الوقت -الائتلاف الدولي, التكتل الذي يضم أكثر من أربعين دولة فاعلة, ويشغل الاعلام بصخب, فلا نسمع الا أحداثا وغارات وبطولات لا تترك في الميدان أثرا يذكر !!
سرية تامة تسود عمليات الائتلاف الدولي, الذي تم تشكيله خارج اطر الامم المتحدة, بذريعة قتال تنظيم داعش, فلا يوجد معلومات كثيرة عن عمليات الائتلاف من حيث التوزع الجغرافي للأهداف واماكنها, ولا نسمع عبر الاعلام الا أعدادا وتصريحات عن غارات تقوم بها طائرات الدول التي انضمت الى الائتلاف, وسط غياب لأي معلومات حول نتائج الغارات وتوزعها واهدافها, فالفوضى الاعلامية والأمنية التي تشهدها المنطقة تتيح للائتلاف استغلال الصخب ودوي صوت مدافع الحرب وازيز الرصاص, للاعلان عن بطولات وعمليات تضخم أكثر من حجمها ونتاجها الحقيقي.
فلو كانت فعلا هذه الغرات تستهدف اماكن حيوية ومهمة لداعش, لرأينا الاعلام العالمي الذي يتبع لدول الائتلاف غارقا بالصور والفيديوهات للعمليات البطولية, فهكذا جرت العادة في السلوك الامريكي الذي يعتمد على الاعلام والهرج والمرج الذي يفوق واقع بطولاته احيانا كثيرا .. فأين هوليوود أمريكا والدول التي تتحالف معها من كل ما يشاع ؟؟
ففي ظل حاجة اوباما للبطولات ولأي فرصة تحصن مكانة حزبه في الانتخابات القادمة, وفي ظل الكلام الكثير الذي بات يتردد كل يوم من سوريا الى العراق حول جدوى وحقيقة فعالية الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف, ومدى تأثيرها الفعلي على داعش ونشاطه, وخصوصا في ظل الهجوم الأخير على داعش من قبل الجيش العراقي والقوى الشعبية المساندة له التي تتم في محافظة صلاح الدين وسط غياب تام للتحالف الذي برر عدم مشاركته بأن الحكومة العراقية لم تطلب هذه المشاركة.
فلو كان فعلا لغارات التحالف من جدوى وفعالية, لماذا لم تتقدم الحكومة العراقية بطلب المساعدة من التحالف وسط عملية عسكرية ضخمة جدا ومعقدة وقاسية تحتاج فيها لأي دعم فعلي يساندها ؟؟
ولو كان الرد أن ايران منعت الحكومة العراقية من الاستفادة من التحالف, فإن هذا الكلام غير واقعي لأن ايران تدرك ان تواجد داعش في العراق يهدد أمنها وأن من مصلحتها الاستفادة من أي جهد يساهم في القضاء على داعش, لماذا تمانع وهي التي لم تعارض أي تعاون سابق بين الحكومات العراقية والامريكية يصب في مصلحة العراق وشعبه ؟؟
وفي سوريا لماذا لا تستهدف المجموعات الارهابية في جنوب سوريا التي تشكل خطرا على الكيان الاسرائيلي الحليف الاستراتيجي لامريكا, وتستهدف مناطق الشمال التي تحمل في طياتها واهدافها شبهات واسئلة مبهمة كثيرة حول حقيقتها ؟؟
فعلى الارض السورية, حرب واسعة تجري بين الجيش السوري وحلفائه ضد داعش وجبهة النصرة, وجديدها حملات عسكرية تستهدف تطهير الجنوب السوري ومحافظة حلب, فأين التحالف المزعوم وطائراته التي مهما بلغ عدد غاراتها, لا يوازي جمعها عدد غارات الكيان الاسرائيلي خلال أيام من حربه الاجرامية على لبنان عام 2006 !!
فبعد هذه المدة الزمنية, يكفي التساؤل حول جدوى هذه الضربات الجوية, والجواب كفيل بفضح هذه المسرحية الدولية للتغطية على دعم الارهاب بالمال السعودي والقطري والادارة لعمليات داعش وتموضعاته وتقديم السلاح والدعم الامريكي الذي هطل على الموصل وكوباني عبر الطائرات الامريكية وهذا مؤرخ في سجل الاحداث الاخيرة, فضلا عن الدعم الاسرائيلي الذي يظهر حتى اليوم في الجولان السوري وفي مطار الدور حيث تم اكتشاف اجهزة التنصت الاسرائيلية التي تم تركيبها اثناء سيطرة داعش عليه.
