الوقت - تحدث ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي على هامش مؤتمر دعم المقاومة الفلسطينية المقام في طهران في حديث خاص "للوقت" عن موقف الحركات والشعب الفلسطيني من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعن قرارات وخطوات الجامعة العربية وتوجهات الأنظمة العربية والإسلامية من القضية الفلسطينية والمخطط الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة وفيما يلي نص المقابلة:
الوقت: في الوقت الذي تحاول بعض الحكومات العربية والإسلامية التقارب بالكيان الإسرائيلي وتناست القضية الفلسطينية، ماهي الرسالة التي تريد توجيهها من خلال هذا المنبر في طهران للعالمين العربي والإسلامي؟
أبو عماد الرفاعي: تأتي أهمية المؤتمر في الوقت الذي يسعى الكثير لشطب وإنهاء هذه القضية ومحاولة الإلتفاف على القضية. حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت اليوم أكثر وضوحاً في دعم الكيان الصهيوني من خلال التصريحات والمواقف التي عرضها ترامب أخيراً أو في ظل سياسة الإحتلال الإسرائيلي التوسعية والإستيطانية والتهويدية في ظل الصراعات التي تجري في المنطقة ومحاولة إبعاد القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي، يؤكد هذا المؤتمر أنّ هذه القضية ستبقى حية، والشعوب الحرة في هذه الأمة ستبقى دائماً داعمةً للشعب الفلسطيني وهذا تأكيد على إعادة البوصلة بإتجاه القضية الفلسطينية ومنع التحريض والإستمرارية في إغراق المنطقة في الصراعات، خدمةً للمشروع الصهيوني الهادف لتفتيت المنطقة وإدخالها في الصراعات العرقية والمذهبية والنقطة الأخرى هي أنّه هناك تحديات كبيرة تواجه القضية الفلسطينية وخصوصاً المسجد الأقصى الذي يحاول الإحتلال الإسرائيلي تكريس الواقع الزماني والمكاني تمهيداً لهدم المسجد الأقصى ويتطلب هذا الأمر لفت نظر الأمة العربية والإسلامية شعوباً وحكاماً ويجب التيقظ بكل قوة وبكل جدية لمواجهة هذه التحديات لدعم الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة. النقطة الأخرى هي تأكيد على أن هذا المؤتمر يعلن بشكل واضح أنّ خيار الشعوب الحرة وخيار الدول التي شاركت في هذا المؤتمر هو دعم الشعب الفلسطيني على كل المستويات وخاصةً دعمه في كفاحه ونضاله ضد الإحتلال الإسرائيلي.
الوقت: كيف تلخص لنا مسار وتوجهات معظم الأنظمة العربية والإسلامية وتقاطعها مع سياسة أمريكا والكيان الإسرائيلي في المنطقة؟
الرفاعي: للأسف القضية الفلسطينية أصبحت تشكل عبئاً لبعض الدول العربية وهي تحاول أن تبقي الإسرائيلي راضياً عنها ومستمراً، من خلال الإنسلاخ والإبتعاد عن القضية الفلسطينية، كما أنّ إغراق هذه المنطقة في الصراعات هي محاولة لإعطاء تبرير للأنظمة العربية وبعض الأنظمة غير العربية بأنّ لها أولويات مختلفة بعيدة عن القضية الفلسطينية وتطلعات شعوب المنطقة، من خلال نظرتها للكيان الصهيوني وطبيعته ودوره في المنطقة. إضافةً إلى ذلك هناك دول وجودها وبقاؤها واستمراريتها قائمة على قوة و بقاء اسرائيل في المنطقة، وإضعاف وزوال إسرائيل في المنطقة هو زوال لهذه الأنظمة، من أجل ذلك هناك بعض الأنظمة التي تحاول أن تعيد خلط الأوراق والدفع بإتجاه المهادنة والمساكنة مع الإحتلال الإسرائيلي والتصعيد مع دول إسلامية وعربية أخرى وهذا بكل تأكيد لن يصب إلا بمصلحة العدو الإسرائيلي. وهذا بلاشك أبعد القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي.
