الوقت- مخطط تقسيم الشرق الاوسط بات واضحا للعيان، من العراق الى سوريا والان اليمن. السعي وراء تقسيم دول الشرق الاوسط الى دويلات ذات طابع عرقي او مذهبي، هذا ما تخطط له الدول الغربية في كواليس اجتماعاتهم. والهدف هو إبقاء هذه الدول ضعيفة مجزأة ذات تبعية لدول اخرى. وللاسف هذا ما تسعى له ايضا بعض الدول العربية من اجل مصالحها السياسية.
وقد برزت فكرة تقسيم اليمن الى عدد من الاقاليم في مؤتمر الحوار اليمني في صنعاء الذي كان في 18 مارس 2013 بناء على تفويض من الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. حيث سعى بعض الاحزاب المشاركة والمدعومة من الخارج الى طرح هذه الفكرة بطرق مختلفة، فبالتزامن مع المؤتمر خرجت مدن جنوبية بمظاهرات مطالبين بالانفصال، اي من اجل دعم فكرة الاحزاب المشاركة في مؤتمر الحوار. فيما رأي الشارع اليمني وقوى الثورة انذاك ان فكرة تقسيم اليمن ليست الا اجندة خارجية وليست بجديدة، فهو مقترح أمريكي بحت كما ورد على لسان سفير واشنطن في صنعاء جيرالد فايرستاين في تصريح سابق، وليس فكرةً جديدةً بل هو نسخة مكررة من مؤتمرات عقدت في بلدان مجاورة كان لها نتائج كارثية. ومثل هذه القرارات تخالف الشروط الخاصة للمبادرة الخليجية بأن يؤدي اي حل الى الحفاظ على وحدة اليمن.
والأقاليم الستة المقترحة في ذلك الوقت هي كالتالي:
1- اقليم (أزال)ويتكون من صعدة .. صنعاء.. عمران.. ذمار
2- اقليم (سبأ ) ويتكون من الجوف .. مآرب.. البيضا
3- اقليم ( الجند) يتكون من محافظة إب وتعز
4- اقليم ( تهامة) يتكون من حجة والمحويت والحديدة وريمة
5- اقليم (عدن) ويتكون من محافظة عدن والضالع ولحج وابين
6- اقليم (حضرموت) ويتكون من المهرة شبوه سُقطره وحضرموت.
وهذه الاقاليم الستة هي التي تم الاتفاق عليها في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وكان من ابرز المعارضين لهذا التقسيم أنصارالله، الذين لم يقبلوا بهذا التقسيم لأنهم يرون فيه تقسيما اقتصاديا للبلاد، فهناك اقاليم غنية وأخرى فقيرة، فضلا عن تقسيم سياسي وجغرافي. واعتبروا ذلك بأنه يعمل على إرضاء الخارج ضمن مشروع يهدف إلى تفكيك البلاد إلى كنتونات متقاتلة. ورفض انصارالله، والحزب الاشتراكي اليمني، وبعض القوى الجنوبية، نظام تقسيم الدولة اليمنية الاتحادية المقبلة إلى ستة أقاليم، إذ ترى انصارالله بهذا التقسيم عدم وجود منفذ بحري ضمن الإقليم الذي يضم محافظات صعدة وعمران وصنعاء وذمار، اي عدم بسط اي سلطة على مضيق باب المندب الذي يعتبر الاشراف على المضيق عنصر قوة اقتصادي وسياسي. كما لن تحظى بعض المناطق بتأثير على المناطق النفطية في محافظة الجوف التي ألحقت بإقليم سبأ.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي سبق مؤتمر الرياض الاخير اشار ياسين مكاوي مستشار الرئيس المستقيل الى أن الهدف من انعقاد مؤتمر الرياض هو السعي الى بناء دولة مركبة اتحادية تضم تحتها ستة أقاليم. حيث كشف مسؤول روسي كبير قبل عدة اسابيع أن دولة خليجية، عرضت على بلاده مخططاً لتقسيم اليمن الحالي إلى أكثر من دولة. بحيث لا تتعدى مساحة أي كيان منها ثمانين ألف كيلومتر مربع. وبحسب وصفه لهذا المخطط هي أقرب إلى عملية تفتيت منها إلى التقسيم. حيث بدا واضحاً أن هواجس كثيرة تتحكم في المخطط. الهاجس الأمني، والهاجس الاقتصادي، والهاجس المذهبي.
ان فكرة التقسيم هي مخطط يهدف إلى تقسيم العالم العربي وذلك بإعادة ترتيبه من جديد وفقا لأهداف سياسية ومصالحية تخدم دولا استكبارية وذلك بالاستفادة بما يعرف اصطلاحا بـ” الفوضى الخلاقة” في الوطن العربي في الوقت الحالي. وهذا المخطط يتماشي مع وثيقة برنارد هنري لويس التي أقرها الكونغرس الأمريكي سنة 1983. "برنارد هنري لويس" مستشرق بريطاني ومؤرخ مختص في الدراسات الشرقية الإفريقية بلندن، ويعتبر صاحب أخطر مخطط طرح في القرن العشرين لتفتيت الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة عرقية ومذهبية .
المشهد هنا نفسه يخدم مصالح السلطات السعودية في انشاء دولة مجاوره له ضعيفة ومجزأة تبقى دائما تابعة الى اجندات مختلفة وذلك بعد الفشل لقرابة شهرين من القصف الممنهج من اجل تحقيق اهداف عدة والتي لم تستطع ان تحقق اول هذه الاهداف وهو إرجاع الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي ولا حتى فرض نائبه خالد محفوظ بحاح بالعودة للسلطة بدلا من هادي. وبهذا التقسيم تسعى السعودية الى كسب ود الجنوبيين بتحقيق أمانيهم بالإستقلال ووضع اليد على باب المندب لما له من اهمية. وليس تحقيقا لمطالب المواطنين من خلال دعم طرف النزاع المتمثل بالرئيس المستقيل هادي من اجل الحث والمضي قدما في تقسيم البلاد، والفكرة باتت واضحة بالنسبة للرياض اما سلطة مطلقة على اليمن او تقسيم هذا البلد.
عدم حضور أنصارالله وأنصار علي عبدالله صالح في مؤتمر الرياض، والبيان الصادر عن أغلبية الأحزاب اليمنية الذي ذكر أن ما يسمي بمؤتمر الرياض لا يمثل الشعب اليمني ولا تطلعاته بالحفاظ على وحدة اليمن، وخروج تظاهرات ضخمة في العاصمة صنعاء التي دعت إليها اللجنة الثورية العليا هي الأكبر منذ بدء غارات التحالف على اليمن، مناهضةً للغارات السعودية في العاصمة مؤكدة على أن الحل في بلادهم لا يأتي من الخارج وأنه يجب محاكمة المشاركين في مؤتمر الرياض.
كل ذلك يؤكد على ارغام سلطة الرياض بالتراجع عن مواقفها بتقسيم اليمن حيث اثبتت القوى الثورية وحدة الصف اليمني ضد قوى الاستكبار وعدم قبولها بأي مؤتمرات او لقاءات من شانها تجزئة وحدة الشعب والارض اليمنية.
من هنا يبدو أن السعودية تسعى لتسويق فكرة شيطانية من اجل مصالحها بالمنطقة وذلك بعد فشل الهجمات العسكرية على اليمن، واننا نقول ان اهداف الرياض في تقسيم اليمن لم ولن تتحقق بفضل ارادة الشعب اليمني المتماسك بعزيمة واحدة من اجل الحفاظ على وحدة اليمن من اي تقسيم خارجي.