الوقت- الرئيس الفاقد للشرعية عبد ربه منصور هادي، أحد الأدوات السعودية في اليمن. هكذا يمكن باختصار وصف الرجل. فالسعودية رأس حربة السياسة الأمريكية في المنطقة، لا لحكمتها السياسية بل للوفرة النفطية التي تتمتع بها، تعمل بنفس الأسلوب التي تعتمده سيدتها، فتربي أدواتٍ لها داخل الدول، وتحاول اللعب بهم كورقٍ سياسيٍ لها، لعلها تفرض شروطها. لكن السعودية الباحثة اليوم عن دورٍ لها في المنطقة، والتي تعاني من انتكاساتٍ داخلية وخارجية، لم تتوفق حتى باختيار أدواتها. وأحد أهم هذه الأمثلة، كان الرئيس اليمني الفاقد للشرعية عبد ربه منصور هادي. فكيف يمكن وصف سلوك هادي التابع للأجندة السعودية؟
منذ أن دخلت اليمن عهد الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، دخلت في دوامة السياسة السعودية مباشرةً. فالرئيس هادي أثبت أنه أحد أدوات السعودية في اليمن. لكن الرجل الذي يسعى دوماً لإثبات وجوده، يواجه اليوم حملةً من الإعتراضات عليه وعلى سياساته غير الحكيمة. وإن كان الرجل اليوم غير شرعيٍ بالمعنى السياسي للكلمة، فهو بالأصل ومنذ أن دخل الحقل السياسي، تبيَّن أنه ينتقص الى الحكمة والخبرة السياسية. فهو في الأساس كان يقتصر دوره على تمثيل الرئيس اليمني السابق صالح، في المناسبات ليس أكثر. وبالتالي فقد وجدت فيه السعودية شخصاً مناسباً للإعتماد عليه في سياساتها الداخلية مع اليمن. فهي تريد من ينفذ الأوامر، لكنها لم تتوقع أن يساهم الشخص نفسه، في القضاء على دورها اليمني الداخلي، لإنتقاصه للحكمة والمسؤولية في إدارة الملفات الداخلية.
وهنا تجدر الإشارة الى أن الرئيس الغير شرعي هادي، يعاني اليوم من موجة من الإنتقادات بحقه بسبب مواقفه التي لا تصب في مصلحة اليمن. فهو الذي تحدث عن نقل الحوار الداخلي اليمني الى الخارج وبالتحديد الرياض. مما يزيد من حجم التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية اليمنية، الأمر الذي رفضته الاطراف اليمنية كافة. كما أنه دعا في أكثر من موقف للتدخل الخارجي باليمن من خلال دعوة مجلس الأمن أو الأمم المتحدة للتدخل تحت الفصل السابع، الأمر الذي لاقى استياءاً في الداخل اليمني. فالرئيس الهادي تعهد للسعودية بالعمل وفق أجندتها، مما جعله في موقع المنبوذ سياسياً على صعيد الداخل اليمني، بسبب مواقفه غير الوطنية. ولم يكتف الرجل بدعوة الخارج البعيد عن المصلحة اليمنية، بل حاول ضرب العلاقة الوطيدة التي تجمع اليمن بإيران. فهو الذي حاول في الفترة الماضية، الحديث عن أن إيران تتدخل في الملف اليمني، محاولاً تشويه صورة الدور الإيراني المتعاظم. وكانت تصريحاته حينها، بحق إيران، رد فعلٍ مقصود، على تراجع هيبة سيدته السعودية، وكذلك نفوذ دول الخليج الفارسي. وإن كانت تصريحاته لا تقدم أو تؤخر على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلا أنه سعى دائماً لتغذية الفتنة المذهبية واللعب على الوتر المذهبي ومحاولة شق الصف اليمني. مما جعل الأطراف السياسية توجه له انتقادات متنوعة، كان آخرها إنتقاد حزب المؤتمر الشعبي العام والذي هدده بطريقة غير مباشرة، رداً على ما يعتبرها محاولات هادي شق صف الحزب والتحريض على الفتنة، عبر لقائه بقيادات ما يسمى "اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام" في الجنوب برئاسة عضو اللجنة العامة أحمد الميسري في الخامس من مارس الجاري. وجدد الحزب إدانته واستنكاره الشديدين لما سمّاه "محاولات شق صف المؤتمر الشعبي العام، مؤكداً أن المؤتمر سيظل حزباً موحداً قوياً ولن تنجح أي محاولات للنيل منه أو تمزيقه". وحذّرت الأمانة العامة للمؤتمر "من مخاطر هذه المحاولات على الوطن باعتبارها مقدمة لتمزيق الوحدة الوطنية، معتبرة من يسعون وراء ذلك يستهدفون أمن واستقرار ووحدة اليمن".
لذلك فإن الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي وبما يمثله من نفوذ إقليمي وخاصةً النفوذ السعودي، في الداخل اليمني، بقي مصراً على تزوير الحقائق من خلال إظهار عدم الإستقرار في البلاد، في الوقت الذي استطاعت فيه حركة أنصار الله نقل البلاد الى الإستقرار.
إذاً هي السعودية التي تسعى للسيطرة على الدول من خلال مندوبين لها يديرون مصالحها، على حساب أبناء الوطن والمصلحة الوطنية. وهي التي تحاول أن تقدم نفسها وكأنها لاعبةٌ إقليمية أو دولية. ولكن الأحرى بالسعودية أن تختار أدواتها بحذر وعنايةٍ أكثر. فالنموذج اليمني عبد ربه منصور هادي، لم يكن نموذجاً ناجحاً. والأحرى بالسعودية أن تعرف حجمها في السياسة الإقليمية والدولية. بل الأفضل أن تقنع بوزنها الخفيف الذي لا يرتقي لمستوى الرضا الأمريكي. والأهم من ذلك، أنه على السعودية أن تؤدب أزلامها، وأن تحذرهم من التهجم على دولةٍ بحجم إيران. دولةٍ يسعى الجميع لكسب ودها ورضاها، في زمن التغيرات التي ستطيح بكل من سيتمرد على السيد الوحيد في المنطقة. وهو السيد الإيراني الذي نصبته الأحداث والوقائع، باعتراف أمريكا التي يقال أنها الدولة الأقوى في العالم. وهنا يأتي السؤال الأهم، متى ستستفيق السعودية ومن خلفها؟ أم أنه حينها، سيكون قد فات الأوان؟
