الوقت- في ظل مواصلة السعودية حربها الاقتصادية ضد اليمن من خلال التضييق التجاري والضغوط المالية، تتصاعد التحذيرات القادمة من صنعاء على لسان القيادة السياسية والحكومة، لتؤكد أن اللعب بالنار لن يمرّ دون ردٍّ متكافئ، هذه التحذيرات لا تأتي بمعزل عن سياق متوتر ومتشابك، بل تمثل حلقة جديدة في سلسلة من المواجهات التي انتقلت من الميدان العسكري إلى جبهة الاقتصاد، حيث باتت الأدوات المالية وسلاسل الإمداد وسوق العمل جزءًا من معادلة الصراع.
السياسة السعودية، التي تتجسد في استخدام الحصار الاقتصادي كسلاح ردع يهدف إلى إخضاع القرار اليمني وحرمان الشعب من حقوقه الأساسية في الأمن والمعيشة، تواجه اليوم تصعيدًا مضادًا من صنعاء عبر ما تصفه بـ"الرد المتبادل"، وهو مسار من الإجراءات الصارمة والحازمة يعيد رسم قواعد الاشتباك الاقتصادي بين البلدين.
صنعاء تسعى، من خلال خطابها السياسي الأخير، إلى إيصال رسالة واضحة مفادها بأن اليمن، رغم سنوات الحرب والحصار، ما زال قادرًا على حماية كرامته الوطنية والدفاع عن سيادته بوسائل متعددة، تبدأ من تعزيز الجبهة الداخلية ولا تنتهي عند حدود الرد الاقتصادي بالمثل.
هذا المقال يتناول خلفيات المشهد الراهن، مسلطًا الضوء على معادلة الردع الجديدة التي أعلنتها صنعاء، ومفصّلًا في استراتيجيات المقاومة الاقتصادية التي تبنّتها، مع قراءة معمّقة للأبعاد السياسية والإقليمية لهذه المواجهة، وانعكاساتها المحتملة على مستقبل السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.
سياسة الحصار السعودي.. لعبة قاسية السعودية تتحمل نتائجها
تعتمد الرياض منذ سنوات على استراتيجية الضغط الاقتصادي والسيطرة على موارد اليمن عبر فرض حصار شامل، يشمل منع دخول البضائع الحيوية، وخنق حركة التجارة البرية والبحرية، واستهداف مؤسسات حيوية مثل البنوك وشركات النفط، هذه السياسات لا تستهدف فقط صنعاء، بل تستهدف عموم الشعب اليمني بهدف ثنيهم عن مقاومة العدوان.
صنعاء ردت بحزم عبر تهديد واضح باستخدام معادلة ردعية تقوم على مبدأ «البنك في مقابل البنك، المطار في مقابل المطار، الميناء في مقابل الميناء»، هذه المعادلة تؤكد أن أي إجراء اقتصادي من الرياض لن يبقى دون رد، بل سيكون الرد حازماً ومؤلماً، يهدف إلى استخدام نفس أساليب الضغط لتغيير مواقف الاحتلال وكل من يدعمه، إن الصمت الدولي أمام هذه الممارسات يجعل السعودية أكثر تجرؤاً، لكن صنعاء ومقاومتها تؤكد أن اليمنيين يتحدون الحصار وسيصمدون أمام محاولات سحقهم اقتصاديًا.
صنعاء..التخلي عن السلام مؤامرة سعودية وقطيعة نهائية
لا تقتصر تحذيرات صنعاء على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تصل إلى التهديد السياسي والدبلوماسي إزاء ما تُقدم عليه الرياض من تعطيل لجهود السلام ومساعٍ لتأجيل حل الأزمة اليمنية، صنعاء تعتبر أن المراوغة السعودية وإصرارها على اجتثاث المقاومة بإجراءات الحصار الاقتصادي يجعلها تقطع العلاقة مع السلام بصدرها، وتؤكد على رفضها القاطع لكل محاولات تأجيل الحل السياسي والانسحاب من أي تعهدات لوقف إطلاق النار أو تنفيذ خريطة طريق الأمم المتحدة، هنا تأتي الرسالة اليمنية واضحة وصريحة: لا مجال للتهاون أو الانحناء أمام الضغوط، وأي خطوات تهدف لاستمرار النزيف ستواجه برد قاسٍ على كل المستويات، مع إعلان رئيس الوزراء اليمني تأكيد استمرار معادلة «العين بالعين» تعكس هذه المواقف عزماً يمنياً راسخاً لا يلين في مواجهة العدوان، واستعدادًا للمضي في الدفاع عن الوطن حتى تحقيق السيادة الكاملة.
الموقف الإقليمي والدولي.. دعم سعودي متواصل يعطل السلام
موقف الرياض المدعوم من بعض القوى الإقليمية والدولية يعرقل أي جهود سلام جادة في اليمن ويقوض فرص المصالحة الوطنية، التدخل المستمر في المجالات الاقتصادية واللوجستية يظهر أن هناك تنسيقًا واضحًا لمنع اليمن من استعادة عافيته وتحقيق السلام الحقيقي، على الرغم من كل الدعوات الدولية لسحب المرتزقة وإنهاء الحصار، تستمر السعودية في استغلال نفوذها العسكري والسياسي لإعاقة تنفيذ اتفاقات الهدنة الاقتصادية أو السياسية، هذا التعنت يزيد من السخط الدولي على الرياض، وخاصة في ظل معاناة الشعب اليمني المستمرة، لكن الرد اليمني وحزم صنعاء يمثلان تحديًا استراتيجيًا يرسم ملامح الصراع القادم بين السيادة اليمنية والاستعمار السعودي.
المقاومة الاقتصادية.. معادلة ردع جديدة بإدارة صنعاء
صنعاء تبنت سياسة ذكية لتطوير مقاومة اقتصادية مبنية على التنسيق المؤسسي والاعتماد على موارد محلية متاحة لتعويض الأضرار الناجمة عن الحصار، من خلال تعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية، وتحفيز الإنتاج المحلي وفتح أسواق بديلة، تجسدت قدرة اليمنيين على تحدي الاجراءات العقابية السعودية، استطاعت صنعاء أن تغير قواعد اللعبة الاقتصادية أيضا أعادت هيكلة القطاعات الحكومية الحيوية لضمان استمرار الخدمات الأساسية رغم الضغوط، هذه المقاومة الاقتصادية، رغم صعوبتها، أظهرت أن اليمن قادر على مواجهة التحديات بأدواتها، وأن أي محاولات لمواصلة الحصار أو الضغط ستلقى رد فعل موازياً.
في الختام، إن المعركة الاقتصادية والسياسية بين صنعاء والرياض تمثل فصلًا مهمًا في الصراع اليمني، حيث أثبتت صنعاء أنها صاحبة إرادة لا تقهر في مواجهة الحصار والضغوط، سياسة الردع الاقتصادي التي تفرضها وصمود الشعب اليمني يخطفان الأنظار دوليًا، مستعرضين قدرة اليمن على مقاومة العدوان السعودي، بينما تصر الرياض على استمرار استراتيجيات الحصار والتجويع، تتعزز مكانة صنعاء داخليًا وإقليميًا بوصفها حامية لكرامة وسيادة اليمن، وتؤكد أن طريق السلام لن يمر عبر الذل أو التراجع، بل عبر العدالة والاستقلال، هذا الصمود يمنح الأمل لشعب اليمن في تحرره الكامل وكرامته المنشودة.
