الوقت - أكدت منظمة مختصة بالدفاع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين أن عام 2025 شكّل عاماً مدمراً آخر في حياة الأطفال الفلسطينيين، في ظل الإبادة الجماعية والمجاعة والتعذيب والتهجير الجماعي والاختفاء القسري، إلى جانب العنف المتواصل الذي تمارسه قوات الاحتلال والمستوطنون.
وقالت منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين الدولية، في تقرير شامل صدر عنها، إن وثائقها تشير إلى أن الحملة الحرب المستمرة على قطاع غزة، بالتوازي مع تصاعد القمع في الضفة الغربية، جرّدت الأطفال الفلسطينيين بشكل منهجي من حقوقهم الأساسية في الحياة والسلامة والصحة والطفولة.
وأضاف التقرير أنه رغم “الأدلة الدامغة على جرائم الفظائع الجماعية”، واصل قادة العالم حماية إسرائيل من المساءلة، ما أبقى الأطفال الفلسطينيين دون حماية، في وقت استخدمت فيه قوات الاحتلال التجويع كـ”سلاح حرب”، وصعّدت من التعذيب في مراكز الاحتجاز، وأقدمت على إخفاء الأطفال قسراً في غزة.
إفلات من العقاب
وقال خالد قزمار، المدير العام للمنظمة، إن القوات الإسرائيلية “قتلت وشوّهت وعذبت وجوّعت واختطفت وهجّرت أطفالاً فلسطينيين كل يوم في عام 2025”، مؤكداً أن أي طفل فلسطيني “لم ينعم بلحظة أمان واحدة” خلال العام.
واعتبر قزمار أن ذلك يمثل “تتويجاً لعقود من الإفلات من العقاب التي تمتعت بها القوات والسلطات الإسرائيلية، دون أن تواجه أي عواقب على الإطلاق لجرائمها ضد الأطفال”.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أفاد التقرير بأن قوات الاحتلال والمستوطنين قتلوا 54 طفلاً فلسطينياً خلال عام 2025، مشيراً إلى أن تلك القوات واصلت تقديم الدعم والحماية للمستوطنين الذين يحتلون الضفة الغربية بشكل غير قانوني.
ووفق وثائق منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين، احتجزت سلطات الاحتلال جثامين ما لا يقل عن 62 طفلاً فلسطينياً منذ يونيو/حزيران 2016، ولم تُعد إلى ذويهم سوى جثامين ستة أطفال، في حين لا تزال رفات 56 طفلاً محتجزة لدى إسرائيل.
أما في قطاع غزة، فأكدت المنظمة أن حجم القتل والتشويه وإبادة عائلات فلسطينية بأكملها ظل “كارثياً” خلال عام 2025، موضحة أن حتى الأطفال القلائل الذين جرى إجلاؤهم للعلاج خارج القطاع يعانون من إصابات بالغة، وصدمات نفسية عميقة، وقلق شديد حيال مستقبلهم.
واستعرض التقرير قصصاً لبعض هؤلاء الأطفال، مؤكداً أنها لا تمثل سوى جزء ضئيل من الحالات الموثقة، في حين لا يزال آلاف الأطفال غير محصيين تحت الأنقاض، وفي الخيام، والسجون، ومناطق النزوح المنتشرة في مختلف أنحاء القطاع.
وفي ما يتعلق بالأوضاع المعيشية، أوضحت المنظمة أن استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح بلغ مستويات غير مسبوقة في عام 2025، إذ واصلت فرض حصار شامل على غزة، مُنع خلاله وصول الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء بشكل ممنهج، بالتزامن مع تدمير متعمد للأراضي الزراعية والمخابز والمطاحن وشبكات المياه والمستشفيات. وأشارت إلى أن الرضع وحديثي الولادة كانوا من بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.
إخماد الأمل
وفي السجون الإسرائيلية، قالت المنظمة إن الأطفال الفلسطينيين المحتجزين يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء، لافتة إلى أن عام 2025 شهد وفاة أول طفل فلسطيني داخل سجون الاحتلال، وهو وليد خالد عبد الله أحمد (17 عاماً)، في سجن مجدو.
وبيّنت نتائج تشريح جثمان أحمد، وجود هزال شديد في العضلات والدهون، والتهابات غير معالجة، وجفاف، وجرب، وإصابات ناجمة عن صدمات قوية، ما يدل، بحسب التقرير، على تعرضه للتجويع وسوء المعاملة بشكل ممنهج لأشهر، قبل أن يفارق الحياة.
وأكدت المنظمة أنه في مختلف أنحاء غزة وداخل نظام سجون الاحتلال الإسرائيلي، جرى التخطيط لحرمان الأطفال الفلسطينيين عمداً من الموارد الضرورية للحياة، بهدف “تحطيم أجسادهم، وإخماد الأمل، وتفكيك مقومات الحياة الفلسطينية”.
وذكرت أنه حتى 30 سبتمبر/أيلول 2025، بلغ عدد الأطفال الفلسطينيين الأسرى في سجون الاحتلال 350 طفلاً، وفق أحدث معطيات مصلحة السجون الإسرائيلية.
كما أشارت منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين الدولية إلى أن قوات الاحتلال صعّدت خلال عام 2025 من وتيرة التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون في جميع مراحل الاعتقال إلى مستويات “بالغة القسوة”. ولفتت إلى أن قوات الاحتلال استجوبت 94% من الأطفال المعتقلين دون حضور أحد أفراد أسرهم، ولم تُبلغ 89% منهم بأسباب اعتقالهم.
وأضاف التقرير أن قوات الاحتلال اختطفت أطفالاً من غزة أثناء بحثهم عن الغذاء أو المساعدات الإنسانية، ثم نقلتهم إلى سجن “سديه تيمان”، وهو معسكر اعتقال عسكري جنوب إسرائيل، حيث جُرِّدوا من ملابسهم، وجُوِّعوا، وتعرضوا للضرب، واحتُجزوا في أقفاص، وتعرّضوا للصعق بالكهرباء والضرب بالعصي، إضافة إلى احتجازهم في ما يُعرف بـ”غرفة الديسكو”، حيث تُشغَّل موسيقى صاخبة لساعات طويلة ويتعرض المحتجزون لاعتداءات عشوائية.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن عام 2025 شهد ارتفاعاً حاداً في حالات الاختفاء القسري بين الأطفال الفلسطينيين، واصفاً ذلك بأنه أحد أخطر التطورات خلال عام اتسم، بحسب المنظمة، باستمرار الإفلات من العقاب.
