الوقت- حول المبادرة السياسية التي دفعت القوى السنية العراقية وقبلهم السيد عمار الحكيم لزيارة الأردن ومقابل العاهل الأردني، بين البنود والدوافع والتوقيت، وحول معطيات الميدان العسكري العراقي كان لنا حوار مع القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الإستاذ علي الكنعاني.
الوقت: شهدنا زيارة أبرز القادة العراقيين السنة إلى الأردن للقاء الملك الأردني ومن قبلهم زيارة السيد عمار الحكيم في مسعى لمبادرة سياسية لمرحلة ما بعد داعش، فما هي هذه المبادرة وحول ماذا تدور وهل من بنود وضعت؟
الكنعاني: "مبادرة التسوية الوطنية (هي نفسها مبادرة المصالحة الوطنية)، يعني إمتداد لمشاريع المصالحة الوطنية السابقة ولكن بثوب جديد يرتكز أساساً على الوحدة الوطنية، وخصوصاً بعد إحتلال داعش للمحافظات الثلاث الأنبار والموصل وصلاح الدين، إذ كشفت وجوه الكثيرين من شركائنا السنة، فبات واضحاً من ينتمي للعراق ومن ينتمي لداعش ويدعمها، وبين من كان وطنياً ولكن يمتلك رؤية سياسية مختلفة حول الدستور والقوانين الموجودة وهيكلية الدولة وهؤلاء وإن اختلفوا مع غيرهم من القوى الوطنية إلا أنه لا بد من الأخذ بآرائهم، وبالتالي تأتي المبادرة الوطنية لتوحيد الصف من جديد بعد مرحلة داعش فكفانا صراعات ودماء. كما تستدعي محاسبة من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين طوال الفترة الماضية."
وتابع قائلاً: "فيما يخص البنود، يوجد خطوط عامة وعناوين طرحت في الإئتلاف الوطني الموحد وطرحت على ممثلي الأمم المتحدة في العراق وطرحت على بعض الأطراف السنية، إلا أنه بعد إصدار قانون الحشد الشعبي إعترض البعض على المبادرة وامتنع عن إستلام ورقتها، لكن بالنتيجة نحن متأكدين أن جهود القوى الوطنية العراقية وجهود دول الجوار وخصوصاً الأردن وإيران ستكون مؤثرة، وألفت أنه لا خيار للعراقيين غير هذه التسوية الوطنية فكلنا نعرف أن بديل التسوية هو الحرب والكثير من العراقيين لا يريدون الحرب فنحن نعيش الحروب منذ عقود مضت والجميع متضرر منها سواء الشيعة أو السنة أو الأكراد أو باقي المكونات الأخرى فالحروب لا تنتج سوى الدمار والخراب، ومن هذا المنطلق نحن بأمس الحاجة لمشروع وطني عراقي مدعوم من الداخل ومن الإقليم."
الوقت: لماذا إختيرت الأردن على وجه التحديد للعب هذا الدور؟ ما الجديد الذي يمكن أن تقدمه الأردن والعاهل الأردني في هذا الموضوع؟
الكنعاني: "الأردن لديها دعم للكثير من القوى السنية في العراق كما أنها مقر للكثير من الشخصيات السنية المنخرطة في العملية السياسية في العراق وحتى القوى السنية التي كان لها علاقات مع النظام السابق هي موجودة الآن في الأردن، كما أنها تمثل الدولة المؤثرة على الكثير من الشخصيات والقوى والكتل السياسية الموجودة الآن وهذا واقع لا يمكن إنكاره ولذلك إختيرت الأردن. ألفت أنه هناك دول أخرى مؤثرة في العملية السياسية العراقية كتركيا ومصر ولكن الأردن تعتبر ممراً للكثير من الأمور والأشخاص الذي بالأساس هم يستقرون فيها. بالتالي الأردن لها تأثير كبير على عصب القوى السنية الموجودة في العراق."
الوقت: من ناحية التوقيت هل هناك مستجدات معينة أو تحركات دفعت للتحرك نحو هذه المبادرة الآن تحديداً؟
الكنعاني: "الآن نحن في مقدمات التسوية، والعملية أساساً كان المفروض أن تطرح في مرحلة ما بعد داعش لكن خوفاً من حصول فراغ وحصول شقاق من هذا الطرف أو ذاك تم المبادرة لطرح هذه التسوية، ونعتقد أن لهذه التسوية السياسية مقبولية لدى معظم الأطراف الشيعية والسنية والكردية والعراقيين ككل بإستثناء البعض الذين لهم حسابات خاصة كم لاحظنا رأي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يطرح مشروع الإنفصال عن العراق ويحاول أن يرّوج لهذا المشروع فيما بعض القوى الكردية حاولت فتح حوار مع الحكومة المركزية على قضية الإستقلال، وبالتالي هم يزعمون أنهم يحاولون إقامة تصويت أو استفتاء شعبي في مناطقهم حول هذا الموضوع، وموضوع آخر مختلف عليه هو حدود إقليم كردستان فسمعنا تصريحات بأن حدودهم هي المناطق التي تم السيطرة عليها أثناء صراعهم مع داعش وهذا أمر مختلف عليه ومرفوض وطنياً سواء من السنة أو الشيعة أو حتى بعض الأكراد الذين يريدون الوحدة العراقية ويخالفون الإنفصال."
الوقت: فيما يخص حسابات الميدان، هل بات الحسم في الموصل قريب؟ وهل من معطيات حفّزت التحرك نحو عملية التسوية السياسية؟
الكنعاني: "نعم الحسم في الموصل ليس ببعيد فيمكن أن يقال بشكل إجمالي أن 50 بالمئة أو أكثر من مناطقها قد تحرر، الباقي المحتل من داعش لا يتجاوز الـ40 بالمئة، وبإعتبار أن المناطق الأساسية من الجانب الأيسر للموصل قد تحررت فشملت تحرير أكثر من 47 حي وتبقى حوالي سبع أحياء في هذا الجانب تقريباً، والمناطق الغربية باتت مؤمنة من قبل الحشد الشعبي وصولاً للحدود السورية، كما أن الحشد بات على تخوم تلعفر وهي منطقة إستراتيجية والسيطرة عليها قريب كما أن هناك محاولات لتحرير مطار الموصل، وأذكر أنه لولا الأحوال الجوية القاسية فضلاً عن تواجد المدنيين في المناطق المحتلة من داعش الذي يتمترس بهم وضرورة الحذر في التقدم لما كانت أصيبت عمليات تحرير الموصل بهذا التأخير، إلا أن الحسم في القريب العاجل إن شاء الله."
