناسيان" يقول فيه أن شركة توتال -غول الصناعة الفرنسية- ومن خلال العقد الذي وقعته مع إيران في الثالث من تموز يوليو الجاري والذي بلغت قيمته أكثر من ملياري دولار أمريكي هو بمثابة إعلان عودتها إلى طهران وذلك لتمهيد الطريق أمام الشركات الغربية الأخرى لدخول السوق الإيراني بعد مرور سنتين على الاتفاق النووي.
تضيف الصحيفة الفرنسية: هذا الموضوع يشير إلى أن "باتريك بويانيه" المدير التنفيذي للشركة قد تلقف بشكل جيد رسالة رئيس جمهوريته ايمانويل ماكرون الذي أصرّ عقب فوز روحاني بانتخابات رئاسة الجمهورية في إيران أن يُسمع روحاني بأنه سيطلب من الحكومة الفرنسية العمل على توسيع العلاقات الاقتصادية والعلمية والثقافية مع إيران.
تؤكد الصحيفة أن الأجواء الحاكمة بين طهران وباريس حاليا تشير إلى نية الطرفين فتح صفحة جديدة في العلاقات وطي الصفحات القديمة.
يقول "اميلي شيلي" الخبير الفرنسي الشهير أن إيران وأوروبا حضارتين قديمتين وحسب الفكر الإيراني فإن هذا الأمر هو أصل واضح وطبيعي لإقامة علاقات متكافئة ومتساوية مع هذه الدول الأوروبية.
تقول لوموند: من أجل الوصول إلى مرحلة الاحترام المتبادل بين هاتين الدولتين، وبعد عدة عقود من التوتر بين باريس وطهران، يوجد خيارين اليوم على طاولة الدبلوماسيين الإيرانيين والفرنسيين:
الخيار الأول: العودة إلى مرحلة العلاقات الفرنسية الإيرانية الحميمة جدا (قبل الثورة الإسلامية). وفي هذا الإطار يقول "فرانسوا هيسبرغ" المستشار الخاص لرئيس "مركز التحقيقات الاستراتيجية" العلاقات الفرنسية مع الدول العربية السنية المذهب لا يجب أن تمنع التعاون الاقتصادي والسياسي الفرنسي مع الحكومة الإيرانية ضمن إطار الاتفاق النووي، وبناء على هذا الأساس قد تم عقد الاتفاق بين توتال وإيران.
الخيار الثاني: إعادة التوازن مجددا للسياسة الفرنسية في العلاقات مع العالم العربي وإيران.
يقول الكاتب أنه وحسب اعتقاد كل من السفراء الفرنسيين المخضرمين السابقين "فوشه" و"فرانسوا نيكولو" فإن الأزمة العربية الأخيرة مع قطر يمكن لها أن تكون امتحان جيد للدبلوماسية الفرنسية.
"ميشل فوشه" يقول: في الواقع، هناك مصلحة لفرنسا أن تتخذ موقفا بناءا من أزمة الدول الخليجية مع قطر، موقف يقوم على تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال دعم الاتفاق والتفاهم بين طهران والرياض.
يضيف: لماذا لا نستطيع تحويل هذا الاتفاق لمعاهدة يالطا جديدة إقليمية بضمانة الدول الخمس الدائمة العضوية في الأمم المتحدة؟. معاهدة يالطا هي اتفاق عملي يعود إلى الحرب العالمية الثانية وقعه كل من الرئيس الأمريكي في حينها فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني وينستن تشرشل وزعيم الاتحاد السوفييتي السابق جوزف ستالين بمثابتهم زعماء القوى الكبرى الثلاث في العالم في حينها، هذه المعاهدة قدمت طروحات للاتفاق على كيفية احتلال ألمانيا، وتحديد مستقبل أوروبا الشرقية وكذلك التوافق على استراتيجية مشتركة من أجل هزيمة اليابان كما تم التوقيع على أمور تتعلق بمنظمة الأمم المتحدة.
تضيف الصحيفة هذه المرة نقلا عن "برتران بادي" المحلل والباحث السياسي الفرنسي تأكيده بأنه على فرنسا أن تتجه للدبلوماسية الوسطية بدل دبلوماسية العقوبات.
تضيف لوموند بالقول: على الورق هناك خيار ثالث يختلف عن الخيارين الآخرين وهو الخيار المدعوم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أي خيار عزل إيران رغم وجود الاتفاق النووي.
لتختم الصحيفة وتؤكد: معظم المحللين وخبراء العلاقات الدولية في فرنسا يؤمنون بأن فرنسا لا يجب عليها التعاون مع ترامب ونتانياهو ضد إيران.