الوقت - أفادت وكالة أنباء "رويترز" إنّ دول مجلس التعاون أصيبت بالذهول جراء المكاسب التي حققتها إيران في سوريا، وهي بانتظار ما سيفعله الرئيس الأمريكي القادم "دونالد ترامب" حيال هذا الأمر.
وقالت الوكالة في تقرير لها "لقد عقدت الرياض العزم على حرمان طهران من مكاسبها إن آجلاً أو عاجلاً"، مشيرة إلى أنّ معظم دول مجلس التعاون مستمرة في دعم المعارضة السورية المسلحة، كما أنها تعوّل على قدوم "دونالد ترامب" الذي سيكون مختلفاً عن الرئيس الحالي "باراك أوباما" المتراخي مع طهران" حسب تعبير الوكالة.
وأضاف التقرير: "بالنسبة للسعودية التي تخوض صراعاً إقليمياً مع إيران، فإن سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد على مدينة حلب التي كانت معقلاً لمسلحي المعارضة تعكس ميلاً كبيراً في ميزان القوى في الشرق الأوسط لصالح إيران، وتشعر الرياض بقلق كبير بسبب هذه الانتصارات التي حققتها إيران في سوريا والتي ستعزز نفوذها الممتد من أفغانستان إلى البحر المتوسط".
وأشار التقرير إلى أنّ إيران حققت إنجازاً كبيراً جراء إبرامها الاتفاق النووي مع مجموعة (5+1) في تموز/يوليو 2015، ولا يزال التصدي لها محوراً رئيساً لسياسات دول مجلس التعاون، لكن ليس واضحاً كيف يمكن تحقيق ذلك.
ويرى دبلوماسيون إنه في الوقت الذي تعاني فيه السعودية من هبوط أسعار النفط، وتواصل عدوانها على اليمن، وتشهد العلاقات بينها وبين مصر توتراً، تتساءل الرياض عن حجم الدعم التسليحي الذي تريد أن تقدمه لمسلحي المعارضة السورية، مضيفين إن معظم دول مجلس التعاون باتت تشعر بالغضب من نهج إدارة الرئيس الأمريكي الحالي "باراك أوباما" وتطالبه بنشر قوات أمريكية بأعداد كبيرة، أو تنفيذ ضربات صاروخية ضد القوات السورية".
وأوضح التقرير: "يُنظر إلى ترامب على أنه أكثر حزماً من أوباما، وقد جاء اختياره للجنرال المتقاعد في القوات البحرية "جيمس ماتيس" وزيراً للدفاع، ولـ "ركس تيلرسون" لمنصب وزير الخارجية ليعزز هذا الاعتقاد، لكن لا يزال هناك الكثير من الجوانب الغامضة أبرزها تعبير ترامب عن إعجابه بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" حليف الأسد".
في هذا السياق قال رئيس المخابرات السعودية السابق "تركي الفيصل": "ما تعلمناه من الانتخابات الأمريكية هو انتظار الأفعال لا الأقوال"، فيما ذكر وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" إنه قضى وقتاً في أمريكا للاطلاع على فكر الإدارة القادمة.
في هذه الأثناء لفت دبلوماسي غربي كبير إلى أنّ المسؤولين السعوديين يتطلعون ليروا كيف سيترجم "ترامب" انتقاداته لإيران وإشادته بـ"بوتين" على أرض الواقع، وقال إنّ دول مجلس التعاون تطرح على مساعدي "ترامب" أسئلة بشأن سوريا لتقييم ما إذا كان سيواصل المساعي التي تقودها واشنطن مع دول غربية لتسليح مسلحي المعارضة السورية.
وكان "ترامب" قد أشار خلال حملته الانتخابية إلى أنه قد يتخلى عن مسلحي المعارضة السورية للتركيز على محاربة تنظيم "داعش"، فيما أعرب مسؤولون غربيون عن اعتقادهم بإنّ دول مجلس التعاون تريد اختبار هذه الرؤية.
ويؤكد تقرير "رويترز" بأن قطر والسعودية هما من أكثر الدول المتحمسة لدعم المعارضة السورية عسكرياً والتي تميل إلى مواصلة هذا الدعم.
في هذا الإطار قال "أسعد الزعبي" رئيس وفد التفاوض بـ"الهيئة العليا للمفاوضات السورية" إنّ بعض داعمي جماعات المعارضة المسلحة اجتمعوا مع مستشارين لـ"ترامب" ليتحدثوا عن قضيتهم. وأضاف إنهم لم يتلقّوا رداً من فريق "ترامب"، مشيراً إلى أنّ مستشاري الرئيس الأمريكي المنتخب يريدون أن يسمعوا أكثر مما يجيبوا.
في غضون ذلك قال "سامي الفرج" المستشار الأمني لمجلس التعاون إنّ دول المجلس تحتاج إلى إعادة تنظيم صفوفها، وأن تكون لها وقفة استراتيجية، وأن تدرس كيف ستسعى لتحقيق أهدافها في الفترة المقبلة. وأضاف: "القضية السورية لم تُغلق بعد وستسعى دول المجلس إلى تشكيل إدارة انتقالية في سوريا".
وأشار تقرير "رويترز": "يبدو أنّ أي تصور لأن يكون لدول مجلس التعاون تأثير على المفاوضات مستقبلاً أمراً بعيداً عن الواقع، في ظل عزم الأسد وروسيا وإيران على تحقيق مكاسب من خلال استعادة أراضٍ سيطر عليها مسلحو المعارضة".
لكن "الجبير" قال أمام جامعة الدول العربية في القاهرة إنه إذا فشلت القوى الكبرى في إيجاد وسيلة ضغط فعّالة على الرئيس بشار الأسد، فإنه لن يتسنى التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
وبينما تشعر دول مجلس التعاون بانجذاب تجاه "ترامب" فإنها تشعر أيضاً بأن آراءه لم تأخذ شكلاً نهائياً بعد، ولهذا لا تريد القيام بأي تحرك قد يدفعه للإضرار بمصالحها.
وقال "سامي الفرج" إنه يتوقع من "ترامب" أن يتعامل مع دول مجلس التعاون بطريقة إيجابية؛ فهي لديها الثروة لتسهم في توفير فرص عمل للأمريكيين. وعبّر عن اعتقاده بأن اقتراح "ترامب" أن تتحمل دول المجلس تكلفة إقامة مناطق آمنة في سوريا تستحق الدراسة، حسب قوله.
وأضاف "الفرج": "إذا كان ترامب يريد توفير فرص عمل فليس هناك مجال أفضل من بيع الأسلحة.. ونحن الوحيدون الذين لديهم فائض نقدي".
من جانبه قال وزير الخارجية البحريني "خليفة بن سلمان آل خليفة": "الوضع في سوريا سببه الانفصال من جانب القوى العالمية حيال كيفية التعامل مع الأمر. لذا وفي ظل التغيرات في القيادة السياسية الغربية نأمل في نوع من الالتزام الجديد تجاه هذا الوضع".
ولدى سؤاله عما إذا كان من الواقعي دعم مسلحي المعارضة السورية الذين فقدوا معقلهم الرئيس في هذا البلد أجاب وزير الخارجية البحريني قائلاً: "ماذا ستكون المدينة التالية بعد حلب؟