الوقت- في حين أن أكبر حلم للكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بالأزمة الحالية في سوريا هو سقوط نظام الأسد، واستبداله بنظام علماني يقطع علاقاته بحزب الله اللبناني ويقيم في نهاية المطاف علاقات دبلوماسية مع هذا الكيان، إلا أن التحدي الأكبر له هو أنه لا يستطيع لعب دور مباشر في الصراع الحالي في سوريا لعدة أسباب.
والسبب الأول في ذلك هو أن الكيان الإسرائلي يعتبر بالنسبة إلي الحكومة السورية ومؤيديها وكذلك بعض المجموعات المعارضة لبشار الأسد عدواً، بسبب احتلاله لمرتفعات الجولان السورية في عام 1967، المستمر حتي يومنا هذا. وهذا الاحتلال للأراضي السورية، قضية وطنية وغير حزبية لكل السوريين، ومن هنا فإن أي مجموعة سورية تظهر رغبة تجاه الكيان الإسرائيلي، فإنها ستضر بسمعتها بين الشعب السوري.
والسبب الثاني هو عدم وجود علاقات بين الكيان الإسرائيلي وبعض جيرانه مثل العراق وسوريا ولبنان، والعلاقات المتوترة مع الدول المجاورة الأخري لسوريا مثل الأردن وتركيا. وأي من هذه الدول لا يسمح للكيان الإسرائيلي بالتدخل في سوريا، إما سياسياً أو عسكرياً أو من خلال الحدود أو سلكه الدبلوماسي، وليس مستعداً للتحالف مع الكيان الإسرائيلي في هذه القضية.
وفي ظل هذه الظروف، ليس لحكومة الكيان الإسرائيلي سوي الدور الاستشاري للاتحاد الأوروبي والإدارة الامريكية حول الأحداث الجارية في سوريا، ولا تلعب دوراً رئيسياً في قضايا هذا البلد.
ومع ذلك فإن استمرار بقاء الوضع في سوريا سيحقق مكاسب لهذا الكيان، أهمها انخراط جبهة المقاومة أمام تحركات الكيان الإسرائيلي في هذه المنطقة، كما أن ابتعاد جبهة حماس من محور المقاومة في مرحلة من مراحل الأزمة السورية، كان لصالح الكيان الإسرائيلي.
وبالإضافة إلى ذلك فقد أدت الانقسامات حول سوريا إلى توتر العلاقات بين سوريا وحلفائها بما في ذلك إيران من جهة، والقوى الإقليمية الأخرى مثل تركيا من جهة أخري. وفي هذه الأثناء على الرغم من أن العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وتركيا تشهد بعض التوتر والصعوبة، إلا أن تزايد التوترات بين طهران وأنقرة وخاصة موافقة الحكومة التركية على نشر نظام الناتو المضاد للصواريخ على أراضيها، كانت لصالح الكيان الإسرائيلي.
ولذلك يمكن القول إنه طالما تستمر الأزمة الحالية في سوريا، فإن مصالح الكيان الإسرائيلي ستكون متوفرة، وسوف لن يدخل مباشرة علي خط الأزمة إلا إذا تعرض لهجوم من داخل الأراضي السورية فحسب. ويمكن حدوث هذا السيناريو في ظل سيناريوهين مختلفين فقط.
السيناريو الأول هو أن نظام الأسد يشعر بأنه سيسقط قريباً، ويحتاج إلي هذا الإجراء لتبرير هجوم واسع النطاق على القوات المعارضة. وإن مهاجمة الكيان الإسرائيلي وخلق حالة حرب مع دولة أجنبية، سوف يمكّن الأسد من خلال استخدام حالة الحرب، لتنفيذ هجمات عسكرية واسعة النطاق ضد قوات المعارضة.
والسيناريو الثاني هو سقوط نظام الأسد ووقوع حرب أهلية في سوريا، والتي يمكن أن تمتدّ إلي خارج حدود هذا البلد، سواء من قبل القوات المعارضة أو الموالية لبشار الأسد. وفي ظل هذه الظروف، فإن الكيان الإسرائيلي لا يمكنه تحقيق مصالحه في سوريا إلا من خلال الرد العسكري، وإن كان هذا الكيان بحاجة إلي موافقة ودعم القوى الإقليمية الأخرى مثل تركيا لأي هجوم عسكري على الأراضي السورية. ومع ذلك يبدو أن الكيان الإسرائيلي لا يريد التدخل العسكري المباشر في سوريا، بل يسعي لمتابعة وتحقيق مصالحه في هذا البلد عبر بعض الجماعات المعارضة مثل جبهة النصرة، وذلك للهروب من أي مواجهة مباشرة مع محور المقاومة.
كما يمكن تقييم تواجد مجموعات من جبهة النصرة في جنوب سوريا، والذي تزامن مع تنفيذ عمليات الهجوم الإسرائيلي الجوي علي موقعين للدفاع الجوي السوري في ضواحي دمشق، في هذا السياق أيضاً. ولذلك فمن المتوقع أن نشهد في التطورات السورية تفاعلات كبيرة في المحافظات الجنوبية مثل السويداء ودرعا وخاصة القنيطرة، بمركزية داعش والدعم المعلوماتي لجيش الكيان الإسرائيلي.