الوقت - في حوار خاص للوقت مع اللواء المتقاعد والخبير الإستراتيجي والعسكري عبد العزيز مجاهد سلطنا الضوء على القضية الفلسطينية بعيون جزائرية وعلى الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة وعرّجنا على صفحات مناهضي المقاومة وأعدائها فوضحنا أسباب الإنكسارات والهزائم وطرق علاجها فكان لنا اللقاء التالي:
الوقت: ماذا تعني فلسطين بالنسبة للجزائر؟ وما هي أهمية هكذا مؤتمرات وملتقيات لدعم المقاومة والقضية الفلسطينية؟
اللواء الجزائري المتقاعد عبد العزيز مجاهد: أولاً تكمن أهمية هذا الملتقى وهذا اللقاء في تأكيد صمود الشعب الفلسطيني وثبات المساندين الأحرار للقضية الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية منذ نشأتها ونحن في الجزائر نعتبرها حاجز الإسمنت الذي يوحد كل القوى الحرة في الأمة العربية والأمة الإسلامية وحتى كل العالم الشريف أو هي الصاعق المفجر الذي سيفجر كل هذه المنطقة. ونحن نؤمِن بحق الشعب الفلسطيني لأنه حق عادلٌ ومشروع. ولايمكن قبول اغتصاب حق شعب كامل والسكوت عن ذلك.
الوقت: ماهو دور إيران في دعم القضية الفلسطينية برأيكم؟
الخبير الإستراتيجي الجزائري: إيران اولاً بعد الثورة الإيرانية أحدثت تغييراً جذرياً في المنطقة والدليل على ذلك فقدان "إسرائيل" والإمبريالية الغربية إحدى قواعدهم الأساسية في المنطقة، والثورة الإيرانية عملاً منها بمبادئها أغلقت السفارة الإسرائيلية وطردت سفيرها وأحلّت مكانها السفارة الفلسطينية. هذا التغيير وهكذا موقف يدل على أنّها ثورة كاملة وشاملة. وبالنسبة لإيران نحن نرى بأنها إمتداد لكفاح ونضال دام سنوات ونحن اليوم في هذا الملتقى ذكرنا بزيارة السادات للقدس والتي خلقت جبهة الصمود والتصدي والتي كانت تضم حينها الجزائر ليبيا سوريا واليمن وهذه الجبهة صمدت وتصدت للإنحراف الذي قام به سادات وباع القضية الفلسطينية فإيران رفعت المشعل الآن في هذا الملتقى فهو يعتبر إستمراراً لإحياء جبهة الصمود والتصدي لصالح القضية الفلسطينية والفلسطينيين.
الوقت: نشاهد بأن القضية الفلسطينية قد تم تهميشها في الأوضاع الراهنة برأيكم ماهو السبب الذي جعلها قضية ثانوية وجعل الكثير من الحكومات العربية تطبّع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي وربما تصل بهم الخيانة إلى الإعتراف بهذا الکيان؟
الخبير الإستراتيجي مجاهد: أولاً يجب علينا معرفة الإمبريالية وأساليبها وطرقها. فنحن مقصرون في إلقاء الأضواء كاملة على هذه الإمبريالية، استراتيجيتها، أساليبها وكيفية عملها في الواقع. يخطر في بالنا كل هذه الأسئلة؛ كيف تم تهميش القضية الفلسطينية؟ كيف تم تحويل الأنظار عنها؟ وكيف تم تغيير الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي عن هذه القضية ؟ نحن نتذكر من النكسة بعد النكبة أنّ كل القوى الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية تآمروا على القضية الفلسطينية ثم جاءت النكسة سنة 67 وأذكر هنا بعد نكسة 1967 موقف الرئيس هواري بو مدين رحمه الله عندما رفض قبول الهزيمة في 67 وقال إن "الأمة لم تخسر الحرب ولكنها خسرت معركة" لأن الأمة لم تجند ولم تحضّر ولم تدفع بكل امكانياتها في المعركة. إلى أن جاء مخطط روجرس الذي قسم الأمة العربية إلى حزبين أو جبهتين، جبهة مقاومة وجبهة إنبطاح وتطبيع ونحن الآن نرى ونلمس هاتين الجبهتين ومن كان سبباً في النكبة والنكسة هو من المنبطحين اليوم.
