الوقت- في حديثه الى صحيفة الشرق الاوسط السعودية، كرر وكيل الازهر وعضو هيئة كبار العلماء فيه، الشيخ عباس شومان، اسطوانة الاعلام السعودي المشروخة، دون ان يحترم منصبه والمؤسسة التي ينتمي اليها، وان كان الأزهر تحول منذ فترة الى تبع مهمته التصفيق لكل ما يلفظ به الحاكم.
عباس شومان الذي اصبح ببركات حكومة السيسي في سبتمبر/ايلول 2013 وكيلاً للأزهر والذي قد يرشح لمشيخته بعد توارد الكثير من الانباء باستقالة احمد الطيب، اكد على مسألتين في خطابه وهي ما يهمنا هنا: الاولى، خطر التمدد الشيعي! والثانية، شرعية العدوان السعودي علي اليمن.
ونبدأ مع "فضيلة" الشيخ من الاولى، فما الذي تقصده بالتمدد الشيعي؟ هل هو انتشار مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ام الفكر الثوري القادم من الشرق والذي أعقب انتصار الثورة الاسلامية في ايران؟ ولا أظنك تقصد الاولى، لان الازهر الشريف في عهد الشيخ الاكبر محمود شلتوت، في الفترة المعاصرة على الأقل، هو من مهّد لهذا الانتشار، وحينها لم يكن هناك جمهورية اسلامية في ايران ولا "حكومة وميليشيات صفوية" في العراق ولا حزب الله في لبنان ولا انصارالله في اليمن (وان كانت الاخيرة زيدية وليست اثني عشرية).
فماذا يعني جواز التعبد بالمذهب الاثني عشري في فتوى الشيخ شلتوت، غير انه بإمكان اتباع المذاهب الاخرى، التعبد بأحكام هذا المذهب، شأنهم شأن جميع المسلمين الآخرين من ابناء المذاهب "السنية" الاربعة؟!
وما هو الخطر في التمدد الشيعي يا "فضيلة" الشيخ؟ والوهابية المكفرة لجميع المذاهب تنخر مجتمعك وحتى المؤسسة التي تقف انت في اعلى هرمها. هل قتل هذا الفكر احداً؟ هل ذبح مسلماً او مسيحياً؟ هل كفّر مسلماً وأهان حرمة ذمي؟ هل حرق اردنياً او اثيوبياً او سعودياً؟ انظر إلى المجتمعات التي يحكمها او يشكل الشيعة فيها الاكثرية، ستجد التنوع الديني والمذهبي والفكري، وعلى امتداد الهلال الذي أقلق مضاجع حكامكم وسلب من اسيادهم النوم. وبالعكس في العراق المضطرب هذا والذي يذبح فيه الشيعة وغيرهم، فإن حسينيات ومساجد كربلاء وبابل وبغداد وديالى والنجف الاشرف أصبحت ملاذاً لأبناء مذهبك الذين شردتهم العصابات السلفية والوهابية، ولا منّة في ذلك، فهم اخوتنا وبتعبير المرجع السيد السيستاني "انفسنا"، في حين ان نظامك لم يستطع ان يحمي ابناءه من الشيعة، وقتل الشيخ حسن شحاته بنفس الطريقة التي قتل فيها بنو أمية أمامه الحسين بن علي (عليه السلام ).
نعم من حقك ان تخاف من صوت الثورة الاسلامية في ايران وخطابها، لأنك موظف في مؤسسة تابعة لنظام كامب ديفيد والسفارة الصهيونية في قلب قاهرة المعزّ، ولم نجد احداً منكم يتحدث عن الخطر الصهيوني الذي سلمكم سيناء بدون سيادة ليأخذ منكم "ام الدنيا" برمتها ويخرجها من ساحة الصراع.
وماذا تريد ان تفعل من خلال دعوتك بمواجهة التمدد الشيعي وهناك ملايين المصريين ممن يعلنون انتسابهم للأل يا "فضيلة" الشيخ؟ هل ستدفع بمرتزقة محمد حسان ومحمد عمارة والقرضاوي والحويني الى قتلهم وسحلهم في الشوارع؟ وماذا عن عشرات الملايين من الصوفية الذين يفخرون بانتسابهم واتصال طرقهم بسيد الوصيين اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام ).
انت وجماعتك يا "فضيلة" الشيخ في ورطة حقيقية، وكما يقال "الصراخ على قدر الألم" رغم ان آلامك سببها الفشل أمام ولي النعمة من العسكر والخليجيين بعدم القدرة على المواجهة، بالضبط كما يعجزون هم عن المواجهة البرية مع أنصار الله، ولذلك لا أظن كلامك يتعدى ركوب الموجة المالية المدعوة من بلدان الريع النفطي.
