الوقت- صادق الكونغرس الأمريكي على مسودة قانون يسمح بتسليم صواريخ محمولة مضادة للطائرات للجماعات المسلحة الإرهابية في سوريا، كما تفيد بعض التقارير بأن الرئيس الأمريكي باراك اوباما قد ألغى قبل أيام القيود لتي كانت مفروضة على تزويد الجماعات الحليفة مع امريكا في سوريا بالسلاح.
لكن اليوم الاحد قام بعض النواب الامريكيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بتقديم مشروع قانون لمنع تسليح الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط وباقي مناطق العالم، وسوف لن يسمح هذا القانون للحكومة الأمريكية بتزويد المنظمات الموجودة على قائمة الإرهاب بالدعم المالي والتدريب والأسلحة.
ان هذه السياسة المتناقضة يمكن ان تشير بأن قضية تسليم صواريخ محمولة مضادة للطائرات الى الجماعات الإرهابية في سوريا هي خطوة دعائية ودبلوماسية الهدف منها دفع سوريا وحلفائها نحو القبول بوقف اطلاق النار مع قرب تحرير حلب، لأن المصادقة على هذا القانون يذكرنا بتسليم صواريخ ستينغر الى المجاهدين الأفغان في الحرب ضد الإتحاد السوفيتي، ومن جهة أخرى تفيد بعض التقارير ان السعودية أقدمت منذ فترة على تزويد الارهابيين بهذه الصواريخ المحمولة لكن على الرغم من هذا كله يجب علينا ان لا نمر مرور الكرام على إقرار مثل هذا القانون الامريكي.
في منتصف شهر أبريل الماضي ومع قرب انطلاق المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في جنيف ترددت تقارير عن وجود خطة جديدة للسي أي إيه وأجهزة مخابرات حلفاء أمريكا الإقليميين بشأن سوريا تقضي بخرق الهدنة الهشة المتفق عليها بين الحكومة السورية ومن يسمون "بالمعارضة المعتدلة" وان يتم تزويد هؤلاء المعارضون المسلحون بأسلحة أكثر تطورا مثل الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات على يد السي أي إيه.
ان هذه الخطة التي تعرف باسم الخطة البديلة أو "الخطة باء" تسمح بتوريد مثل هذه الصواريخ والأسلحة للجماعات الإرهابية مثل جبهة النصرة والجيش الحر من أجل مواجهة القوات الجوية السورية وإستهداف مواقع مدفعية الجيش السوري.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية قد قالت في تقرير لها في شهر فبراير ان المستشارين العسكريين والأمنيين الكبار لاوباما يمارسون ضغوطا عليه ليقبل بتطبيق "الخطة باء" من أجل مواجهة النفوذ الروسي في سوريا، ومنذ ذلك التاريخ انتشرت تسريبات تتضمن تفاصيل أكثر عن نوع الأسلحة التي من المقرر ان تسلم الى الجماعات المسلحة في اطار هذه الخطة السرية.
وقد جرى نقاش حول تنفيذ هذه الخطة في إجتماعات سرية بين رؤساء أجهزة المخابرات الحليفة مع السي أي ايه في المنطقة ومسؤولي السي أي إيه (على الأرجح في الأردن) قبل البدء الرسمي لوقف اطلاق النار في 27 فبراير.
وقد أكد مسؤولو السي أي إيه في هذه الإجتماعات بأن هذه الأسلحة الجديدة سترسل الى المسلحين في سوريا فقط في حال فشل "الخطة ألف" التي تتضمن وقف إطلاق النار ومفاوضات السلام.
أما الرسالة السرية التي أرسلتها أمريكا الى الجانب الروسي فقد تضمت تهديدا ضمنيا بأن المعارضة المسلحة سوف لن تخلي الساحة وان فشل وقف إطلاق النار وإستئناف الحرب الشاملة من جديد سيعرض الطيارين الروس لمخاطر جدية ( في إشارة الى الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات التي تنوي السي أي إيه تزويد الجماعات الإ{هابية في سوريا بها).
وهكذا يبدو ان أمريكا يمكن ان تكرر تجربة تزويد المجاهدين الأفغان بصواريخ ستينغر المحمولة حين سعت واشنطن الى تحويل أفغانستان الى فيتنام أخرى للإتحاد السوفيتي، لكن تلك الخطوة أدت الى دعم الجماعات الإرهابية في المنطقة وتبديلها الى خطر يهدد العالم وحتى الدول الغربية أي "الإرهاب التكفيري".
واذا أخذنا تلك التجربة بعين الإعتبار فمن المستبعد ان تكرر أمريكا والدول الحليفة لها هذا الخطأ الذي لن يؤدي الّا الى تعرض أمريكا وحلفائها الى خطر أكبر وأوسع بكثير.