الوقت - في ظل عالمٍ مليءٍ بالتطورات، عدة أحداث دولية مُرتقبة في العام 2017، يمكن أن يكون لها نتائج سياسية على السياسة الدولية. هذه الأحداث، تتميَّز بأنها تتوزَّع على أغلب الجغرافيا العالمية. في حين تشترك الأحداث بغموض نتائجها، لأسباب تتعلق بحجم التعقيدات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي يعيشها عالمنا اليوم. فما هي هذه الأحداث؟ وكيف يمكن الإشارة لأهميتها؟
أولاً: وصول إدارة أمريكية جديدة
سيصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني الحالي. وهنا فإن ترامب الذي فاز في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني من العام المُنصرم، يستعد لتولي منصبه بعدما وعد بإحداث تغييراتٍ جديدة في السياسة الأمريكية محلياً ودولياً. وهنا فإن العالم ينتظر ما سيحمله ترامب من سياسات عملية، بعد اختياره للعديد من المسؤولين في فريقه. فيما يجب الإلتفات للتالي:
- انهت الإدارة الأمريكية عهدها بمشكلات دبلوماسية عديدة أهمها مع الكيان الإسرائيلي بعد قرار منع التوسع الإستيطاني، ومع روسيا بعد طرد إدارة أوباما 35 دبلوماسياً روسياً بحجة التدخل في الإنتخابات الرئاسية.
- تعيش أمريكا أزمات داخلية كبيرة في ظل وعيٍ شعبي يُطالب بالحقوق لا سيما الإقتصادية والإجتماعية.
- ينتظر حلفاء أمريكا الغربيون والعرب، سياسات الرئيس الجديد، غير الواضحة والمُبهمة. فيما يمكن القول إن أمريكا باتت أقرب الى العيش في عزلة دولية، بعد خروجها من نطاق التأثير في أغلب القضايا الدولية.
كل هذه التحديات بالإضافة الى تحديات أخرى، تجعل الحدث الأمريكي بارزاً، في ظل ارتباكٍ أمريكي واضح على الصعيد الدولي.
ثانياً: انطلاق محادثات السلام حول الأزمة في سوريا
حمل العام الجديد بداية منعطفٍ آخر من عمر الأزمة السورية. في حين من المُرتقب إنطلاق أعمال قمة الآستانة والتي ستُعقد نهاية الشهر الحالي بحسب ما هو مُعلن حتى الآن. فبعد إنطلاق اتفاق وقف النار في سوريا، يُنتظر التحضير الجدي للقمة، مع لِحاظ عدم وضوح الأطراف التي تنضوي تحت العباءة التركية. في وقتٍ يبدو واضحاً أن خيارات الدولة السورية معروفة، وستتعامل من موقع القوة والحفاظ على السيادة. ولحين إتمام التحضيرات، سيكون لهذه المحادثات إنعكاساتٍ كبيرة على الملف السوري. الأمر الذي يجب تركه لحينه، مع الأخذ بعين الإعتبار أن الأزمة السورية تقع تحت تأثير العديد من الأطراف الإقليميين والدوليين، وهو ما ينعكس على التطورات في الملف السوري بشكل كبير وبوتيرة متسارعة.
ثالثاً: إطلاق خطة عملية لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي
تتحضَّر وزيرة الخارجية البريطانية تيريزا ماي للقيام بالخطوة القانونية والتي تُعرف بالمادة 50 من معاهدة لشبونة المتعلقة بانطلاق محادثات خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. وهو الأمر الذي سيحصل مع نهاية شهر أذار المقبل وبداية شهر نيسان. في حين من المتوقع أن تدوم المحادثات لأكثر من سنة ونصف، حيث سيكون لذلك انعكاسات على بريطانيا والدول الأوروبية تحديداً. ومن الأمور الأكثر تأثُراً، هي العلاقة الإقتصادية والسياسية بين بريطانيا والإتحاد الأوروبي. فيما تسعى لندن للبحث عن بديل للأسواق الأوروبية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك للتعويض عن الخسارة الإقتصادية التي تعيشها. وهو ما سينعكس على سياسات بريطانيا تجاه المنطقة، لا سيما بعد بروز المساعي البريطانية لعقد صفقاتٍ تجارية وإقتصادية مع الدول الخليجية، لن تكون بعيدة عن المصالح السياسية.
رابعاً: التغیرات في الطبقة السیاسیة في أوروبا
تميل الأمور في أوروبا نحو تغييرات جذرية ستؤدي الى تفكُّك الإتحاد الأوروبي، وحصول العديد من النتائج التي يُنتظر أن تكون مغايرة لما عرفته أوروبا، مع وصول اليمين المُتطرف وخروج بريطانيا من الإتحاد. في حين ترتفع أصوات العداء للمسلمين بين المرشحين في عدة دول. وهنا أبرز ما هو مُرتقب حتى الآن:
- الإنتخابات في هولندا والتي ستحصل خلال شهر آذار من العام الحالي. ولعل من أبرز المرشحين للوصول الى منصب الرئاسة الهولندية، هو غيرت فيلديرز اليميني المُتطرف. فالمسؤول الهولندي أطلق وعداً بإجراء استفتاء شبيه بإستفتاء بريطانيا حول البقاء في الإتحاد الأوروبي. كما أنه معروفٌ بتصريحاته المُحرِّضة على المسلمين، ووعوده بإقفال المساجد ومنع استخدام المصاحف.
- الإنتخابات في فرنسا والتي ستحصل في نيسان وأيار. فيما من المُتوقع فوز مرشح الوسط اليميني فرانسوا فايون، والذي ستنعكس مواقفه السياسية تجاه روسيا وتأييده للرئيس بوتين على السياسة الدولية لفرنسا. في حين يجري الحديث عن احتمال ترشُّح رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية ماريان لوبان صاحب المواقف المعادية للمسلمين والهجرة مع تأييده خروج فرنسا من الإتحاد الأوروبي.
- مع بداية أيلول من العام الحالي، ستبدأ التحضيرات للإنتخابات الألمانية. وسط حديث عن إمكانية خسارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتي تتزعم إئتلاف الأحزاب العجوز والذى يجمع أكبر كتلتين سياسيتين في المانيا (وسط اليمين ووسط اليسار) أمام الأحزاب الشابة الوليدة مثل حزب البديل من أجل المانيا (اليميني القومي) وحزب الخضر. وهو الأمر الذي سينعكس على سياسات الإتحاد الأوروبي والصورة السياسية لأوروبا، مع الأخذ بعين الإعتبار أهمية ميركل لأوروبا عموماً.
إذن يعيش العالم الغربي تطوراتٍ جديدة تختلف عن مساره الطبيعي المعروف بالهدوء والإستقرار. فيما يعيش الشرق الأوسط مساراً نحو مستقبلٍ أفضل، لا سيما بعد نجاح شعوب المنطقة في الحرب على الإرهاب ومن بوابة الأزمة السورية. لنقول إن عام 2017، يحمل الكثير من التغيُّرات، والتي ستكون نتيجة للأحداث المُرتقبة.