الوقت- جمعت علاقات ايجابية إيران والجزائر منذ أمد بعيد، حيث أن للبلدين نظرة مشتركة حيال الكثير من الشؤون الاقليمية والدولية، وفي هذا الصدد تحظى زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف للجزائر بأهمية كبيرة في ظل التحولات الاقليمية والدولية الأخيرة.
فبعد استقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي، أعلنت إيران باكرا اعترافها باستقلال الجزائر، وبعد قرابة عامين افتتحت ايران ممثلية لها في الجزائر وانتبدت سفيرا الى الجزائر، وكذلك فعلت الجزائر بعد 4 أعوام من استقلالها.
وفي عام 1975 استضافت الجزائر توقيع معاهدة "الجزائر" الشهيرة بين ممثلي إيران ونائب الرئيس العراقي آنذاك، وقد أدت هذه المعاهدة الى حل عدد من المشاكل الحدودية بين إيران والعراق.
العلاقات الإيرانية الجزائرية بعد الثورة الإسلامية
بعد انتصار الثورة الإسلامية لم تتحسن العلاقات الإيرانية الجزائرية فحسب، بل دعم الجزائريون الثورة وتراجعت حدة الخلافات السابقة بين البلدين. وادى خروج إيران من المعسكر الغربي الى تحسين العلاقات الإيرانية مع بلدان حركة عدم الانحياز ومنها الجزائر، فيما امتلك البلدان رؤية مشتركة حيال شؤون دولية بصورة خاصة ملفات العالم الإسلامية ومنها فلسطين.
وكانت حكومة الشاذلي بن جديد من أهم اسباب التقارب الإيراني الجزائري، كما لعبت الجزائر دورا هاما في ملف تجسس دبلوماسيی السفارة الأمريكية وموظفيها في طهران واحتجازهم في إيران، حيث تولت الجزائر الوساطة بين الطرفين مما أدى الى صدور بيان الجزائر الذي أدى بدوره الى تعزيز العلاقات بين البلدين؛ وبعد قطع العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الأمريكية، تولت الجزائر رعاية المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة.
وشهدت العلاقات بين البلدين فترات من البرود والقطيعة، وفي عام 2000 عادت العلاقات بين البلدين وتم تبادل السفراء بينهما، حيث تعززت العلاقة بين البلدين في عام 1997 اثر اقامة مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في طهران. وفي عام 1999 تولى عبد العزيز بوتفليقة السلطة في الجزائر، وبعد ايفاده مبعوثين خاصين الى المؤتمرات الاقليمية والدولية، أعلن عن رغبته بتعزيز العلاقات مع إيران.
اثر ذلك زار رئيس البرلمان الجزائري، عبد القادر بن صالح، إيران برفقة رئيس لجنة السياسة الخارجية ورئيس لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان الجزائري، ليشاركوا في مؤتمر طارئ لاتحاد مجالس النواب، وعلى هامش هذا المؤتمر التقى بن صالح الرئيس الإيراني، رئيس جلس النواب ووزير الخارجية، حيث عبر الطرفان عن رؤية ايجابية بشأن العلاقات بين البلدين.
ومنذ ذلك الحين ارتفعت وتيرة اللقاءات بين مسؤولي البلدين. وفي اغسطس عم 2006 زار وزير الخارجية الإيراني، منوجهر متكي، الجزائري، فيما كان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، والمشرف على الملف النووي الإيراني، علي لاريجاني، قد زار الجزائر في يونيو من نفس العام.
وحاليا تتفق إيران والجزائر حيال الكثير من الملفات المهمة على مستوى المنطقة والعالم، مثل الملف الفلسطيني والاوضاع في سوريا وغزو اليمن. وعارضت الجزائر منح مقعد سوريا في الجامعة العربية للمعارضة السورية، كما انها رفضت جميع انواع التدخل العسكري الأجنبي بسوريا، وطالبت بجلوس السوريين الى طاولة الحوار لحل الخلافات. وعارضت الجزائر المساعي الرامية الى وصف حزب الله بالارهابي في الجامعة العربية، وكذلك الأمر بالنسبة الى حماس، كما عارضت الحل العسكري في اليمن، وطالبت جميع الاطراف اليمنية بلا استثناء بالجلوس الى طاولة الحوار لحل مشاكلهم.
الدعم الجزائري للملف النووي الإيراني
في عام 2015 أعلن السفير الجزائري في إيران، تضامن بلاده مع البرنامج النووي السلمي الإيراني، وعبر عن سعادته بالاتفاق بين إيران والسداسية الدولية، معتبرا أن الاتفاق خطوة ايجابية لدعم السلام في المنطقة والعالم.
العلاقات الاقتصادية
في المجال السياسي يمكن القول أن العلاقات الاقتصادية لم تكن قوية كتلك السياسية، ولكن البلدين بذلا جهودا ايجابية لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وفي مايو 2006 أقامت إيران اول معرض تجاري صناعي لها في الجزائر.
وشكل البلدان لجنة اقتصادية مشتركة، اجتمعت لاول مرة في عام 2003، لتعمل على تعزيز التعاون في مجال التعليم العالي، الصناعات الصغيرة، الشؤون المالية، الطب البيطري، التعاون القضائي وتطوير النشاطات الاقتصادية.
وتعززت الجهود الرامية لتحسين العلاقات التجارية بين البلدين اثر زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني، اسحاق جهانغيري الى الجزائر نهاية العام المنصرم. وسعت الجزائر لتعزيز علاقاتها التجارية مع إيران منذ رفع الحظر الاقتصادي عن الأخيرة. وفي مايو 2016 وقع البلدان 19 مذكرة تفاهم 15 منها في مجال صناعة السيارات وقطع الغيار.
العلاقات الثقافية بين البلدين
وفي المجال الثقافي استطاعت الدبلوماسية الثقافية ان تلعب دورا كبيرا في تعزيز العلاقة بين البلدين. فالعلاقات الثقافية الإيرانية الجزائرية تمضي الى الأمام باستمرار؛ وتشارك إيران في الكثير من النشاطات الثقافية بالجزائر، ومنها المشاركة في مهرجان "القسطنطينية عاصمة الثقافة العربية" وكذلك المشاركة الفخرية في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، كما شاركت إيران في مهرجان السينما الدولي بالجزائر.
كما كان لزيارة وزير الثقافة الإيراني رضا صالحي أميري للجزائر دور ايجابي في تعزيز العلاقات بين البلدين، حيث صرح في الجزائر قائلا: إن ايران تولي أهمية کبیرة للعلاقات الثقافية مع الجزائر، وإن الرئيس حسن روحاني قد اكد على ضرورة تعزيز العلاقات الثقافية مع الجزائر، وإن هذا قد يؤثر ايجابا على العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.
ومن النتائج المهمة لزيارة صالحي أميري للجزائر توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين في مجال السينما، و أقامت الجزائر اسبوعا ثقافيا في طهران ليتعرف الفنانون والمثقفون على الفن الجزائري والعادات الجزائرية عن قرب.