الوقت- في الوقت الذي أعلن فيه الكيان الصهيوني نيته نقل قواعد عسكرية من أراضي تصلح للسكن، الى النقب، أصبح خبر توسع الإستيطان الإسرائيلي خبراً عادياً. فالكيان الإسرائيلي اعتاد سياسة العمل ضمن مصلحته والتي دائماً ما تكون على حساب الاخرين. والسبب أن المجتمع الدولي الذي يدعي احترام حقوق الإنسان، هو ليس سوى حارسٍ لمصالح الكيان الإسرائيلي. فماذا في خبر نقل القواعد العسكرية الإسرائيلية الى النقب؟ وما هي دلالاته؟
أولاً: في نقل القواعد العسكرية:
صادق مجلس أراضي الكيان الصهيوني على الإتفاق الذي سبق لوزارة الجيش و سلطة أراضي الكيان توقيعه والخاص بنقل قواعد عسكرية تابعة للجيش من أراضي توصف بذات مستوى طلب عال للسكن فيها إلى النقب، لتمكين الجهات المختصة من إقامة 60 ألف وحدة سكنية على مساحة 7400 دونم من المقرر أن يخليها الجيش تدريجيا وينقل المنشآت العسكرية القائمة عليها إلى النقب بتكلفة متوقعة تصل الى 26 مليار شيكل. جاءت المصادقة بعد شهر من المباحثات والنقاشات المكثفة والتي شارك فيها رئيس الوزراء ومدير عام مكتبه هرئيل لوكر إلى جانب ممثلين عن سلطة الأراضي ووزارتي المالية والجيش.
ويقضي الإتفاق الذي تمت المصادقة عليه بنقل معسكر مطار دوف وإقامة 16500 وحدة سكنية مكانه وكذلك معسكر سيركين وإقامة 12 ألف وحدة سكنية مكانه ومعسكر الإدارة الرئيسية في منطقة رمات غان حيث سيقام 1200 وحدة سكنية مكانه و كرن هكرياه وسط تل ابيب حيث سيقام مكانها 390 وحدة سكنية وقاعدة تل هشومير العسكرية وإقامة 10 آلاف وحدة مكانها وأخيرا معسكر تشرفين حيث سيتم إقامة 15800 وحدة سكنية مكانه.
ومن المقرر أن تبدأ عملية الإخلاء التدريجية عام 2016 وستتواصل على مدى العقد القادم فيما تتوقع المالية الإسرائيلية جني 40 مليار شيكل من خلال عملية بيع الأراضي المذكورة.
وفقا للخطة التي تمت المصادقة عليها ستنشر سلطة أراضي الكيان الإسرائيلي منذ عام 2016 مناقصات لشراء قطع أراضي لإقامة ألاف الوحدات السكنية سنوياً بما يعادل 4000 وحدة سكنية عام 2016 و4500 وحدة عام 2017، 70000 وحدة عام 2018، والاستمرار بطرح عطاءات سنوية بأرقام مشابهة تقريبا حتى الانتهاء من المشروع.
ثانياً: قراءة تحليلية:
إستدراج عروض لتوسيع المستوطنات، هو ليس بجديد على الكيان الصهيوني، وهوالذي أعلن في نهاية شهر يناير الماضي نيته توسيع المستوطنات الموجودة في أربع مناطق بالضفة الغربية وبناء 430 وحدة استيطانية جديدة.
إن التصعيد الإستيطاني الإستفزازي الدائم، والخارج عن الإرادة الدولية هو جريمة حرب تتطلب موقفاً واضحاً من المجتمع الدولي وخطوات ملموسة لمساءلة الكيان الإسرائيلي عن تنصله الدائم وانتهاكه للقانون الدولي والإنساني.
وبالتالي فإن إصرار الكيان الإسرائيلي على المُضي قدماً في إرتكاب جرائم الحرب، وهو ما يعتبر بذاته إثباتاً ودليلاً يجرِّمها، أمام محكمة الجنايات الدولية لانتهاكها القانون الدولي.
ولا بد أن هذه الممارسات تأتي في سياق مخطط إسرائيلي ممنهج ومدروس لفرض مشروع "إسرائيل الكبرى" على أراضي فلسطين التاريخية وتقطيع أوصال الوطن الفلسطيني ومنع اقامة دولة فلسطينية مترابطة الأراضي وقابلة للحياة.
كما أنه لا بد من الإشارة الى أن هذه الجرائم الإستيطانية تهدف الى استغلال أجواء الإنتخابات الإسرائيلية اليوم والتي تجري دائماً على حساب المواطن الفلسطيني وحقوقه وموارده وأرضه.
إن على المجتمع الدولي العمل بشكل جاد وعاجل لدعم الخطوات والجهود الدبلوماسية والسياسية للدولة الفلسطينية، والتي تسعى دوماً لتثبيت حقها السياسي والقانوني والإنساني في الحرية وتقرير المصير، ومحاكمة الكيان الإسرائيلي أمام العدالة الدولية، على جرائم الحرب التي يرتكبها بحق المواطن الفلسطيني وأرضه ورفع الحصانة عنه، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
إنه ومن المعلوم مسبقاً أن كل الجهود التي تبذل لمقاضاة الكيان الإسرائيلي، لن تؤدي الى أي نتيجة. ولكن الشيء العجيب، الى جانب الصمت الدولي، هو الصمت العربي وبالتحديد من دول أنظمة الخليج الفارسي، والتي لا تأتي حتى على ذكر ذلك، بالرغم من ادعائها تبني القضية الفلسطينية.
وهنا يسجل لإيران، ومحور المقاومة الذي تقوده، دورهم الدائم في دعم القضية الفلسطينية. ليس فقط بالسلاح والمال، بل تمتعهم بالجرأة الدائمة، للإعتراف بحق الشعب الفلسطيني، ومحاربة الكيان الصهيوني، وعلى الصعد كافة. فإيران وخلفها محور المقاومة، هم أصحاب الصوت الوحيد الذي يزعج الكيان الإسرائيلي ويقض مضاجعه.