الوقت- أظهر استطلاع أخير للرأي أن أكثر من نصف الاستكلنديين يؤيدون الاستقلال عن بريطانيا وهنا لابدّ أن نبين الأسباب التي دفعت هذه النسبة الكبيرة إلى الاستقلال عن بريطانيا.
فمنذ عصور مضت خاضت اسكتلندا حروباً عدة من أجل الانفصال، والتي بدأت بعد قيادة ملك إنكلترا إدوارد جيشاً غازياً واحتلاله قلعة ستيرلنغ عام 1276، والتي كانت أحد أهم معاقل اسكتلندا، فحينها دارت المعارك بين الطرفين قبل دخول اسكتلندا في اتحاد مع بريطانيا عام 1707.
واستناداً لاستطلاع الرأي العام، فإنه يوجد مستوى كبير من العداء للإنكليز عند الراغبين في الانفصال ناهيك عن رغبتهم بالشعور أن اسكتلندا ينبغي أن تمتلك هوية سياسية جديدة، وشعورهم بأن هذه فرصة تاريخية لا تتكرر لأن تسلك بلادهم مسلكاً مختلفاً وتتجه اتجاهاً مختلفاً عن اتجاه بريطانيا.
اسكتلندا والاتحاد الأوروبي
اسكتلندا هي إحدى أربع دول تشكل بريطانيا إلى جانب إنكلترا وويلز وإيرلندا الشمالية، وقد صوتت في حزيران/ یونیو الماضي، لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي لكنها ستترك الاتحاد لأن بريطانيا ككل قد صوتت لفعل ذلك.
ويقول القوميون، بزعامة نائب من حزب الخضر، الذي يعدّ من الحلفاء الرئيسيين لرئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستيرجن، إن هذا يعني أنه يجب أن يكون لدى اسكتلندا خيار جديد بشأن مستقبلها إذا لم يجرِ احترام رغباتها كجزء من مفاوضات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وصوت اسكتلنديون كثيرون لمصلحة البقاء في المملكة المتحدة في 2014 بسبب مخاوف من احتمال أن يؤدي الانفصال إلى جعل اسكتلندا تخرج من الاتحاد الأوروبي.
وفي سياق متصل، أعلن الحزب السلوفاكي اليميني المتطرف "سلوفاكيا الخاصة بنا" الممثل في البرلمان، أنه سيطلق حملة جمع توقيعات لتنظيم استفتاء شبيه بالاستفتاء البريطاني، حول خروج سلوفاكيا من الاتحاد الأوروبي، غداة قرار البريطانيين مغادرة التكتل.
وقال ماريان كوتليبا، رئيس الحزب القومي المتشدد على صفحته على "فيسبوك": "لقد آن الآوان لكي تغادر سلوفاكيا أيضاً سفينة التايتانيك التي توشك على الغرق"، وأضاف "فلنبدأ أيضاً اعتباراً من الاثنين 27 يونيو/ حزيران 2016، بتحقيق وعدنا الانتخابي وسنجمع توقيعات من أجل تنظيم استفتاء حول خروج سلوفاكيا من الاتحاد الأوروبي"، وكانت سلوفاكيا التي يبلغ عدد سكانها 5,4 ملايين نسمة، قد انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في العام 2004، وإلى منطقة اليورو بعد خمسة أعوام، وستتولى اعتباراً من 1 يوليو/ تموز الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
ورفض الاسكتلنديون الاستقلال عن بريطانيا في استفتاء مثير للجدل قبل عامين، لكن قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي يبدو أنه كان الدافع الأبرز للحكومة الاسكتلندية، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، لإعادة الكرة من جديد.
واعتبر مؤرخون ومحللون سياسيون إنه في حال انقسمت بريطانيا إلى قسمين عندما تستقل اسكتلندا عنها، فإن بريطانيا ستخسر نحو ثلث أراضيها وقرابة 10 بالمئة من ثروتها وخمسة ملايين نسمة من مواطنيها وكذلك قوة الردع النووي، فاستقلال اسكتلندا سيقسم ظهر بريطانيا إلى الأبد.
الإصلاح والعيش بسلام بعيداً عن بريطانيا
بدوره قال عضو حزب البيئة الاسكتلندي باتريك هارفي إنه مقتنع بأن الانفصال "فرصة لإصلاح الأحوال"، وقال "إذا كان المواطن راضياً عن مستوى الفقر وعن انعدام المساواة فقد يصوت لمصلحة الإبقاء على الوضع الراهن، ولكن لدى اسكتلندا فرصة كي تكون أنموذجاً لمجتمع ديمقراطي صغير ومسالم، مثل كثير من المجتمعات غيرها في شمال أوروبا، وأعتقد أن ذلك سيكون أكثر إلهاماً لمجتمعنا من الوضع الراهن الذي يحكمنا فيه البرلمان البريطاني".
اسكتلندا والنفط والتطور العلمي
لا شكّ في أن هناك خلفية تاريخية للصراع وللوحدة بين اسكتلندا وبريطانيا إلا أن العامل القوي المعاصر الذي أعاد هذا الصراع إلى واجهة العلاقات بينهما، هو الثروة الكبيرة من النفط والغاز التي اكتشفت في بحر الشمال تجاه الشواطئ الشرقية لاسكتلندا، وإذا انفردت استكلندا بعائدات هذه الثروة الضخمة فإنها قد تصبح مثل النرويج من دول أوروبا الغنية، يضاف إلى ذلك تقدمها في مجالات الصناعة والعلوم، وتجدر الإشارة هنا إلى أن أول تجربة ناجحة لاستيلاد كائن حي "خروف" من خلايا حيوانية جرت في اسكتلندا.
هل سيحرك استقلال اسكتلندا باقي دول الاتحاد الأوروبي
يرى كثير من المراقبين أن استقلال اسكتلندا سيدفع الكثير من الحركات الانفصالية إلى الواجهة السياسية من جديد في مختلف الدول الأوروبية، وبشكل خاص بلجيكا وإيطاليا، ولا يبدو أن الاتحاد الأوروبي استطاع أن يقضي على الطموحات القومية داخل الدول الأعضاء، خاصة وأنه يأتي بعد أكثر من 300 عام من تجربة اتحادية مع بريطانيا لا يمكن أن توصف إلا بأنها كانت تجربة فاشلة.
تهرّب بريطاني بعرض الاستقلال الإداري والصحي والتربوي والقضائي على اسكتلندا...
ولإدراك بريطانيا للرغبة الكبيرة في صفوف الاسكتلنديين بالاستقلال اقترحت لندن أن يدور الاستفتاء في اسكتلندا حول خيارين فقط، إما الاستقلال، أو استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه أي شبه استقلال إداري وصحي وتربوي وقضائي، وترفض لندن طرح الخيار الثالث في الاستفتاء، وهو أن تمنح اسكتلندا السيادة على جميع القضايا باستثناء الدفاع والخارجية.