الوقت - عُقد قبل أيام مؤتمر "هرتزليا" السنوي الأمني قرب تل أبيب تحت شعار "التوازن الاستراتيجي - الإسرائيلي؛ التحديات والفرص" بمشاركة أكثر من 180 شخصية عسكرية وسياسية وأمنية وإعلامية وأكاديمية وقضائية من داخل الكيان الصهيوني وخارجه وبالتزامن مع الذكرى السنوية الـ 70 لتأسيس هذا الكيان بهدف رسم السياسة الأمنية القادمة للحكومة الإسرائيلية.
وتناول المؤتمر وفق البرنامج المعلن أربعة محاور رئيسية بشأن الشرق الأوسط والآفاق الإقليمية والدولية، وركّز بشكل خاص على "التهديدات الإيرانية والاستعدادات الإسرائيلية لمواجهتها".
وأثار المؤتمر جملة من القضايا يمكن تلخيصها بالشكل التالي:
1 - مشاركة حركة فتح في المؤتمر واعتراض الفصائل الفلسطينية على هذه الخيانة
من اللافت في مؤتمر "هرتزلیا" لهذا العام مشاركة وفد من حركة فتح الفلسطينية في هذا المؤتمر ممثلاً عن السلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس، الأمر الذي أثار اعتراضات شديدة من قبل الفصائل الفلسطينية المقاومة لاسيّما من قبل حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" خصوصاً وإن هذه المشاركة قد حصلت في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة من بينها تداعيات زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية قبل نحو شهر، ومحاولات التطبيع بين بعض الدول العربية وكيان الاحتلال الصهيوني والتي حاول ترامب تكريسها في مؤتمر الرياض.
وقد وصف المتحدث باسم حماس "عبداللطیف قانوع" مشاركة فتح في مؤتمر "هرتزلیا" بأنها خيانة للشعب الفلسطيني وطعنة في الظهر لتضحياته الجسام في طريق نضاله لنيل حقوقه المشروعة في الأرض والوطن.
وأشار قانوع إلى أن مشاركة السلطة الفلسطينية في مؤتمر هرتزليا مخالفة تماماً لتطلعات الشعب الفلسطيني وهي تصب في صالح كيان الاحتلال الذي يسعى لتشديد قمعه للانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
2 - حزب الله التهديد الأساسي لأمن الكيان الصهيوني
ركّز مؤتمر "هرتزليا" أيضاً على أن حزب الله في لبنان يشكل التهديد الرئيسي للأمن الإسرائيلي. وفي هذا السياق تحدث كل من "عاموس جلعاد" رئيس مركز "هرتزليا" الذي كان يشغل في السابق منصب رئيس القسم السياسي والاستراتيجي في وزارة الأمن الإسرائيلية و"الجنرال غادي أيزنكوت" رئيس الأركان في الجيش الصهيوني، حيث أكدا في كلماتهم خلال المؤتمر أن حزب الله وبعد التجربة العملية التي اكتسبها في الأعوام الماضية بات يشكل رأس الحربة في التهديد الأمني للكيان الإسرائيلي لاسيّما وأنه يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ والأسلحة المتطورة، مؤكدين ضرورة وضع خطط عملية وعاجلة لمواجهة هذا التهديد.
3 - ضرورة مواجهة نفوذ إيران في المنطقة
بعد الهجوم الصاروخي الناجح الذي نفذته قوات حرس الثورة الإسلامية في إيران ضد مواقع ومقرات تنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة دير الزور السورية، شعر الكيان الصهيوني بأن هذا الهجوم يحمل رسالة واضحة بأن إيران قادرة على ضرب أي هدف في داخل كيان الاحتلال ومتى ما شاءت، الأمر الذي يستدعي من قادة ومسؤولي هذا الكيان اتخاذ إجراءات أمنية مشددة للحيلولة دون وقوع مثل هذا الأمر. ودعا المشاركون في مؤتمر "هرتزليا" إلى دراسة تداعيات الهجوم الصاروخي الإيراني ضد "داعش" باعتباره يشكل دليلاً عملياً على قدرة إيران الفائقة في هذا المجال.
4 - ضرورة التنسيق والتعاون بين تل أبيب وبعض العواصم العربية
كما تطرق مؤتمر "هرتزليا" إلى ما يسمى "إيران فوبيا" وضرورة الاستفادة من الترويج لهذا الموضوع لاستقطاب الدول العربية التي تتفق مع الكيان الإسرائيلي في معاداة الجمهورية الإسلامية في إيران.
ووجه عدد من المشاركين في المؤتمر دعوات لمسؤولين عرب لزيارة تل أبيب بهدف تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال.
وحثّ وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلية "إسرائيل كاتس" الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز" لدعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" لزيارة الرياض لتطبيع العلاقات معها في كافة المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية من أجل مواجهة نفوذ إيران في المنطقة.
ورأى كاتس أنّ المفاوضات بين الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية يمكن أن تجري بشكل مواز للتقدم في التطبيع وليس بدلاً منه، وقال "أدعو دول مجلس التعاون لإقامة سلام اقتصادي وتطبيع متدرج مع إسرائيل، وتقديم مبادرات إقليمية في هذا الإطار"، وأورد أمثلة على ذلك منها "مبادرة سكة السلام الإقليمي ومبادرة الجزيرة الصناعية مع مرفأ مقابل شواطئ غزة".
وتوجه كاتس لدول مجلس التعاون بالقول "لا أمن إقليمياً دون إسرائيل، وكلما كانت إسرائيل قوية أنتم أقوياء، وإذا كنا معاً أقوياء إيران ضعيفة".
في المحصلة سعى مؤتمر "هرتزليا" لترسيخ مقولة بأن إيران هي العدو الأول للمنطقة في إطار ما يعرف باسم "إيران فوبيا"، ومن هذا المنطلق يسعى الكيان الصهيوني لمد جسور للتعاون الدبلوماسي والأمني والاقتصادي على أعلى المستويات مع الدول العربية السائرة في ركب المشروع الصهيوأمريكي وفي مقدمتها السعودية لمعاداة إيران.