الوقت- في زمن المؤامرات والحروب، وبعد كشف الأقنعة عن المستور من حقيقة الوجوه التي كانت للأمس القريب تتخفى بظل شعارات قومية حينا وإسلامية أحيانا أخرى. أصبح الشك والريبة هو الأساس في التعاطي وتقييم الموقف من أي خطوة تُقدم عليها بعض الجهات والدول. وهذا الأمر ينسحب بشكل دقيق وكامل على الموقف من أي أمر يخص مشيخات ودول الخليجیة.
إنها قطر وما أدراك ما قطر، وما الأدوار التي أدتها وتؤديها في الحروب المنتشرة على مساحة العالم العربي، هي مشيخة تحاول وضع نفسها بمصاف الدول، من خلال ما تمتلكه من دولارات ومن خلال أسطول إعلامي أتقن صنع الفتن فأسقط خلال خريف العرب دولا ورفع أخرى. ولا زال هذا الإعلام (الجزيرة وأخواتها) ورغم انكشافه يبث الفتن ويحض على التخريب في دول كسوريا والعراق في مسير مواز للدعم المالي والتسليحي الذي تؤمنه المخابرات القطرية لجماعاتها الإرهابية التي تتآكل هذه الدول.
مؤتمر تحت عنوان "العرب والكُرد: المصالح والمخاوف والمشتركات" إنه جديد قطر. حيث تستضيف هذا المؤتمر منذ السبت إلى اليوم، مؤتمر ينظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" استقطب مجموعة من الباحثين الأكراد من كل من سوريا والعراق، والهدف دراسة جذور القضية الكردية في المنطقة، كما يأتي المؤتمر ضمن سلسلة مؤتمرات العرب والعالم التي تنعقد سنويا في الدوحة.
وهنا لا بد من سرد بعض الملاحظات حول هذا المؤتمر بالتحديد:
الملاحظة الأولى أن المؤتمر ومن خلال التدقيق بهوية المشاركين، استقطب فقط باحثين وأساتذة جامعات أكراد عراقيين وسوريين ولم يستقطب أساتذة من العراقيين والسوريين العرب الذين يمكن لهم أكثر من أي باحث آخر عربي الخوض في نقاشات وبحوث عميقة للوصول إلى خلاصات واضحة. بل اكتفى ببعض الأساتذة والباحثين والصحفيين من دول الخليجیة أمثال قطر والسعودية.
الملاحظة الثانية، يمكن وصفها بأنها تقنية فالمركز وكما أشرنا يقيم مؤتمرات سنوية تحت عنوان العرب والعالم، يستضيف نخب عالمية من دول غير عربية، فما السر الذي جعل المركز يغير وجهته لاستضافة مكون يعتبر من ضمن الدول العربية وليس خارجا عن نطاقها. بل هو أي المكون الكردي قومية متواجدة في عدة دول عربية وغير عربية وهناك مساع لفصله عبر تشكيل دولة خاصة به، وهذا الأمر الغير مقبول على الإطلاق من قبل محيطه. لذلك لا بد من الالتفات إلى حقيقة الموقف القطري من هذا الأمر وفي هذا التوقيت بالذات.
الملاحظة الثالثة، اختصر المؤتمر المدعوين على شخصيات كردية من سوريا والعراق دون تركيا. قد يقول البعض أن تركيا ليست دولة عربية هذا صحيح، ولكن مناطق تواجد الأكراد في تركيا هي مناطق ذات طابع سكاني عربي. ومن أجل معالجة كاملة وشاملة ودقيقة للعلاقات الكردية العربية ولجذور الأزمة بين القوميتين لا بد من استضافة هذه الشريحة.
بعد وضع هذه الملاحظات أمام القارئ، من الجيد الإشارة إلى بعض السياسات القطرية التي ينتهجها مشايخ قطر بهدف جعل مشيختهم التي تقل مساحتها عن 12 كيلومتر مربع بمصاف الدول الكبرى، فقطر تطرح نفسها اليوم وسيطا بين السعودية والأطراف اليمنية الرافضة للعدوان، في محاولة منها لاكتساب نفوذ ما على الساحة اليمنية والخليجية بشكل عام.
موضوع المختطفين القطريين الذين تم تحريرهم منذ أيام في العراق لا زال في الأذهان، كذلك ما كشفه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن فضيحة الحقائب التي تحوي مئات الملايين من الدولارات والتي كان الوفد القطري قد أحضرها معه. مسالة أثارت تساؤلات كثيرة حول وجهة هذه الدولارات؟ هذا الأمر يؤكد الطريقة القطرية في التعاطي مع الملفات الساخنة في المنطقة من موقف القوي ماديا والذي يستطيع السيطرة على الأمور من خلال هذه الأموال.
كل هذه الأمور والملاحظات تشير إلى أن قطر إنما تحضر نفسها للتدخل في الموضوع الكردي السوري والعراقي بالتحديد. خاصة أن هناك توجهات من قبل أطراف كردية عراقية على رأسها مسعود بارزاني بالانفصال التام عن حكومة بغداد وتأسيس دولة كردستان العراق المزعومة مستفيدا من الظروف الأمنية الصعبة التي تمر فيها المنطقة.
خلاصة الكلام نعم يا أخوتي هذا الزمن باتت فيه المؤتمرات غطاءً للمؤامرات الدموية فاحذروا. وقد اختبرنا قطر مسبقا في فن المؤتمرات وجلسات الفنادق الفخمة التي لم تؤدي إلى اليوم سوى إلى مزيد من التطرف والإرهاب والدمار في بلادنا العربية والإسلامية.