مضيفاً: اليوم هناك وعي بدأ بالتبلور من جديد للشعوب العربية والإسلامية وذلك بسببين الأول: طبيعة وخطورة إسرائيل في المنطقة والسبب الثاني: حجم التحديات والمشاكل التي افرزتها اسرائيل في المنطقة والدعم اللامحدود لبعض الأنظمة العربية وإغراق المنطقة في الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية بالإضافة إلى جعل الشعوب تدرك أنّ كل ذلك يأتي من خلال منع إنهيار إسرائيل ومنع إضعاف هذه الدولة اللقيطة في المنطقة، لأن المقاومة استطاعت بالفعل أن تجعل الإحتلال الإسرائيلي يعيش أزمة حقيقية وجودية بإنتصاراتها ومقاومتها وصمودها في وجه آلة الحرب الصهيونية في عام 2000 في لبنان و2006 وفي عام 2008، 2012، 2014 التي إستطاع الشعب الفلسطيني والمقاومة في لبنان أن يدحرا الإحتلال الإسرائيلي وجعلا الإحتلال الإسرائيلي أمام إنهيارات على كل المستويات النفسية والمعنوية والعسكرية وهذا تطلب إعادة الإعتبار لإسرائيل وحضورها كدولة قوية في المنطقة مما يعني تفكيك المنطقة وإضعافها مما جعل للأسف لبعض العرب أو لبعض الأنظمة العربية أولويات مختلفة وبعيدة عن أولوياتها في دعم الشعب الفلسطيني فهذا الذي يجرى في المنطقة وهذا الذي يحاول فعله الأمريكي والإسرائيلي وبعض الأنظمة العربية.
الوقت: ماهي القرارات والخطوات التي اتخذتها الجامعة العربية لإنصاف الشعب الفلسطيني وإعادة حقوقه ودعمه في مواجهة الكيان الإسرائيلي؟
الرفاعي: للأسف الجامعة العربية منذ نشأتها لليوم، لم تقدم إلى الشعب الفلسطيني إلا خطابات وبيانات لاتسمن ولاتغني من جوع وبالتالي هذه الخطابات والمواقف لم تترجم عملياً على الأرض ولم نرَ أي شيء جيد من الجامعة العربية ولكن المفروض والطبيعي أن تكون هذه الجامعة قادرة على أن تتخذ قرارات تمنع فيها الإنهيار العربي والصراعات التي تجري على المستوى العربي. إضافةً إلى ذلك يجب عليها الوقوف في وجه اسرائيل وسياساتها وأن تدعم الشعب الفلسطيني وخياراته في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي بدلاً من أن تقف متفرجة على مايمارسه الإحتلال الصهيوني من تدمير وتدنيس للمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين.
الوقت: كيف ترى حركة الجهاد الإسلامي خطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم القضية الفلسطينية ولمشروع التحرير ونصرة الشعوب المظلومة؟
الرفاعي: الجمهورية الإسلامية في إيران منذ الثورة الإسلامية أعلنت بشكل واضح موقفها من القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وهذا الموقف يحظى باحترام وتقدير الشعب الفلسطيني ومقاومته. كما أنها لم تبخل يوماً في دعم المقاومة على كل المستويات "السياسية والمالية والعسكرية" وهذا يثمّن لهذه الدولة الإسلامية؛ التي كانت بحق نصيراً للشعب الفلسطيني وسنداً حقيقياً أيضاً. كما أنّ أوّل علم يرفع فوق سفارة لفلسطين كان في الجمهورية الإسلامية، التي أعلنت أن سفارة الإحتلال الإسرائيلي تحولت إلى سفارة لفلسطين، وهذا يعبِّر عن مدى شجاعة وقوة وصدق الموقف الإيراني الداعم للقضية الفلسطينية، بالرغم من كونها في ذلك الوقت ثورة وليدة، وكان حجم التآمر عليها كبيراً جداً من كل حدب وصوب، ولكنها عبرت عن دعمها وموقفها تجاه الشعوب المظلومة. بالإضافة إلى ذلك كان إعلان يوم القدس العالمي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران تأكيداً على أنّ القضية الفلسطينية هي قضية عالمية وليست قضية فلسطينية أو عربية فحسب. وبالتالي هذا يدل على حجم الإدراك الحقيقي لطبيعة ودور إسرائيل في المنطقة، وحجم انعكاسهِ على المنطقة والترددات السلبية التي حملها معه. وليس فقط على المستوى الفلسطيني وإنما على مستوى المنطقة العربية والإسلامية. هذا دليل إضافي لما لهذه القضية من عمق وبعد عربي وإسلامي وأنّ هذه القضية تأخذ مداها على المستوى الفكري والعقائدي لدى العرب والمسلمين.
إعداد: عبد السلام تقي