ان خطاب الثورة الاسلامية في ايران سينتشر ويتمدد اكثر رغما عنك وعن مشايخ الوهابية وولاة أمرهم عبيد أمريكا... أتعلم لماذا؟ لأنه خطاب الوجدان الانساني المتجاوز لكل العقد والاطر المذهبية والدينية. ولأن مناهضة الظلم والتبعية ومواجهة الصهيونية ووحدة الأمة الاسلامية وحزب المستضعفين في مواجهة المستكبرين، من مبادئ واسس الفطرة التي فطر الله الناس عليها. ولأن نظام كامب ديفيد في مصر حول معظم الناس الى فقراء يبحثون عن لقمة عيشهم في فتات المساعدات الامريكية والأوروبية والخليجية بعد ان كانت مصر زعيمة العالم العربي وفي طليعة بلدانه. فإن قيم ومثل وشعارات الثورة الاسلامية ستبقى تؤرقك وتؤرق نظامك، وأتحداك لو جئت بخطاب مذهبي او قومي من قنوات ايران الرسمية وفي تصريحات قيادتها، بالعكس فهذه فتوى الامام الخامنئي قائد الثورة واضحة والتي يحرم فيها اية إساءة للآخرين ويعتبر مثيري الفتنة الطائفية إما عملاء او جهلاء، في حين ان قنوات سيدتك السعودية وشقيقاتها المتيمات بحب أمريكا والغرب، تنضح بالعنصرية والطائفية.
أما موضوع الحرب السعودية الهمجية على اليمن والتي يشارك فيها نظامك الانقلابي، فلماذا هي شرعية برأيك؟ اذا كان مجرد طلب رئيس مستقيل وهارب يكفي لضرب بلد مسلم ومسالم بأكثر من 600 طن من القنابل (الى الآن) بما يعادل ربع قنبلة هيروشيما، وقتل اكثر من 3000 انسان معظمهم من النساء والاطفال والشيبة وتدمير مرافق الدولة وبناها التحتية على ضعفها وقلتها، فلماذا انقلبتم أنتم على محمد مرسي وأسقطتم نظامه وهو الذي جاء عبر استفتاء جماهيري وعلى خلفية ثورة شعبية لا يشك فيها أحد، غير المرجفين وعبيد الريال السعودي ـ ولماذا تدعم سيدتك السعودية الإرهابيين في سوريا مع وجود نظام شرعي منتخب؟ في حين ان الهارب هادي فقد مستمسكه بالشرعية في فبراير 2014 اثر نهاية فترته الانتقالية والتي جاءت على اساس المبادرة الخليجية للالتفاف على ثورة الشعب اليمني 2011 .
ماذا ستقول لربك يوم القيامة وانت تحمل وزر آلاف الاطفال الذين يقطَع اشلاءهم قصف العدوان السعودي الجبان في كل يوم. نعم الجبان الذي يرتعد منذ شهر تقريباً من مواجهة ابطال اليمن في حرب برية، رغم كل السلاح الذي زوده به الغرب والذي كان يعقد العزم على مرتزقة من باكستان ومصر، فخيب الله ظنه.
عزائنا يا "فضيلة" الشيخ اننا لا ننظر الى مصر من خلالك ومن يماثلوك في الاسترزاق من المتسولين على باب السلطان، لأن في مصر ضمائر حية واصواتاً تصدح بالحق رغم خوفها من غدر الآثمين والمرتزقين. نحن نرى مصر بمحمد عبده وحسن البنا وسعد زغلول وجمال عبدالناصر وخالد الاسلامبولي ومحمد حسنين هيكل وفضيلة الشيخ أحمد كريمة والدكتور كمال الهلباوي وفضيلة الشيخ تاج الدين الهلالي والدكتور أحمد راسم النفيسي، مصر المثقفين والفنانين مثل احمد ماهر وحنان شوقي ووفاء الحكيم، الذين كان بإمكانك ان تستمع اليهم والى مشاهداتهم من العراق، وتسألهم عن من يقتل هناك وكيف يقتل ومن يقتله، قبل ان تتخذ انت وشيخك احمد الطيب اي موقف ضد المظلومين، لمجرد ان تقرير المخابرات الحربية قال لك ذلك وأوصتك الحكومة به.
حقاً لقد أعماكم الريال والدرهم الخليجي الذي ستكوى به جباهكم لاحقاً يوم لا ينفع مال ولا بنون، عندها "ابقى سلمي على الملك سلمان والمشير السيسي وعزة الدوري"!
بقلم: علاء الرضائي
