الوقت- على الرغم من الضخ الإعلامي المكثف الذي قامت به وسائل الإعلام العالمية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، والذي تناولت فيه مستقبل العلاقة الروسية الأمريكية بعد استلام ترامب إدارة الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرة أن الأخير يقوم بمغازلة نظيره الروسي لاعتبارات سياسية يسعى من خلالها لإعادة الدور السياسي لبلاده في الشرق الأوسط، والتقليل من النفوذ والدور البارز الذي تلعبه إيران في المنطقة، والعمل على إضعاف العلاقات الروسية الإيرانية وإحداث شرخ كبير بين البلدين عندما تسنح الفرصة لذلك كما جاء على لسان مسئوولين في البيت الأبيض.
إلا أن هذا الإعلام تناسى نقاط الخلاف الكبيرة بين روسيا وأمريكا والفرق في وجهات النظر تجاه الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط ابتداء من الأزمة في سوريا إلى التسليح النووي وصولاً إلى الجمهورية الإسلامية في إيران والتجارب الصاروخية التي أجرتها والتي اعتبرتها أمريكا استفزازا لها، ولم يستطيع ترامب الصمت حيالها حيث قال في حينها إن "إيران تلعب بالنار" إلا أن وجه نظر روسيا كانت مختلفة تجاه هذه التجارب حيث دافعت عنها قائلة إن قرار مجلس الأمن الدولي لا ينص على منع إيران القيام بهذه التجارب، من ناحية أخرى يجب ألا ننسى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا، إلا أنه بات من الواضح أن الملف الإيراني سيحدد مستقبل العلاقات بين البلدين.
وفي جديد المواقف جددت روسيا وقوفها إلى جانب ایران حكومةً وشعباً، رافضة التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تجارب إيران الصاروخية متهماً إياها بأنها "راعية للإرهاب"، حيث قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف" إن روسيا لاتتفق مع تصريحات ترامب بهذه المسألة، وترى الأمور بشكل مختلف".
وأضاف بيسكوف" إن روسيا تربطها علاقات ودية على شكل شراكة مع إيران ونتعاون في نطاق واسع من القضايا، ونقدر علاقاتنا التجارية ونأمل في توطيدها بدرجة أكبر، وليس هناك ما يدعو لأن تعطل الخلافات السياسية بشأن إيران مثل هذا التقارب".
وأشار بيسكوف إلى أنه "ليس سراً أن مواقف موسكو وواشنطن تختلف جذرياً حول عدد كبير من الملفات الدولية والإقليمية".
وتابع أن اختلاف وجهات النظر بين روسيا و أمريكا يجب ألا تكون عائقا أمام بناء علاقات بينهما تقوم على أساس المنفعة المشتركة.
وختم بيسكوف بالقول إن التحضيرات تجري الآن لإجراء مباحثات بين الرئيس الروسي ونظيره الإيراني حسن روحاني، دون تحديد موعدها.
وفي إطار سعي الولايات المتحدة الأمريكية للتأثير على العلاقات الإستراتيجية بين طهران وموسكو، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية وآخرين أوروبيين وعرب سعي الإدارة الأمريكية لاستكشاف طرق تستطيع من خلالها فك التحالف الدبلوماسي والعسكري بين إيران وروسيا.
وقال مسؤول رفيع المستوى للصحيفة إنه "في حال وجود طرق لدق اسفين بين روسيا وايران فإننا مستعدون لاستكشافها".
وقالت الصحيفة "إن هذه السياسة الناشئة ترمي إلى التوفيق بين تعهدات ترامب لناحية تحسين العلاقات مع الرئيس الروسي، ولناحية تحدي النفوذ العسكري لإيران، أحد الحلفاء الأساسيين لموسكو، في الشرق الأوسط".
ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي ورئيس مركز المصالح القومية في واشنطن ديمتري سايمز أنه في حال قرر الكرملين تقليص إمداداته العسكرية لإيران فمن المتوقع أن نشهد انحساراً ملموساً للعقوبات، على اعتبار "أن الروس لا يؤمنون بالوجبات المجانية". كما قال آخرون إن الثمن قد يتضمن تنازلات أميركية بما يتعلق بموقف واشنطن من الدور الروسي في أوكرانيا.
من جانبهم رأى الخبراء الروس أنه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إقناع بوتين بفك التحالف مع إيران، خاصة أن العديد من الرؤساء الذين سبقوا ترامب حاولوا اعتماد هذه الإستراتيجية لكنهم فشلوا، وفي هذا الإطار أشارت الصحيفة الأميركية إلى "أن إدارة أوباما أمضت سنوات وهي تحاول إقناع روسيا بالابتعاد عن إيران خصوصاً في سوريا إلا أنّ ما شهدناه هو تكثيف البلدين لعملياتهما العسكرية هناك دعماً للنظام السوري".
الجدير بالذكر أن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث بكثرة في هذه الأيام عن العلاقات بين روسيا وأمريكا والسبل المتاحة لزعزعة هذه العلاقة. وعلقت صحيفة "واشنطن بوست" على هذه المسألة، بالقول" نظراً إلى الوجود الإيراني الكبير في المنطقة، من الصعب على ترامب أو أي رئيس آخر التصدي لطهران دون أن يكون لذلك عواقب وخيمة، إذ إن إيران لديها صواريخ تستطيع ضرب القواعد العسكرية الأميركية وحلفاء أميركا في المنطقة، كما لديها شبكة تحالفات حوّلتها إلى أقوى لاعب في الشرق الأوسط".