غارات التحالف الدولي, كذبة اخترعها الغرب وصدقها بعض البسطاء ممن يتخذون من الاعلام المغرض بابا لمعرفة الحقيقة, لكن سؤالا يبقى يطرق في الأذن الواعية باستمرار, وجوابه واضح, هل يصدق عاقل أن أكثر من 40 دولة بجيشها ومالها وعتادها قررت مواجهة داعش ولم تستطع تحقيق أي تغيير على مستوى المواجهة أو حتى لم تستطع بغاراتها ان تدحر داعش عن مدينة واحدة, بينما يسطر العراق بامكاناته المتواضعة ودعم بسيط من حلفائه ملاحم بطولية ويطهر اراضيه من رجس داعش, وكذلك سوريا بجيشها البطل الذي يسطر معارك وتقدم بطولي في حلب في الشمال السوري, ودرعا في الجنوب.
أم ان مقصد التحالف الدولي, تصويب توجهات داعش لحفظ حجمها كما هو مخطط وتحديد نقاط تواجدها بما يتناسب مع المخطط الغربي العربي, واقتلاع اي تشكيل يجتمع حول التنظيم لا ينال رضى امريكا وجماعتها من العرب, واستغلال هذه الهجمات بالتسويق لحملة للقضاء على داعش الكاذبة.
فيما يخص تحركات التحالف الدولي في سوريا, أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الضربات الجوية التي يشنّها الائتلاف الدولي ضد تنظيم داعش ليست "جدية وفاعلة"، مشيراً الى أنها لا تساعد النظام السوري. مضيفاً "لذلك، بعد أكثر من شهرين من حملات التحالف لا توجد نتائج حقيقية على الأرض بهذا الاتجاه، فالقول إن ضربات التحالف تساعدنا غير صحيح، لو كانت هذه الضربات جدية وفاعلة سأقول بأننا سنستفيد بكل تأكيد".
كلام الرئيس الأسد, يأتي في ظل تعتيم اعلامي على طبيعة الضربات الجوية والاكتفاء بالاعلان عن عموم المعلومات حولها, وحصر الترخيص للطلعات الجوية بأهداف تنسقها وتديرها غرفة عمليات تترأسها امريكا, وسط ارتفاع الشكوك حول صدقية وفعالية هذه الحملة التي تستهدف داعش, بينما يستمر تدفق الدعم التركي لداعش في الشمال السوري والدعم السعودي القطري في العراق وسوريا, ووقاحة اسقاط الدعم الجوي من الطائرات الامريكية في مناطق سيطرة داعش في العراق.
فما مصداقية الحملة الجوية الغير فاعلة وسط استمرار تقديم الدعم للتنظيم بواسطة امريكا نفسها وحلفائها الاستراتيجيين تركيا والسعودية وقطر؟؟
إن الحديث عن حملات لضرب داعش, هي كلام اعلامي يستر في واقعه سعيا امريكيا لضرب الاقتصاد السوري وتوجيه ضربة للمرافق الحيوية الاقتصادية في الشمال السوري, لاستكمال مسلسل الاعتداء على اقتصاد وسوريا بعد سرقة المصانع من قبل تركيا في الشمال والنفط الذي وصلت كلفته الى مئات ملايين الدولارات, ويستهدف أيضا تحصيل استطلاع جوي للاراضي السورية والتجسس على سوريا عبر استباحة مداها الجوي, فضلا عن استغلال امريكا لداعش لتشكيل فزاعة للدول العربية التي تنكب على شراء السلاح الامريكي بمليارات الدولارات, وتعود امريكا الى استغلال السلاح والمال العربي في عملية تحجيم داعش وبهذا تنفذ مخططها الخبيث بالمال والسلاح العربي وتحرك العجلة الاقتصادية لشركات السلاح الامريكية التي تجني من الدول العربية ارباحا هائلة.
فبين بطولات هوليوودية ونفاق عربي غربي, يبقى الميدان هو الحكم, ووقائعه تثبت ان العدو الأول للارهاب, هي حركات المقاومة ومحورها اللامع, فمن كان بالأمس ارهابيا, هو اليوم يسطر ملاحم بطولية تسحق الارهاب سحقا في سوريا والعراق واليمن ولبنان, ورأس الارهاب العالمي ايران التي كان بالامس القريب يسوق بانها تهدد امن العالم والشرق الاوسط هي سيدة مسيرة سحق الارهاب بامتياز وباعتراف تصريحات امريكية حول الدور الفعال لايران في محاربة الارهاب .. فالحكم لمن عقل واستقام !!
