الوقت- أثبتت التجربة مرة اخرى فشل العقوبات التي تفرضها امريكا على عدد من دول العالم كما حصل مع ايران ، حيث سعت واشنطن وحلفاؤها الغربيون الى ثني طهران عن حقها المشروع في امتلاك التقنية النووية السلمية لكنها اضطرت اخيراً الى الاعتراف بهذا الحق في اطار الاتفاق الذي تمخض عن المحادثات النووية بين ايران والسداسية الدولية في مدينة لوزان السويسرية يوم الخميس الماضي .
وتسعى واشنطن ايضاً من خلال فرض العقوبات على دول اخرى لإرغامها على التنازل عن سيادتها واستقلالها والسير في فلكها لتحقيق مصالح لا مشروعة كما حصل مؤخراً مع فنزويلا بدعوى ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان وتورطها في قضايا فساد .
وقد اعترفت نائبة وزير الخارجية الامريكي روبرتا جاكوبسون بفشل العقوبات التي فرضتها بلادها على فنزويلا ، مشيرة الى انه لم يعد هناك اي من دول امريكا الجنوبية يؤيد بقاء مثل هذه العقوبات ، وبالتالي فإن سياسة واشنطن تجاه كراكاس قد منيت بالفشل .
وكانت الحكومة الفنزويلية قد توعدت باتخاذ تدابير سياسية واقتصادية تشمل موارد الطاقة ضد أمريكا، كما فرضت تأشيرات دخول على الأمريكيين وقلصت طاقم السفارة الأمريكية في كراكاس بعد اتهامه بالتورط في محاولات لزعزعة استقرار البلاد .
وأعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه لن يسمح بدخول شخصيات أمريكية إلى اراضي بلاده لأن كراكاس تعتبرهم إرهابيين ومنتهكين لحقوق الإنسان ومشاركتهم في قصف دول مثل سوريا والعراق وأفغانستان .
وسمّى مادورو من بين هؤلاء المسؤولين الامريكيين، اضافة الى جورج بوش، نائبه ديك تشيني والسناتور الديموقراطي بوب مينينديس وزميله الجمهوري ماركو روبيو .
ودعا الرئيس الفنزويلي نظيره الأمريكي باراك أوباما إلى تصحيح سياسة الفوضى التي تتبعها واشنطن تجاه فنزويلا داعياً إياه إلى وقف التآمر والإعداد للانقلابات ".
وكان مادورو قد حصل على صلاحيات واسعة من البرلمان تسمح له باتخاذ اجراءات اخرى ضد امريكا خصوصاً في مجالي الأمن والدفاع . وجاءت هذه القرارات في أعقاب اعتقال طيار أمريكي من أصل أمريكي لاتيني بتهمة التجسس في ولاية تاشيرا غرب البلاد .
وعلى الرغم من الحملة الاعلامية المكثفة التي شنتها امريكا لإقناع الدول الاخرى بجدوى العقوبات على فنزويلا ، إلاّ ان هذه الحملة باءت بالفشل حسبما اكدت جاكوبسون .
في هذا السياق نوه الزعيم البوليفي الى انه يفضل لو كان في امريكا مدافع حقيقي عن السلام في كل العالم وليس دولة تحاول توفير تفوقها بالسلاح . فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تعارض أي استخدام للقوة ضد فنزويلا ، وأي محاولات للانقلاب على السلطة في هذا البلد كما تدعم رفع الحصار الاقتصادي عن كوبا .
من جانبه أكد رئيس نيكاراغوا دانييل أورتيغا تمسكه بمبدأ حل جميع النزاعات والخلافات الدولية بطرق سلمية، مشيراً إلى أن بلاده ترفض أي استخدام للقوة ، ناهيك عن انقلاب على السلطة كوسيلة للإطاحة بحكومات شرعية واصفاً ذلك بأنه أمر غير مقبول .
وفي وقت سابق طالب وزراء خارجية البلدان الاعضاء في اتحاد دول أمريكا الجنوبية "يوناسور" في ختام اجتماع في كيتو بإلغاء العقوبات الأمريكية ضد فنزويلا ووصفوا هذه العقوبات بالعدوان الامبريالي .
وجدّد الاتحاد دعوته لواشنطن إلى الامتناع عن اللجوء إلى وسائل قمعية أحادية تتعارض مع القانون الدولي واعتماد حلول بديلة تتمثل بالحوار والوسائل الديمقراطية ، مشيرا إلى أن سياسة فرض العقوبات التي تمارسها امريكا لا فائدة منها ، خصوصاً بعد أن اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بفشل الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا .
وكانت كوبا الحليف السياسي والاقتصادي الكبير لفنزويلا وصفت العقوبات الامريكية بالتعسفية والعدوانية وغير المبررة وتتسبب بتدهور خطير للاجواء في عموم المنطقة .
وأعلن الزعيم الكوبي راؤول كاسترو عن التضامن القوي والثابت مع حكومة فنزويلا، لافتاً الى أن من أهم أهداف مشاركة بلاده في قمة الأمريكيتين في أبريل/نيسان الجاري في بنما سيكون مواجهة محاولات تهديد وعزل فنزويلا فضلا عن المطالبة برفع الحصار الاقتصادي الأمريكي عن كوبا نهائياً .
وتجدر الاشارة الى ان أمريكا سعت مؤخراً الى إعادة العلاقات مع كوبا وإنهاء الحظر التجاري الذي كانت قد فرضته عليها منذ 54 عاما، ما يؤكد اعتراف البيت الأبيض بعدم نجاعة سياسة الحصار الاقتصادي الذي فرضته على هذا البلد وبالتالي عدم جدوى العقوبات التي تفرضها حالياً على حليفته فنزويلا .