الوقت- في عدد آب من مجلة (مومنتMoment) والتي يملكها يهود، تساءل المحرر ( مايكل ميدفيد) وهو يهودي أيضا عن السر في أن كل صناع السينما في أمريكا من اليهود!!
نجحت هوليوود ومنذ بدايات صناعتها السينمائية عام 1910 والحرب العالمية الأولى، الى يومنا هذا في أداء الدور الذي أنشئت من أجله، فكانت بكل جدارة سلاح الحكومات الأمريكية المتعاقبة "الناعم الفتاك"، فكانت وعبر تاريخ امتد لأكثر من مئة عام ترسم في عقل المواطن الأمريكي صورة العدو المفترض بناء على توصيات الحكومة التي استفادت ايما استفادة من الاعلام السينمائي في توجيه أفكار عامة الناس في داخل أمريكا ولتمتد فيما بعد الى العالم كله بعد تطور وسائل التواصل فبقيت هوليوود سلاح الحكومات الناعم انما انتشر تأثيرها ليطال كل العالم.
ومما يؤكد ما ذكرناه أن هوليوود ومنذ نشأتها عملت لصالح الحكومات الأمريكية وسعيا لتطبيق سياساتها وخصوصا العسكرية منها في حروبها مع الدول الأخرى، يمكننا ملاحظة كيف تطورت الأفلام عبر الزمن بحيث أن في كل فترة زمنية حملت الأفلام المنتجة طابعا خاصا وتوجهت الى عدو معين، هذا العدو الذي تحدثت عنه أفلامها هو عينه العدو الذي حاربته أمريكا عسكريا في وقت قصير لاحق. لذا فان عقول الأمريكيين في كل حرب خاضتها دولتهم كانت مهيأة لمحاربة هذا العدو بفضل الصورة التي رسمتها تلك الأفلام بنجاح في رؤوسهم وبدأ من احتلال فلسطين سنة 1948م الى اليوم يمكن لمن يدقق في محتوى الأفلام أن يصبح قادرا على التمييز وفهم حقيقة العلاقة الوطيدة بين هوليوود والحروب الأمريكية.
ففيما بدأت العلاقة بین الکیان الاسرائیلی وامریکا تأخذ بعدا استراتیجیا ووجودیا جاءت سلسلة من الأفلام بمثابة تبریر لاحتلال فلسطين ولتشريع مساعدة امريکا لها. ومن جملة تلك الأفلام على سبيل المثال: أفلام (الوصايا العشر (The (Ten Commandments) في 1956، و(سليمان وملكة سبأ (Solomon and Sheba) في 1959، (وبن هور Ben-Hur) في 1959 كذلك، و(هجرة اليهود (Exodus في 1960، تبنت وجهة النظر الصهيونية لتأسيس الکیان الإسرائيلي، وشرعت الدعم الأمریكي لتلك الدولة الجديدة. على سبيل المثال، صور فيلم «Exodus» معاناة اليهود تحت الانتداب البريطاني وفي ظل ألمانيا النازية، مبررا إنشاء دولة إسرائيل.
حقبة السبعينيات: العرب كإرهابيين في سياق أزمة النفط في أعقاب حرب 1973 وما نتج عنها من حظر للنفط العربي، زاد التوتر بين أمریکا والشرق الأوسط. أظهرت تلك الفترة تعاوناً ـــــ لا بل تواطؤاً ـــــ بين هوليوود والإدارة الأمریكية من أجل نشر فكرة لدى الرأي العام مفادها أنّ العالم العربي يمثل خطراً داهماً على السلم الدولي. بالفعل، روّجت أفلام هوليوود للخطاب السياسي المسيطر، مظهرةً أنّ العنف والإرهاب حكر على منطقة الشرق الأوسط، وجاعلةً من العرب مصدر تهديد وجودي للغرب. من تلك الأفلام نذكر: ملف القدس » (The Jerusalem File) في 1973، «الأحد الأسود (Black Sunday) في 1976. في بداية هذا الفيلم، يقول عضو في البنتاغون لزميل له: "أنا لا أثق بالعرب، إنّهم خطرون جداً، يريدون قتلنا مثلما قتل النازيون اليهود".
