الوقت- إن إزدواجية المعايير أصبحت من أهم ما تتصف به السياسة الأمريكية، والأدلة على هذا الموضوع كثيرة، في وقتٍ أصبحت فيه الشعوب تعي حقيقة الأهداف الأمريكية. ولعل الحديث عن دعوة رئيسة منظمة منافقي خلق الإرهابية مريم رجوي لإلقاء محاضرة أمام الكونغرس الأمريكي، هو من الأمور المضحكة، حينما نعرف أن المحاضرة ستكون حول تنظيم داعش ومكافحة الإرهاب. فكيف للإرهاب أن يتحدث عن مكافحة الإرهاب؟ سؤالٌ لا يستطيع الأمريكي أن يجيب عنه، لأنه أثبت أنه في خانة الإرهاب يقع. لكن السؤال الأبرز والذي هو برسم الإدارة الأمريكية: كيف تدعي أمريكا أنها تحترم حقوق الشعوب، وتستضيف من قتل أكثر من 17 ألف إيراني؟ حتماً إن الجميع يعرف الإجابة. فماذا في مجريات الدعوة؟ وما هي دلالاتها؟
أولاً: مجريات الدعوة :
دعت لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب الأمريكي رئيسة منظمة منافقي خلق مريم رجوي، لإلقاء كلمةٍ أمام الكونغرس. وقد جاء في برنامج هذه اللجنة، أن رجوي والمقيمة في باريس، ستلقي محاضرة تحت عنوان "داعش والشام، تعريف العدو"، وذلك خلال جلسة استماع عبر نظام فيديو كنفرانس في 29 نيسان .
وفي وقتٍ رحب فيه بعض نواب الكونغرس، ظهرت أصوات معارضة للخطاب، وأبرزهم كان روبرت فورد السفير الأمريكي السابق لدى سوريا، ودانيال بنجامين، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب، والذين اعترضوا من منطلق أن المنظمة كانت على لائحة الإرهاب الدولي منذ 3 سنوات. وقد أشارت تقارير نشرها الإعلام الغربي عن علاقاتٍ مفتوحة بين المنظمة الإرهابية وأعضاء في الكونغرس. فقد أشارت هذه التقارير الى علاقة وثيقة تجمع المنظمة، مع كبار أعضاء الكونغرس الذين يتهمهم أعضاءٌ آخرون بالنفاق، ودفع مبالغ كبيرة لدعم هذه المنظمة. ويعتبر روبرت مينينديز أحد أعضاء مجلس الشيوخ الذي تربطه علاقات حميمة مع منافقي خلق، وهو الذي أجبر على التنحي من منصبه في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بسبب دعمهم مالياً .
ثانياً: دلالات الدعوة :
إن دعوة مريم رجوي لإلقاء خطابٍ متلفز أمام الكونغرس، له الكثير من الدلالات والتي لابد من الوقوف عندها ويمكن اختصارها بالتالي:
- إن دعوة أمريكا لطرفٍ إرهابيٍ لإلقاء كلمة أمام الكونغرس يدل على زيف إدعاءات أمريكا بمحاربتها للإرهاب. كما أن محاولتها تقديم نفسها على أنها تدافع عن حقوق الإنسان، هي ليست إلا من ضمن السياسة الترويجية التي تعتمدها أمريكا عندما تقدم نفسها. وهنا لا يمكن لواشنطن أن تدعي ذلك، في وقتٍ تدعو فيه طرفاً كمنافقي خلق، وهي الجهة التي قتلت 17 الف أيراني.
- أثبتت أمريكا أنها دولة غير قابلة للثقة وللاعتماد بسبب زيف إدعاءاتها وعدم احترامها مشاعر الشعوب، لا سيما مشاعر الشعب الإيراني من خلال دعوتها لمريم رجوي .
- كما أن دعوة طرفٍ إرهابيٍ للحديث عن محاربة الإرهاب، يدل على إزدواجية المعايير في السياسة الأمريكية، ويرسخ حالة النفاق السياسي الأمريكي. فكيف يمكن لرئيسة منظمة خلق الإرهابية والتي قتلت الاف الإيرانيين أن تحاضر في محاربة الإرهاب؟
- تعتبر الدعوة محاولةً من اللوبي الصهيوني للاعتماد على بعض أعضاء الكونغرس والمعروفين بصداقتهم لمنافقي خلق، حتى أن بعض التقارير تشير الى دعمهم مالياً لهذه الحركة الإرهابية. والهدف من ذلك قد يكون محاولة إيجاد خللٍ في المحادثات النووية، والتأثير على مجرى المفاوضات.
- إن سياسة أمريكا القائمة على الفتنة وإيجاد الاختلافات وتغذيتها، هي إحدی النوايا المبيتة من هذا الخطاب. فالهدف من هذه الكلمة هو الإظهار للعالم وجود شرخٍ بين الإيرانيين، وهو ما يدحضه الواقع أصلاً، لأن منظمة منافقي خلق ليست مقبولة على الصعيد الشعبي الإيراني.
- إن الشعب الإيراني معروفٌ بولائه لوطنه ولمصالحه القومية، وهذا ما سيرتب على الفعلة الأمريكية نتائج سلبية، فيما يتعلق بصورتها غير المحبوبة أصلاً. مما يعني أن أمريكا أثبتت ومن خلال سياستها، حق الشعوب العالمية في أن تكرهها، لا سيما الشعب الإيراني.
ليس من المنطقي التعاطي مع الموضوع من منطلق الاستغراب. بل إن الهدف من تسليط الضوء على هذه الدعوة الأمريكية، هو إيضاح حجم النفاق في السياسة الأمريكية. فأمريكا التي تدعي دوماً أنها تحارب الإرهاب، لم تكن يوماً ضد الإرهاب. بل إن أمريكا هي في الأصل أم الإرهاب.