الوقت- في الـ 29 من يوليو/تموز، أعلن ترامب في مؤتمره الصحفي أن روسيا لن يكون أمامها سوى عشرة أيام من اليوم لقبول وقف إطلاق النار أو مواجهة رد أمريكي عنيف، ومنذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، زعم مرارًا وتكرارًا أنه لو كان في البيت الأبيض في ولايته السابقة، لما غزت روسيا أوكرانيا عسكريًا، ولما حدثت هذه الحرب الدموية التي استمرت ثلاث سنوات، كما زعم مرارًا وتكرارًا في وعوده الانتخابية، وحتى بعد فوزه، أنه سيتوسط لإنهاء الحرب سريعًا، وأن علاقته الوثيقة مع فلاديمير بوتين ستساعد في هذا الصدد.
من ناحية أخرى، لم يكن لدى معظم الخبراء أدنى شك في أن إنهاء الحرب في هذه المرحلة لن يكون ممكنًا؛ من جهة، لم يحقق الجيش الروسي بعدُ أهداف عملياته العسكرية على الأراضي الأوكرانية بالكامل، والحد الأدنى الذي يُرضي الكرملين ويُقرّ بنهاية الحرب هو الاستيلاء الكامل على أربع مقاطعات: دونيتسك، ولوغانسك، وزابوروجي، وخيرسون، وإزاحة زيلينسكي من الرئاسة الأوكرانية، والتوقف الكامل عن تزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة والمعدات الغربية.
كما أن الجانب الأوكراني، الذي يرى حوالي 19% من أراضيه محتلة، لن يقبل أبدًا بسلام دائم وخسارة أراضيه مع خطوط التماس الحالية، وفي النهاية، يرى زيلينسكي والقادة الأوكرانيون أن وقف إطلاق النار المؤقت لعدة أشهر لاستعادة السيطرة وإعادة بناء وحداتهم القتالية بمساعدة الناتو أمرٌ مقبول.
البيت الأبيض غاضب للغاية من تصريحات ميدفيديف، قبل فترة، حدد دونالد ترامب، الذي استاء من تجاهل بوتين والقادة الروس المتكرر لطلباته بوقف إطلاق النار والهجمات العنيفة على أوكرانيا، مهلة 50 يومًا كفرصة أخيرة لموسكو لقبول خطة وقف إطلاق النار، وأعلن بالطبع أن هذه المهلة ستُختصر إذا لم تُعِر روسيا اهتمامًا مجددًا.
وفي الـ 29 من يوليو، أعلن ترامب في مؤتمره الصحفي أن روسيا لن يكون أمامها سوى 10 أيام من اليوم لقبول وقف إطلاق النار وإلا ستواجه إجراءات أمريكية صارمة، وردّ دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق والحليف المقرب لفلاديمير بوتين، على تصريحات ترامب عبر الإنترنت، قائلًا إن: "ترامب يتلاعب بالإنذارات مع روسيا، لكن عليه أن يتذكر أمرين: 1- روسيا ليست إسرائيل أو إيران؛ 2- كل تهديد وإنذار هو خطوة نحو الحرب مع بلاده، لا تتبعوا نهج جو بايدن النائم!" أولاً، ردّ السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على تصريحات ميدفيديف قائلاً: "سترتكبون أنتم وحلفاؤكم خطأً فادحاً، سترون قريباً أن جو بايدن لم يعد رئيساً، وسترون العواقب؛ عودوا إلى طاولة المفاوضات".
وردّ ميدفيديف مجدداً قائلاً: "ليس من مسؤوليتكم أو مسؤوليات ترامب تحديد موعد الجلوس على طاولة المفاوضات"، ستنتهي الحرب والمفاوضات عندما تحقق روسيا أهداف عملياتها العسكرية، ومع أن ميدفيديف ليس حالياً مسؤولاً رفيع المستوى في الكرملين، إلا أن تصريحاته أغضبت الأمريكيين لدرجة أن ترامب هدده مباشرةً على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً إن على ميدفيديف توخي الحذر في كلامه!
ما هي عواقب مهلة العشرة أيام التي حددها ترامب لروسيا؟
هدد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة على الاقتصاد الروسي في حال انقضاء مهلة العشرة أيام؛ وبطبيعة الحال، فإن الميزان التجاري الحالي بين البلدين ضئيل للغاية، ويبلغ حوالي ملياري دولار، ولن يكون لفرض الرسوم الجمركية تأثير كبير على روسيا، على عكس الدول الأخرى، ومع ذلك، يختلف الوضع فيما يتعلق بالعقوبات التي قد تُفرض على دول أخرى؛ إذ يعتزم الأمريكيون إقرار مشروع قانون رسمي في الكونغرس يفرض عقوبات صارمة على الدول التي تُجري معاملات اقتصادية مع روسيا، وستُطبق هذه العقوبة تحديدًا على مُشتري النفط الروسي، وخاصةً الصين، وهو ما رافقه رد فعل رسمي من وزارة الخارجية الصينية أمس على تصريحات وزير الخزانة الأمريكي، سكَنك باسنيت.
وإلى جانب القضايا الاقتصادية، قد يؤدي تدهور العلاقة بين ترامب وبوتين إلى استئناف شحنات أسلحة ضخمة من الولايات المتحدة إلى أوكرانيا؛ فقد أعلنت الدول الأوروبية مؤخرًا موافقتها على دفع ثمن شراء الأسلحة من الولايات المتحدة لأوكرانيا، ولم يتبقَّ سوى الضوء الأخضر النهائي من ترامب، ويقول الخبراء إن التبرع بالأسلحة الأمريكية لأوكرانيا قد يشمل حتى صواريخ بعيدة المدى قادرة على استهداف المدن الروسية الكبرى مثل موسكو أو سانت بطرسبرغ.