الوقت - عشية الذكرى السنوية الثانية لحرب غزة، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيرًا على خطة لوقف الحرب في غزة تحت ضغط من ترامب. الخطة، التي عرضها ترامب في البيت الأبيض الأسبوع الماضي وقبلتها حركة حماس بشروط أمس، لا تدعو فقط إلى إنهاء الحرب في غزة، بل تدعو أيضًا إلى تبادل أسرى بين الجانبين.
هذه هي خطة ترامب الثانية لوقف إطلاق النار في غزة، وهي مختلفة تمامًا عن الخطة الأصلية، بينما شدد ترامب في خطته الأولى على التهجير القسري لسكان غزة والسيطرة الكاملة على غزة من قبل الولايات المتحدة، أظهر ترامب تراجعات ملحوظة في خطته الثانية، بما في ذلك قبول بقاء سكان غزة في هذا القطاع بعد انتهاء الحرب، وإمكانية عودة من هجروا منه، والتأكيد على مشاركتهم في بناء هذا القطاع المحاصر بعد الحرب.
في الوقت نفسه، شددت خطة ترامب الثانية على نقاط مثل نزع سلاح حماس وإدارة غزة من قبل لجنة عينها ترامب، ودعت حماس في ردها إلى التفاوض بشأن هذه البنود، لكنها لم تستجب لها، ومع ذلك، فإن ترامب، الذي يسعى جاهدًا هذه الأيام لتسجيل اسمه بين الحائزين على جائزة نوبل للسلام، في عجلة من أمره لوقف الحرب في غزة، ولهذا السبب وافق على التفاوض مع حماس لوقف الحرب وبنود الخطة الثانية.
نتنياهو مذهول من رد حماس
نعم، لقد وضع شرط حماس على خطة وقف إطلاق النار في غزة الكرة في ملعب الكيان الصهيوني. فبينما ادعى نتنياهو أمام الكاميرات الأسبوع الماضي أن خطة ترامب ستعزل حماس، فإن الرد المدروس للمقاومة الفلسطينية جعل الأنظار تتجه نحو خطوة نتنياهو التالية، فمع رد حماس وقبول الطرفين لصفقة تبادل الأسرى، أصبح الضغط على نتنياهو، والجميع ينتظر كيف سيتصرف رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد حماس، في حين بذل نتنياهو قصارى جهده خلال الأسبوع الماضي لدفع حماس لرفض خطة ترامب وتمهيد الطريق لهجمات إسرائيلية أخرى على قطاع غزة، إلا أن رد حماس المشروط طغى على جميع خطط نتنياهو اللاحقة للضغط على غزة.
في الواقع، وضع رد حماس المشروط على خطة ترامب نتنياهو أمام عقبات وتحديات جسيمة في مواصلة الحرب على غزة واحتلال هذا القطاع المحاصر.
ضغط مضاعف على نتنياهو
من ناحية أخرى، واجه رد حماس المشروط نتنياهو بضغط مضاعف في الداخل، يُطالب الكثيرون داخل "إسرائيل" نتنياهو بقبول وقف إطلاق النار، وقد شهدت تل أبيب ليلة أمس احتجاجًا حاشدًا ضد نتنياهو، شارك فيه 200 ألف شخص، مطالبين إياه بقبول اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، إلا أن نتنياهو يواجه عقباتٍ جدية داخل حكومته لقبول وقف إطلاق النار ووقف الحرب.
وقد هدد وزراء متشددون في حكومة نتنياهو، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من حكومة نتنياهو إذا قبل وقف إطلاق النار وانسحب من غزة، إن رحيل هذين الوزيرين الصهيونيين من حكومة نتنياهو سيُعرّض الحكومة لخطر الانهيار الداخلي، وقد يُنهي حياة نتنياهو السياسية، لدى نتنياهو حاليًا العديد من القضايا القانونية العالقة في المحكمة، وإذا سقطت حكومته، فسيكون من الصعب جدًا عليه تشكيل حكومة جديدة، تشير استطلاعات الرأي، بما في ذلك استطلاع أجرته صحيفة هآرتس، إلى أن نسبة تأييد نتنياهو قد انخفضت إلى أقل من 50% في الأراضي المحتلة، وإذا انهارت حكومته نتيجة رحيل الوزراء المتشددين، فسيكون من الصعب للغاية، بل من غير المرجح، أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة.
تجاوز الضغوط
دفعت الضغوط الداخلية المتزايدة على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار، في حين أن معارضة الأعضاء المتشددين في حكومته، نتنياهو إلى السعي إلى وقف إطلاق نار مشروط في غزة، وذكرت وكالة الأنباء الإسرائيلية الرسمية "كان" يوم السبت أن نتنياهو ينوي الحفاظ على وجود عسكري طويل الأمد في ثلاثة مواقع استراتيجية داخل قطاع غزة وحوله حتى بعد تبادل الأسرى والانسحاب التدريجي بموجب خطة الرئيس دونالد ترامب.
ونقلت الوكالة عن مصادر لم تسمها قولها إن مسؤولين إسرائيليين نقلوا تفاصيل الخطة إلى واشنطن، والتي ستشمل الحفاظ على مواقع في منطقة عازلة داخل حدود غزة، لكن لم يتم تحديد عمق الخطة ومداها، يُعدّ ممر فيلادلفيا على طول الحدود مع مصر، وتل المنطار شرق حي الشجاعية بمدينة غزة، من بين المناطق التي يسعى الصهاينة إلى الاحتفاظ بها حتى بعد وقف إطلاق النار في غزة.
يُتيح هذا التل، الذي يرتفع 70 مترًا (230 قدمًا) عن سطح البحر، للصهاينة السيطرة البصرية وإطلاق النار على أجزاء واسعة من شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة ومخيم جباليا للاجئين، وتُعد هذه المواقع "حيوية" بالنسبة لـ"إسرائيل" للحفاظ على التفوق الميداني وقدرات المراقبة.
كما أن السيطرة على معبر فيلادلفيا على الحدود مع مصر وجنوب غزة ستسمح للصهاينة بالتحكم في حركة المرور من مصر إلى غزة، هذا على الرغم من أن معبر فيلادلفيا في رفح، وفقًا لاتفاقيات كامب ديفيد (أول اتفاق تسوية بين أطراف الحرب العربية الإسرائيلية، والذي أدى إلى اتفاق القاهرة-تل أبيب)، يجب أن يبقى مدنيًا، وأن نشر قوات صهيونية على هذا المعبر يُعدّ انتهاكًا لاتفاقيات كامب ديفيد.
مع ذلك، يبدو أن نتنياهو مُصرّ على الحفاظ على مواقعه المهمة في قطاع غزة حتى بعد وقف إطلاق النار، سواءً لتحييد ضغط الوزراء المتشددين المعارضين للحرب، أو للاستجابة لضغط الرأي العام الداخلي بقبول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، مع ذلك، وبالنظر إلى موقف المقاومة الفلسطينية من ضرورة الانسحاب الكامل للقوات الصهيونية من غزة بعد وقف إطلاق النار، يبدو أن شروط نتنياهو للحفاظ على ثلاثة مواقع مهمة في قطاع غزة تُمثّل محاولةً لإفشال خطة وقف إطلاق النار في غزة، ويبدو قبول الفصائل الفلسطينية لهذه الشروط مستبعدًا.