الوقت: ماهو رأيكم حول سياسة بعض الدول التي تسعى لتوطيد علاقاتها مع الکيان الإسرائيلي مثل السعودية ؟
عبد العزيز مجاهد: رأيي هو رأي الفلسطينيين لاأحد يملك الحق بأن يتاجر ويزايد بالقضية الفلسطينية، القضية الفلسطينية هي أمر فلسطيني وقرارها قرار فلسطيني وعلى الجميع أن يكونوا في خدمة الفلسطينيين لتحقيق أهدافهم وتحقيق استراتيجيتهم. يجب أن نلقي كل الأضواء كي نعرف حقيقة هذا النظام السعودي ومن الذي أنشأه ولماذا أُنشئ ومن الذي كان السبب في النكبة والنكسة وكيف حدثت هذه المصائب؟! ففي النكسة ألم يُستنزف الجيش المصري في اليمن من 62 إلى سنة 67 من قبل هذا النظام المدعوم من قبل بريطانيا و"اسرائيل"؟ اذاً هذا الشي وهذه العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب بالنسبة للنظام السعودي ليس أمر غريب لأنّهم أُنشئوا لخدمة هذا المشروع ولن يتوانوا في أي ظرف من الظروف أن يتحولوا عنه هذا هو أصلهم وهذه هي مواقفهم وهذا هو تاريخهم الأسود.
الوقت: ماهو دور الجامعة العربية والمنظمات الدولية في إنصاف الشعب الفلسطيني وإعادة حقوقه؟
الخبير الجزائري عبد العزيز مجاهد: لو نظرنا إلى تاريخ نشأة هذه الجامعة وماذا حدث منذ نشأتها إلى يومنا هذا فسنرى أننا خسرنا فلسطين بتأسيس الكيان الصهيوني فماذا كان موقف الجامعة وماذا فعلت؟ ومن الذي طلب التدخل الأجنبي في العراق والتدخل في ليبيا واقامة حصار على سوريا؟ ألم تكن كل هذه الأفعال الشنيعة من عمل الجامعة العربية؟ هذه الجامعة تشتري فيها الدولارات بعض الأنظمة، فهي باختصار تغتصب مواثيقها وهي ليست بجامعة.
الوقت: كيف تقيمون دور الجزائر وموقفها من قضايا العرب وبالأخص الأزمة في سوريا ولماذا أرادوا تدميرها؟
الخبير الجزائري عبد العزيز مجاهد: مواقف الجزائر بالنسبة لسوريا واضحة فمنذ بداية الأزمة ونحن في الجزائر نكرر أنّ الأزمة السورية هي قضية السوريين. ولا أحد له الحق أن يتدخل في شوؤن سوريا وعلى السوريين أن يجدوا الحل فيما بينهم، فقد حاول البعض أن يذهب بقضية سوريا إلى نفس مسار مصر والتطبيع مع "اسرائيل" كما في بعض الدول المستعربة ولمّا رفضت حاولوا بكل الإمكانيات أن يسقطوها ويدمروها وقد أعلن "الأميرال ويسلي كلارك" سنة 1991 في الولايات المتحدة الأمريكية أنّ هناك مخططاً في البنتاغون وصرح بأن "هناك سبعة دول يجب علينا (أمريكا وحلفائها) تدميرها وهي إيران، العراق، سوريا، ليبيا، السودان،الصومال واليمن. إذاً هذه الأحداث كلّها مخطط لها ومبرمجة من سنة 1991ميلادي ولا جديد اليوم ولكننا كلنا مقصرون لأننا لم نُلق الأضواء الكاشفة والكافية ولم نحيط بكل جوانب المخططات المعادية لنا ولمقاومتنا.
إعداد: عبدالسلام تقي