مرحلة الثمانينيات كان المشهد الأبرز لأفلام هوليوود يتمحور حول تمجيد مجاهدي أفغانستان الذين قاتلوا ضد الاتحاد السوفياتي ومن أبرز أفلام تلك المرحلة: فيلم The Living Daylights)1987) من سلسلة أفلام جيمس بوند، مغامرات عميل في جهاز الاستخبارات البريطانية إم.أي5 في أفغانستان. يلتقي تيموثي دالتون قائد المجاهدين الذي يبيع الأفيون للروس، ثم يشتري بواسطة ذلك المال الأسلحة لمحاربة السوفيات. يُظهر ذلك الفيلم المجاهدين من زاوية مضيئة جداً ويصوّرهم على أنّهم أبطال وحلفاء لأمریکا. كذلك في فيلم (Rambo III 1988) ، يرسَل سيلفستر ستالون في مهمة الى أفغانستان من أجل إطلاق سراح الكولونيل تروتمان المعتقل عند القوات السوفياتية. هناك، يشاهد تروتمان المعارك التي تشنها طالبان ضد الجيش الأحمر ويكتشف عظمة المجاهدين. وينتهي الفيلم بتلك الجملة المعبرة: "هذا الفيلم مُهدىً إلى شعب أفغانستان الشجاع".
ولا بدّ من ربط تلك المفارقة بسياسة أمریكا الخارجية في المنطقة: في وقت كانت فيه إدارة الرئيس ريغان تسلح الطالبان في أفغانستان بصواريخ ستينغر، وجدت هوليوود من الضروري أن تمجد العرب الأفغان، وأن تقدم صورة جيدة عما سمته «المقاومة المسلمة ضد السوفيات». بذلك تكون هوليوود قد استبدلت صورة العدو العربي بصورة العدو الشيوعي.
فترة ما قبل وما بعد أحداث 11 أيلول: قبل وقوع أحداث 11 أيلول 2001 جرى تهيأة الرأي العام الأمريكي لتلك الأحداث بشكل مثير للريبة. فلمن يتذكر، قبل 11 أيلول، أصدرت هوليوود فيلماً بعنوان (الحصارThe Siege 1998م)، يتنبأ بما سيحصل في 11 أيلول 2001 فهو يدور حول مؤامرة سرية لمجموعة إرهابية متطرفة قريبة من القاعدة تسعى إلى شن هجوم على مانهاتن عبر تفجير طائرة في وسط مدينة نيويورك. أما المفاجأة الأكبر والمثيرة للريبة فهي قول بوش في أول خطاب توجه به الى شعبه من قاعدة للقوات الجوية في لويزيانا، وذلك بعد بضع ساعات من الهجوم على برجي مركز التجارة العالمية في مانهاتن، قائلا: "لا تخطئوا. إنّ حكومة الولايات المتحدة سوف تلاحق وتعاقب المسؤولين عن هذه الأعمال الجبانة". قد يبدو ذلك التصريح عاديا، لو لم يكن النسخة الأصلية لعبارة من سيناريو فيلم «The Siege» قالها بروس ويليس في دور الجنرال "وليام ديفيرو": لا تخطئوا إن الحكومة سوف تقوم بملاحقة وقتل المسؤولين عن هذه الأعمال الجبانة. واليكم الحكم على تلك المصادفة أيضا!
يذكر أنه في 12 أيلول 2001، أي بعد هجمات 11 أيلول بیوم واحد، أرسل الرئيس السابق جورج بوش مبعوثه "كارل روف" الى هوليوود في مهمة سرية. كان على روف طلب المساعدة من مخرجي هوليوود لاقتراح وتصميم سيناريوهات الحرب ضد الإرهاب في العراق وأفغانستان وسواهما. منذ ذلك الحين، يعقد كبار المسؤولين في البنتاغون اجتماعات دائمة مع مخرجي هوليوود من أجل تبادل الأفكار والخروج بسيناريوهات بشأن كيفية مكافحة الإرهاب.
سيطرة اللوبي الصهيوني على صناعة الأفلام الأمريكية ليس بالأمر المستغرب والمخفي ولكن تعمل أمريكا عى السكوت عنه وعدم الحديث بهذا الخصوص لكي لا يثير الجدل داخل المجتمع الأمريكي. ففي 5 نيسان 1996 أدلى الممثل الأمريكي مارلون براندو أثناء حوار له في برنامج أمريكي شهير(لاري كينج شو) والذي يعده لاري كنج (وهو يهودي) بتصريح له على الهواء مباشرة وأعلن على الجمع قائلاً: (اليهود يحكمون هوليود، بل إنهم يملكونها فعلاً!). وبعد هذا التصريح انقلبت أمريكا كلها على مارلون براندو، واتهم بالعنصرية ومعاداة السامية و..إلخ! حتى استسلم في النهاية لهذا الهجوم وأعلن أنه لم يقصد ما قاله. لكن العاصفة التي أثارها تصريحه لم تنته، فلقد تساءل الكثيرون كيف يمكن لأقلية يبلغ عددها 5,2% من عدد السكان في أمريكا أن تسيطر على صناعة السينما في هوليود؟
و فعلا كما يقول البعض ان أردت أن تعرف توجه السياسة الخارجية الأمريكية للمرحلة المقبلة ما عليك الا أن تتابع أفلام هوليوود الجديدة.