الوقت- قبل أيام قليلة من موعد إجراء الانتخابات العامة الإسرائيلية المقررة في 17 مارس/آذار الجاري تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين مساء السبت وسط تل أبيب ضد رئيس الوزراء المنتهية ولايته وزعيم حزب الليكود "بينامين نتنياهو" .
وهذه التظاهرة وهي الاكبر حتى الآن في الحملة الانتخابية والتي دعت لها منظمة "مليون يد" غير الحكومية شارك فيها رجال أمن سابقين وعدد من الكتاب والفنانين وجمع من الأرامل اللواتي قُتل ازواجهن خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة الصيف الماضي .
وطالب المتظاهرون نتنياهو بالرحيل، مؤكدين أن حكومته قد فشلت في مهامها على جميع الاصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية. كما طالبوا بإبرام اتفاقية تسوية مع السلطة الفلسطينية والتحرك بإتجاه ما يسمى "حل الدولتين " . واتهم المحتجون نتنياهو بالتخبط في إدارة الاوضاع المتأزمة للكيان الاسرائيلي، مؤكدين إنه لا يملك رؤية واضحة لعلاجها .
بدوره هاجم رئيس جهاز الموساد السابق مئير داغان، سياسة نتانياهو، معتبراً أنها شكلت سلسلة من الإخفاقات المتتالية لإسرائيل، مندداً في الوقت نفسه بانعدام أي مؤشر لتوقيع اتفاق مع السلطة الفلسطينية مع استمرار توقف مفاوضات التسوية منذ أبريل/ نيسان 2014.
ووصف داغان أيضاً سياسة نتنياهو على الصعيد الخارجي بأنها مدمرة لإسرائيل، مشيرا في هذا الخصوص الى خطابه الأخير في الكونغرس الأميركي بقوله إنه " أي نتنياهو " لم يحصل على شيء من هذا الخطاب.
ومن الناحية الأمنية، يعاني نتنياهو من اتهامات متعلقة بالاخفاق الكبير الذي حصل بعد عملية استهداف موكب تابع لمحور المقاومة في القنيطرة السورية مؤخراً، وما جره هذا الاعتداء من عملية ردعية قاسية قام بها حزب الله مستهدفا موكبا قيادياً للجيش الاسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، وهو ما تسبب بمزيد من الشلل في معادلة الردع وتكريس العجز الاسرائيلي، ورجحان كفة القوة لصالح المقاومة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الاسرائيلية وارتفاع حدة التجاذب السياسي بين الأحزاب السياسية والتحالفات القائمة وتبادل التهم لاظهار ثغرات الطرف الآخر أظهرت نتائج الاستطلاع ضعف مكانة نتنياهو في نظر الرأي العام الاسرائيلي رغم اصراره على تسويق نفسه على أنه الوحيد الذي يمتلك القدرة والفعل في الكيان الاسرائيلي، والقادر على التمسك بمواصلة بناء المستوطنات والذي لا يهادن ولا يقبل بأنصاف الحلول. وهذا الأمر عبّرت عنه مؤشرات عديدة عكستها تصريحات نتنياهو الاخيرة التي سعى لتوظيفها للاستثمار الانتخابي أو الخروج من ازماته الداخلية عبر محاولة تصديرها الى الخارج.
وفي وقت سابق وعقب الخلافات الحادة بين أقطاب الحكومة الاسرائيلية أقال نتنياهو وزير المالية يائير لابيد – رئيس حزب "يش عتيد" وهو ثاني أكبر حزب في البرلمان الإسرائيلي. كما أقال وزيرة " العدل " وزعيمة حزب "هتنوعا" تسيبي ليفني بسبب معارضتهما لسياسات الحكومة. كما دعا نتنياهو أيضاً الى حل الكنيست " البرلمان" في أسرع وقت ممكن، واجراء انتخابات مبكرة، وهي خطوات تشير الى فقدان البوصلة لدى زعيم حزب الليكود حسبما عبّر عنه بعض المراقبين .
وهذه السلوكيات جعلت نتنياهو عرضة للكثير من الانتقادات من جانب خصومه السياسيين في الداخل الذين يتهمونه أيضاً بادخال الكيان الاسرائيلي في عزلة سياسية تعيقه عن الحركة من شأنها أن تحد من الدعم المادي والمعنوي الغربي الذي يعتاش عليه هذا الكيان. ففي هذا السياق اعلنت بعض الحكومات الغربية معارضتها الصريحة للكيان بسبب تعنته ورفضه للتسوية مع السلطة الفلسطينية، فيما اعلنت دول اوروبية عن نيتها وقف استيراد المنتجات الاسرائيلية إذا ما أصرت حكومة الاحتلال على مواصلة بناء المستوطنات في الاراضي المحتلة وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني .
ومن خلال ما تقدم يبدو ان الفشل يلاحق نتنياهو كظله اينما حل وارتحل نتيجة هزائمه المتكررة امام الفلسطينيين، وكذلك إخفاقه في تسويق الخوف من البرنامج النووي الايراني للعالم، اضافة الى فشله في ادارة الملفات الداخلية وتفاقم الأزمات الاقتصادية خاصة أزمة إسكان المستوطنين وغلاء المعيشة والتفاوت الاجتماعي.
ويرى الخبراء أن نتنياهو يمر اليوم في حالة بائسة وحادة من التخبط السياسي الذي سيؤدي بدوره الى نتائج خطيرة على مستقبل الكيان الاسرائيلي مع ازدياد حدة الازمات التي ضيقت الخناق على هذا الكيان الذي بات يعيش بين ضفةٍ غربية تعيش على فوهة بركان وانتفاضة تشير اليها التقارير الاستخباراتية الاسرائيلية, وتجارب الجولان القاسية، وحرب مع قطاع غزة ما زال صداها يرتفع في الدوائر السياسية والامنية من داخل هذا الكيان.