الوقت- تناول موقع غلوبال ريسيرش الكندي في مقال للكاتب "فيليب جيرالدي" الحال الذي أمست عليه سوريا بعد سبع سنوات من الحرب التي عصفت بهذا البلد والأطراف الدولية التي خططت لما مرت به سوريا من أزمات.
فقال الموقع: ينص ميثاق الأمم المتحدة، الذي وقعت عليه جميع الدول الأعضاء والذي يحتوي على جميع المعاهدات والاتفاقيات الأخرى، على أن المنظمة ملزمة "بتحديد وجود أي تهديد للسلم أو خرق للسلام أو عمل عدواني" واتخاذ إجراءات عسكرية وغير عسكرية "لإعادة السلام والأمن الدوليين"، و"الشروع في الحرب العدوانية.. ليس جريمة دولية فحسب؛ بل جريمة دولية عليا تختلف فقط عن جرائم الحرب الأخرى لأنها تحتوي في حد ذاتها على الشر المتراكم "، وتنص المادة الأولى من الدستور الأمريكي على أن الكونغرس وحده له سلطة إعلان الحرب، فكيف هذا وأمريكا اليوم هاجمت في يوم 6 أبريل دولة عضوة زميلة في الأمم المتحدة ولديها حكومة سيادية معترف بها دوليا؟ ولم تشكل تلك الدولة العضو تهديدا على أمريكا لا بل إنها لم تهاجم الولايات المتحدة، ولم تكن في حالة حرب مع واشنطن، كما لم تشكل هذه الدولة العضو تنظيم القاعدة أو مجموعة مرتبطة بها ولم يكن من حق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يأذن لأي دولة عضو أخرى بالعمل ضدها، لا بل على العكس من ذلك، كانت تلك الدولة العضو تقاتل بنشاط العديد من الجماعات الإرهابية على النحو الذي حددته الحكومة الأمريكية التي احتلت أراضيها السيادية.

وتابع الكاتب مقاله بالقول: إنني أشير بالطبع إلى الهجوم الصاروخي على سوريا الذي اعترف العديد من النقاد في وقت متأخر بأنه غير قانوني بموجب القانون الدولي والقانون الأمريكي، وقد دعمت الولايات المتحدة مخططات مختلفة لتقويض و"تغيير النظام" على الحكم في سوريا منذ عام 2006، أي قبل فترة طويلة من جلب ما يسمى بالربيع العربي احتجاجات إلى شوارع دمشق، وفي الآونة الأخيرة، تقوم واشنطن بتسلح وتدريب ما يسمى بالمتمردين ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد ظاهريا في آمال غير واقعية بأن يحدث نوع من الانتقال إلى نظام معتدل ومؤيد للغرب، ويبدو أن سياسة البيت الأبيض الحالية تتمثل في الضغط على تنظيم "داعش" والتنظيمات الموالية له والتي تقاتله الحكومة السورية، بينما تطالب أيضا باستبدال الأسد بحجة السماح باستئناف محادثات السلام بين جميع الأطراف، وبصرف النظر عن تلك العلامات العامة، لم يكن هناك أي اهتمام لما يمكن أن يحدث في اليوم الثاني، بعد أن يذهب الأسد.

وأضاف الموقع: حتى لو كانت سياسة الولايات المتحدة مشوشة، هناك أطراف أخرى في المنطقة تعرف ماذا تريد وهم متأكدون تماما ما عليهم القيام فكما تحارب السعودية وقطر حربا غير مرخصة وغير شرعية ضد سوريا فقد كان واضحاُ أن السعودية وقطر المعاديتين للحكومة السورية منذ عقدين بدؤوا في تمويل وتسليح المنشقين داخل البلاد بعد بدء القتال في عام 2011، ومنطقهم هو أن سوريا أصبحت حليفا لإيران والمقاومة بما في ذلك حزب الله، لذا فإن السعوديين يودون رؤية سوريا يهيمن عليها المتطرفون والتي من المفترض أن تؤدي إلى التمييز ضد الشيعة والعلويين والمسيحيين، فضلا عن قطع العلاقات السياسية مع إيران، وفي الواقع، من المرجح أن تتحول سوريا المكسورة إلى حد كبير مثل العراق المجاور، مع وجود أقليات في مأزق حقيقي وانعدام السيطرة المركزية الفعالة.
واستطرد الكاتب بالقول: ترغب تركيا أيضا في رؤية الأسد وسوريا في حالة من الفوضى، ففي 25 أبريل نيسان، هاجمت أنقرة أهدافا كردية في كل من سوريا والعراق، بما في ذلك أفراد "وحدات حماية الشعب"، وتخشى تركيا بشكل خاص من أن تسمح سوريا بإنشاء كيان يهيمن عليه الأكراد على طول حدودهم المتبادلة، ناهيك عن أن تركيا دعمت "داعش" في الماضي، بما في ذلك علاج جراحهم في المستشفيات التركية والسماح لهم بإعادة التجمع في ملاذات آمنة داخل تركيا، وذلك أساسا لأن الجماعة الإرهابية هي عدو للأكراد، كما أن أنقرة زودت الإرهاييين بغاز السارين الذي استخدم في عدة هجمات على المدنيين السوريين والتي ألقي باللوم فيها على الحكومة في دمشق، كما أن إطلاق النار على مقاتلة روسية في ديسمبر / كانون الأول 2015 قد يكون أيضا محاولة لرسم الولايات المتحدة والناتو على أنهم في حالة حرب ضد الأسد وموسكو، ومن المفارقات التي ينبغي ذكرها أيضاً أن الجانبين لعبا محاولة واضحة جدا لإسقاط الأسد والتي قد دمرت أي مصداقية لدى أردوغان، وهذا سيؤدي إلى إضعاف سيطرة الحكومة المركزية السورية وتسليم الأمر إلى المتمردين ورجال القبائل المحلية الأمر الذي سيؤدي إلى ضمان ظهور دولة كردية، ولكن يبدو أن أنقرة لا تفكر في ذلك.

واختتم الموقع: وأخيرا، هناك إسرائيل، التي هي على عكس خصوم سوريا الآخرين، حيث تسعى إلى زعزعة استقرار جارتها منذ أكثر من 20 عاما، فكانت خطة يينون لعام 1982، التي صيغت عندما كان سياسي متشدد رئيسا للوزراء، وقد عرضت في ورقة بعنوان "استراتيجية لإسرائيل في الثمانينات"، وأكدت أن أمن إسرائيل لن يكون مضمونا إلا إذا كان جيرانها في حالة انفصال ويعودون إلى دوائرهم القبلية والعرقية والدينية، التي تم دمجها بشكل تعسفي في الدول القومية الفردية من قبل القوى الإمبراطورية بعد الحرب العالمية الأولى، وتضمنت خطة بينون توصيات للعمل العسكري لإنجاز ما لا يمكن القيام به بشكل أكثر سرية، بما في ذلك الغزو الإسرائيلي لسوريا لكسر البلاد فالعالم العربي المجزأ سيزيل جميع التهديدات التي يتعرض لها بقاء إسرائيل.